البراكين العملاقة على الأرض تستيقظ

يقع بركان كامبي فليجري غرب مدينة نابولي الإيطالية، ويُعد من أخطر البراكين النشطة في أوروبا. لا يشبه جبل فيزوف المعروف، بل يتكوّن من فوهة عملاقة بقطر 13 كيلومترًا، تشكلت نتيجة انفجارات هائلة في عصور ما قبل التاريخ. يمتد البركان تحت مدينة بوزولي الساحلية، وتزايد نشاطه يثير قلقًا متزايدًا.

يُصنف كامبي فليجري ضمن البراكين العملاقة غير المستقرة، مثل يلوستون في الولايات المتحدة، وكالديرا لونج فالي في كاليفورنيا، وتاوبو في نيوزيلندا، وتوبا في سومطرة. تتميز تلك البراكين بقدرتها على إطلاق ثورات هائلة، تطرح آلاف الكيلومترات المكعبة من الصهارة والرماد والغبار، مما يسبب دمارًا واسعًا وتأثيرات مناخية مثل "الشتاء البركاني".

أظهرت أبحاث حديثة باستخدام ما يُعرف بـ"التحقيق الجنائي للبراكين العملاقة" أن تلك البراكين تستمد طاقتها من خزان صهارة ضخم تحت الأرض، يتغذى باستمرار من الأسفل بصهارة جديدة. الحرارة الناتجة تحافظ على مرونة الصخور المحيطة، مما يسمح بتوسع الخزان دون حدوث انكسار فوري في القشرة الأرضية. لكن عندما يتراكم حجم الصهارة بين 10 آلاف و100 ألف كيلومتر مكعب، تبدأ الضغوط بالتحول إلى اختراقات، مما يؤدي إلى الانفجار. تُحدث تلك الانفجارات قذفًا مفاجئًا وعنيفًا للصهارة عبر شقوق متعددة بسرعات تتجاوز سرعة الصوت، وتترك خلفها فوهة عملاقة.

الأمر المثير للقلق أن عملية التراكم التي تسبق الثوران لا تستغرق آلاف السنين كما يُعتقد، بل أظهرت دراسات في منطقة لونج فالي أن التحضير لثوران ضخم قد يتم خلال أقل من عام. وقد أدى ثوران توبا قبل 74 ألف عام إلى خفض درجات الحرارة عالميًا لعدة سنوات، مما تسبب في تدهور بيئي واسع. ورغم ندرة مثل تلك الثورات، فإن عدم القدرة على التنبؤ الدقيق بها وتعقيدات رصدها تجعل احتمالية تكرارها مسألة زمنية غير محسومة.