هل يموت عدد أكبر من الناس بسبب الحر أم البرد؟

تشير الدراسات إلى أن عدد الوفيات الناتجة عن درجات الحرارة غير المثالية، سواء الباردة أو الحارة، يفوق التقديرات السابقة، إذ تُعزى ملايين الوفيات سنويًا إلى تلك الظروف الجوية. الغالبية العظمى من الوفيات لا تُسجل رسميًا كوفاة بسبب البرد أو الحر، بل تُنسب إلى أمراض مثل أمراض القلب والكلى والتهابات الجهاز التنفسي أو السكري، التي تتفاقم بفعل الظروف المناخية. كبار السن (فوق 65 عامًا) يواجهون الخطر الأكبر.

تشير الأدلة إلى أن تأثير درجات الحرارة المرتفعة أو المنخفضة يُقلص متوسط عمر الإنسان بنحو عام على الأقل. وفي دراسة بريطانية استمرت 50 عامًا، أظهرت البيانات أن غالبية الوفيات المرتبطة بالبرد حدثت لأشخاص لم يكونوا سيموتون في الأشهر الستة التالية. كما أظهرت دراسات في عدة دول أن تأثير درجات الحرارة يُعجّل الوفاة بشكل واضح.

يرسم العلماء علاقة بين مستوى الحرارة ومعدل الوفاة توضحها منحنيات على شكل حرف U تُظهر أن كلا من الحرارة الشديدة والبرودة الشديدة ترفع معدل الوفيات. وتختلف تلك المنحنيات من منطقة لأخرى بحسب قدرة السكان على التكيف الحراري، سواء بيولوجياً أو عبر وسائل التدفئة والتبريد.

من اللافت أن معظم الوفيات المرتبطة بالطقس لا تحدث خلال الأيام المتطرفة من البرد أو الحر، بل في الظروف "الباردة إلى حد ما"، لأن الناس يقضون وقتاً أطول فيها. فعلى سبيل المثال، درجات حرارة بين 10-15 درجة مئوية في المملكة المتحدة تُعد طبيعية، لكنها تزيد من خطر الوفاة بشكل ملحوظ.

دراسة عالمية أظهرت أن نحو 5 ملايين وفاة تحدث سنويًا بسبب درجات الحرارة غير المثالية، أي حوالي 9.4٪ من إجمالي الوفيات. وأظهرت دراسات أخرى أن نسبة الوفيات المرتبطة بالبرد أعلى بأضعاف من تلك الناتجة عن الحر - حتى في الدول الأكثر حرارة. وتؤكد البيانات أن البرد المعتدل هو المسؤول الأكبر عن الوفيات المناخية، لا بالضرورة التجمد القارس.