هل تخلى ستيفن هوكينغ عن حلمه في البحث عن نظرية لكل شيء قبل وفاته؟

ADVERTISEMENT

خصّص ستيفن هوكينغ، أبرز علماء الفيزياء النظرية في العصر الحديث، حياته للبحث عن "نظرية كل شيء" - الإطار الموحّد الذي يُفترض أن يشرح كل القوى والجسيمات في الكون. تسعى النظرية إلى دمج ميكانيكا الكم، التي تصف العالم دون الذري، مع النسبية العامة، التي تشرح الجاذبية وبنية الكون. رغم الجهود الكبيرة، لم يتمكن العلماء من توحيد النظريتين، بسبب تباين مبادئهما الأساسية.

في السبعينيات، نجح النموذج القياسي في توحيد ثلاث قوى أساسية باستخدام ميكانيكا الكم، لكن الجاذبية بقيت خارج المعادلة. ساهم هوكينغ في هذا المجال من خلال أبحاثه حول إشعاع الثقوب السوداء، ما زاد من التفاؤل بإمكانية ربط ميكانيكا الكم بالجاذبية. لاحقاً، ظهرت نظرية الأوتار كمرشح واعد لتوحيد القوى، بافتراض أن الجسيمات الأساسية هي أوتار تهتز، لكنها تتطلب أبعاداً إضافية ولم تُختبر تجريبياً بعد.

ADVERTISEMENT

مع مرور الزمن، أصبح هوكينغ متشككاً في قدرة نظرية الأوتار على تقديم نظرية كل شيء، خصوصاً لما تتطلبه من حلول كثيرة قد تصل إلى 10^500، ما يعرقل التنبؤات الدقيقة. دفعه ذلك لتبني فكرة الأكوان المتعددة، التي تشير إلى وجود أكوان كثيرة بقوانين فيزيائية مختلفة، ما ينفي وجود مجموعة موحّدة من القوانين تنطبق على كل شيء.

ارتبط تحول هوكينغ أيضاً بمعرفته بـنظريات عدم الاكتمال لغودل، التي تُبيّن أن أي نظام رياضي معقّد يحتوي على عبارات صحيحة لا يمكن إثباتها ضمنه. يعني ذلك، وفق هوكينغ، أن الكون يحتوي على جوانب غير قابلة للفهم الكامل بطبيعتها. انعكس ذلك على موقفه تجاه نظرية كل شيء، ليأخذ مساراً أكثر تواضعاً في نهاية حياته العلمية.

ADVERTISEMENT

رغم تخلّيه عن الحلم بنظرية واحدة شاملة، بقي هوكينغ مصدر إلهام في الفيزياء النظرية، حيث جسّد صدقه الفكري واستعداده للمراجعة والشك. ترك بصمته العميقة عبر الأسئلة التي أثارها حول أصل الكون، الزمن، ومستقبل البشرية، ما عزز من إرثه وأثره الممتد في البحث العلمي.

toTop