طالما اعتُبر الضوء، الناقل الأساسي للمعلومات في الكون، أسرع كيان معروف. ففي التجارب اليومية، يسافر الضوء في الفراغ بسرعة مذهلة تبلغ حوالي 299792 كيلومتراً في الثانية (كم/ثانية). ومع ذلك، حقق الفيزيائيون إنجازاً غير مسبوق: إبطاء الضوء إلى 61 كم/ساعة فقط باستخدام مادة كمومية فائقة البرودة. لا يتحدى هذا الاختراق الفهم التقليدي فحسب، بل يُمهِّد الطريق أيضاً لتطبيقات ثورية في الحوسبة والاتصالات وميكانيك الكم. تستكشف هذه المقالة تعريف الضوء وطبيعته، وقياس سرعة الضوء وثباتها، وظاهرة إبطاء الضوء، والمادة الكمية فائقة البرودة، والآثار المترتبة على هذا الإنجاز العلمي.
الضوء ،كما حدده ميكانيك الكم، هو عبارة عن موجة كهرطيسية تُظِهر خصائص تشبه الجسيمات والموجات على حد سواء. يتكون الضوء من الفوتونات - جسيمات عديمة الكتلة تنتقل عبر الفضاء وتتفاعل مع المادة. يمتد الضوء على طيف واسع، من الموجات الراديوية إلى أشعة جاما، حيث يشغل الضوء المرئي جزءاً صغيراً من هذا النطاق.
المُعطيات الاقتصادية عن الصناعات القائمة على الضوء.
تُقدَّر قيمة صناعة الفوتونيات، التي تشمل الاتصالات البصرية وتقنيات الليزر، بأكثر من 600 مليار دولار على مستوى العالم، مع استثمارات كبيرة في أبحاث الألياف الضوئية والبصريات الكمومية. ويُعدُّ فهم خصائص الضوء أمراً بالغ الأهمية لتطوير هذه التقنيات.
تم قياس سرعة الضوء لأول مرة بواسطة أولي رومر (Ole Rømer) في القرن السابع عشر وتم تحسينها لاحقاً من خلال التجارب التي تنطوي على ملاحظات فلكية وتقنيات قائمة على المختبرات. اليوم، يتم تعريفها بدقة على أنها 299,792,458 متراً في الثانية (م / ث) في الفراغ.
المُعطيات الرقمية حول قياس سرعة الضوء.
تقيس تقنيات القياس التداخلي والساعة الذرية الحديثة سرعة الضوء بدرجة ارتياب تقل عن جزء واحد في 10 مليارات، مما يضمن دقة متناهية في الحسابات الخاصة بنظام تحديد المواقع العالمي (Global Positioning System GPS)، وتحديد المواقع الفلكية، وتجارب فيزياء الجسيمات.
وفقاً لنظرية النسبية الخاصة لأينشتاين، فإن سرعة الضوء في الفراغ هي ثابت عالمي، يُمثِّل الحد الأقصى للسرعة في الكون. يدعم هذا المبدأ بنية الزمكان ويحكُم التأثيرات النسبية مثل تمدُّد الزمن وانكماش الطول.
إحصائيات حول التقنيات القائمة على الضوء.
يدعم قطاع الاتصالات العالمي، الذي يعتمد بشكل كبير على الألياف الضوئية، أكثر من 2 تريليون دولار من النشاط الاقتصادي سنوياً. إن القدرة على التلاعب بسرعة الضوء يُمكن أن تُحدِث ثورة في نقل البيانات والكفاءة الحسابية.
على الرغم من ثبات سرعة الضوء في الفراغ، يمكن للضوء أن يتباطأ عندما يمر عبر أوساط مختلفة. تُحدِّد قرينة انكسار المواد (حاصل قسمة سرعة الضوء في الخلاء على سرعته في المادة) مقدار تباطؤ الضوء؛ على سبيل المثال، في الماء (n≈1.33)، يتباطأ الضوء إلى حوالي 225000 كم/ثانية. ومع ذلك، تسمح التقنيات التجريبية للفيزيائيين بتقليل سرعة الضوء بشكل كبير بما يتجاوز ظاهرة الانكسار الطبيعي.
مُعطيات تجريبية رئيسية.
في عام 1999، نجحت الفيزيائية لين هاو (Lene Hau) وفريقها في جامعة هارفارد في إبطاء الضوء إلى 61 كم/ساعة فقط باستخدام مُكثَّف بوز-أينشتاين (Bose-Einstein Condensate BEC)، وهي حالة فائقة البرودة للمادة.
تتشكل المادة الكمومية فائقة البرودة، بما في ذلك مُكثَّفات بوز-أينشتاين، عندما يتم تبريد غاز مُخفَّف من الذرات البوزونية إلى درجات حرارة قريبة من الصفر المطلق (−273.15 درجة مئوية). في ظل هذه الشروط القاسية، تندمج الذرات الفردية في حالة كمومية واحدة، مما يُظهر تأثيرات كمومية عيانية.
الاستثمار الاقتصادي في تقنيات الكم.
تستثمر الحكومات والشركات بشكل كبير في الأبحاث الكمومية، ومن المتوقع أن تصل صناعة الحوسبة الكمومية إلى 65 مليار دولار بحلول عام 2030. يُعدُّ التلاعب بسرعة الضوء في المادة فائقة البرودة أمراً بالغ الأهمية لتطوير الشبكات الكمومية.
عندما يدخل الضوء إلى مُكثَّف بوز-أينشتاين، فإن التفاعلات بين الفوتونات والذرات فائقة البرودة تبطئ الضوء بشكل كبير. يتيح ترابط الدالة الموجية الذرية اقتراناً قوياً بين الضوء والمادة، مما يُقلِّل بشكل فعّال من سرعة الضوء.
المُعطيات التجريبية والرؤى الرقمية.
أثبتت تجارب لين هاو على ذرات الصوديوم في درجات حرارة النانو كلفن أنه يمكن إيقاف نبضات الضوء تماماً وتخزينها، ثم إطلاقها عند الطلب.
تفسير تباطؤ الضوء بواسطة المادة الكمومية فائقة البرودة.
إن القدرة على إبطاء الضوء وحتى إيقافه لها آثار عميقة على الفيزياء الأساسية. إنه يتحدى المفاهيم التقليدية لانتشار الموجات ويوفر نظرة ثاقبة للتفاعلات بين الفوتون والمادة في الجُمل الكمومية.
التفسيرات التكنولوجية.
• الذاكرة الكمومية: يمكن أن يُعزِّز تخزين معلومات الضوء شبكات الاتصالات الكمومية الآمنة.
• الحوسبة البصرية: يمكِّن التلاعب بسرعة الضوء من تطوير أنظمة معالجة البيانات المتقدمة.
التداعيات العلمية.
• تعزيز فهم التشابك الكمومي والترابط،
• المساهمة المحتملة في تحقيق النواقل الفائقة في درجة حرارة الغرفة.
التقدم التكنولوجي.
• الحوسبة الكمومية: تحسين التحكم في البتات الكمومية (الكيوبتات) من خلال تفاعلات الضوء والمادة.
• الاتصالات: طرائق تشفير كمومية أسرع وأكثر أماناً.
يتوقع الفيزيائيون المزيد من التقدم في التلاعب بالضوء، مما يؤدي إلى اختراقات في تخزين المعلومات، والنقل الآني، وحتى البحث في الجاذبية. تهدف التجارب المستقبلية إلى دمج التحكم في الضوء مع بُنى الحوسبة الكمومية القابلة للتطوير.
النمو الاقتصادي المتوقع.
من المتوقع أن يتجاوز سوق الحوسبة الكمومية والأجهزة الفوتونية المتقدمة 100 مليار دولار بحلول عام 2040، مدفوعاً بالابتكارات في التلاعب بسرعة الضوء ومعالجة المعلومات الكمومية.
تُمثِّل القدرة على إبطاء الضوء إلى 61 كم/ساعة باستخدام مادة كمومية فائقة البرودة لحظة تحوّل في الفيزياء. فهي لا تعمق فهم الضوء وميكانيك الكم فحسب، بل إنها تفتح أيضاً إمكانات هائلة للتقدم العلمي والتكنولوجي. ومع تقدم الأبحاث، أصبحت التطبيقات الاقتصادية والعملية للتحكم في سرعة الضوء على استعداد لإعادة تشكيل الصناعات من الحوسبة إلى الاتصالات الآمنة، مما يُعزِّز فكرة أن التلاعب بالضوء يُعدُّ حجر الزاوية للابتكار في القرن الحادي والعشرين.
جزر فارو: حيث يلتقي المحيط بالجبال في مشهد أسطوري
ياسر السايح
صوت ستيفن هوكينج الأبدي
عبد الله المقدسي
يوم في حياة دلهي: خلف كواليس رحلة
شيماء محمود
بعض الطرق لمواءمة عالمك الداخلي مع الشخص الذي تقدمه للآخرين
عبد الله المقدسي
أفضل ثلاثة مواقع لعلم الفلك على كوكب الأرض
شيماء محمود
استكشاف المخاطر الصحية في المغرب: داء المرتفعات، والاحتياطات الصحية، والوصول إلى الرعاية الصحية
جمال المصري
36 شفرة طاقة: ناسا تخطط لإطلاق مروحية بحجم سيارة الدفع الرباعي إلى إنجنيويتيالمريخ بعد خسارة
عبد الله المقدسي
الشيخ طحنون بن زايد يقود أبوظبي نحو الريادة في الذكاء الاصطناعي
حمزه
استكشاف الحاجز المرجاني العظيم: دليل الغواصين إلى عالم تحت الماء في أستراليا
ياسر السايح
واهوو ووتر بارك البحرين: استمتع بالمغامرات المائية في الخليج
ياسر السايح
4خطوات لتعليم الطفل الاعتمادي تحمل المسؤولية
نهى موسى
حاسة الشم عند البشر أقوى مما نتصور
عبد الله المقدسي
5 اختلافات رئيسية بين أكسفورد وكامبريدج
عبد الله المقدسي
جزر مارشال: مغامرة استوائية على الجزر المرجانية
ياسر السايح
رحلة إلى إسطنبول في الذاكرة بين الماضي والحاضر
إسلام المنشاوي
صندوق الآثار العالمي يعزز حضوره لدعم التراث في الدول العربية
جمال المصري
الإسكندر الأكبر: الفاتح الذي أطاح بالإمبراطورية الفارسية ووضع أسس العالم الهلنستي
حكيم مرعشلي
زيارتك الأولى لمدينة مراكش : رحلة إلى قلب الثقافة المغربية
إسلام المنشاوي
أكبر نظام لتخزين الطاقة في السعودية
حمزه
6وصفات من الحلوي بإستخدام مكونيين فقط
نهى موسى
التأثير الغامض لضوء القمر على سلوك الحيوان
جمال المصري
صورة ناسا تكشف عن مسارات شياطين الغبار (Dust Devils) على المريخ
جمال المصري
مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث: من أفضل المستشفيات في العالم العربي
لينا عشماوي
إزمير: مدينة التاريخ والتجارة في قلب بحر إيجة
حكيم مرعشلي
التعرض لضوضاء الطائرات مرتبط بتدهور وظائف القلب
لينا عشماوي
لماذا تعمل الصين على تطوير مفاعل نووي يعمل بالثوريوم يُحدث ثورة في عالم الطاقة؟
عبد الله المقدسي
هل تستطيع الولايات المتحدة أن تظل القوة العظمى في مجال العلوم في العالم؟
عبد الله المقدسي
ما مدى قرب الذكاء الاصطناعي من مستوى الذكاء البشري؟
جمال المصري
ليختنشتاين: وجهة سرية في قلب أوروبا
ياسر السايح
الذكاء الصنعيّ وصل رسميًا إلى طريق مسدود، والعواقب ستكون كارثية
شيماء محمود