button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

اختراق كبير في نظام المناعة قد يعني لقاحات بدون إبر

ADVERTISEMENT

يكفي أن تُراقب بشرتك بنظرةٍ غائبةٍ لتكتشف بعضًا من العمليات الداخلية النشطة لجسمك. تخيّل فقط الكدمات الزرقاء والخدوش الحمراء الناتجة عن اصطدام بشرتك بالعالم الخارجي، أو القيح الأبيض المُفرَز من مواد غير مرغوب فيها. لكن عندما يتعلق الأمر بدخول العوامل الخارجية، غالبًا ما لا ترى شيئًا: يبدو جلدك جدرانًا متينة تُشكّل حاجزًا بدائيًا ضدّ الدخلاء الأكبر حجمًا.

قد يكون لبشرتك نظام مناعي خاص بها From sciencefocus.com

اختراق بحثي

مع ذلك، يكشف بحثٌ جديدٌ عن جيشٍ نشطٍ مُختبئٍ داخل هذا الحصن. اتضح أن الجلد يمتلك جهازًا مناعيًا شبه مستقلٍّ مُستعدًّا لمحاربة العدوى الخفية عند أول نقطة دخول إلى أجسامنا. هذا الجهاز، وفقًا لدراستين جديدتين نُشرتا في مجلة "نيتشر"، يُمكنه إنتاج البروتينات المعروفة باسم الأجسام المضادة بنشاط، والتي تُواجه أي شيء تُعرّفه أجسامنا على أنه تهديد، مثل الميكروبات أو السموم الغريبة. الاستجابات المناعية في الجلد طبيعيةٌ تمامًا أثناء العدوى. لكن الملاحظة الجديدة بأن الجلد السليم يُكوّن دفاعاته الذاتية استعدادًا للهجوم تُمثّل مفاجأةً للباحثين. "لقد كان أمرًا مثيرًا للغاية!" صرح البروفيسور مايكل فيشباخ والدكتورة جينيت بوسبين، المؤلفان المشاركان للدراسات الجديدة، والمهندسان البيولوجيان بجامعة ستانفورد في الولايات المتحدة، لبرنامج "ساينس فوكس" على بي بي سي: "كنا نعلم بالفعل أن ميكروبات الجلد قادرة على تحفيز أحد فروع الجهاز المناعي (استجابات الخلايا التائية)، وأن هذه الاستجابات يمكن توجيهها ضد مستضدات جديدة. وقد سمح لنا اكتشافنا أن ميكروبات الجلد قادرة أيضًا على تحفيز استجابة الأجسام المضادة (فرع آخر من الجهاز المناعي) بتطوير لقاحات موضعية ضد أمراض مثل الكزاز". يُمثّل هذا البحث خبرًا سارًا بشكل خاص لمن يعانون من رهاب الإبر. إذ يُمكن حقن اللقاحات المستقبلية مباشرةً على الجلد بدلًا من حقنها تحت سطحه، مما يُمهد الطريق للقاحات بدون إبر. وصرح فيشباخ وبوسباين: "سبق أن عمل الباحثون على تطوير لقاحات جلدية، لكنها تستند إلى مبادئ مختلفة، مثل استخدام الإبر الدقيقة على شكل لاصقات". وأضافا: "تختلف استراتيجيتنا في اللقاح لأنها تُعزز العلاقة الوثيقة التي نشأت على مدى ملايين السنين من التطور المشترك بين ميكروبات جلدنا وجهازنا المناعي".

ADVERTISEMENT

مناعة خط المواجهة

استند هذا الاكتشاف إلى بحث أُجري عام ٢٠١٥ وأظهر أن جلد الفئران قادر على إنتاج خلايا مناعية واقية تُعرف باسم الخلايا التائية استجابةً للبكتيريا. في تلك التجربة، أُدخلت بكتيريا شائعة وغير ضارة، وهي المكورات العنقودية البشروية، إلى جلد فئران نشأت خالية من أي ميكروبات، وعززت الخلايا التائية مناعة الحيوانات ضدها. في الواقع، كانت استجابة الجلد للبكتيريا أقوى بكثير مما توقعوا. لماذا؟ ربما يمتلك العلماء الذين أجروا الدراسات الجديدة، والذين شارك بعضهم أيضًا في بحث عام ٢٠١٥، الإجابة الآن.

قد يساعد اللقاح القائم على الكريم في وقف انتشار الأمراض From sciencefocus.com

عندما أجروا تجاربهم على الفئران مرة أخرى، وجدوا إجابتهم: تم تنشيط الخلايا البائية أيضًا - وهي الخلايا المناعية التي تُحفز إنتاج الأجسام المضادة. اكتشف الباحثون أن هذه الأجسام المضادة استمرت لأكثر من ٢٠٠ يوم، مما وفر مناعة طوال تلك الفترة. إنها نفس الاستجابة لما يحدث في مجرى الدم عندما نمرض أو نتلقى لقاحًا - ومع ذلك، كان خط المواجهة في هذه المعركة هو الجلد نفسه. من المثير للدهشة أن الاستجابة حدثت حتى عندما عطّل العلماء الغدد الليمفاوية للفئران - وهي مجموعات خلايا الجهاز المناعي المنتشرة في جميع أنحاء أجسامنا والتي تُصفّي المواد الضارة.

ADVERTISEMENT

لقاح جديد

بعد اكتشاف أن الجلد يمتلك جهازًا مناعيًا خاصًا به، تساءل الباحثون عما إذا كان بإمكانهم استخدام هذا الجهاز لتطوير نوع جديد من اللقاحات. كشفت دراستهم الثانية أنه يمكن تعديل بكتيريا S. epidermidis وراثيًا - عن طريق تغيير البروتينات في حمضها النووي - لتشبه البروتينات الغريبة التي يرغب الجسم في محاربتها. لا يُنتج وضع سم حقيقي مباشرة على الجلد استجابة مناعية، لأن الحصن لا يسمح لها بالدخول. ولكن، بما أن بكتيريا S. epidermidis قادرة على "استعمار" الجلد، أو دخوله، فإن هندسة البكتيريا لتبدو وكأنها سم مكّنت العلماء من دعم هذا الدفاع - وتقديم بعض مواد التدريب لجيشها للتدرب عليها. بفضل بكتيريا S. epidermidis المُعدّلة وراثيًا، نجح الجلد في إنتاج استجابة مناعية في مجرى دم الفئران وأغشيتها المخاطية (الأنسجة الرطبة التي تُبطّن قنوات الجهاز التنفسي والهضمي والتناسلي، مثل بطانة الأنف). وعندما عرّض الباحثون الفئران لبروتين غريب مثل سم الكزاز، وفّرت هذه الاستجابة المناعية الحماية لها، مع أن الجرعة كان من المفترض أن تكون قاتلة.

يمكن للجلد أن ينتج أجسامًا مضادة، بشكل مستقل عن بقية الجهاز المناعي From nature.com
ADVERTISEMENT

أهمية المخاط

قد يُمثل هذا الاكتشاف الاختراق اللازم لتطوير لقاحات تُنتج أجسامًا مضادة مباشرةً في مناطق "مخاطية" رئيسية، مثل باطن أنوفنا وأفواهنا (الأماكن التي يوجد فيها المخاط عادةً). ستُصنع هذه اللقاحات من المكورات العنقودية البشروية المُعدّلة وراثيًا - مع استبدال بروتيناتها ببروتينات مُسببات الأمراض الضارة - وتُوضع على الجلد على شكل كريم. سيُتاح للجسم فرصة التدرب ضد مُسببات الأمراض في المناطق التي تصل إلينا أولًا وتنشيط جدرانه الدفاعية. يُمكن أن يُساعد لقاح كهذا في منع تطور التهابات الجهاز التنفسي، مثل كوفيد-19، قبل أن تدخل أجسامنا. سيكون هذا عاملًا أساسيًا في منع الأمراض الخطيرة قبل أن تُصبح جائحة محتملة. قال فيشباخ وبوسبين، اللذان بدآ هذا البحث بالصدفة في صيف عام ٢٠٢٠: "عادةً ما تُحقن اللقاحات عضليًا، وتُوفر مناعة جهازية طويلة الأمد. ومع ذلك، فهي أقل فعالية في توليد المناعة في موقع العدوى: الأسطح المخاطية". وأضافا: "مع ضعف مناعة الغشاء المخاطي، لا يزال الأفراد المُلقَّحون عرضة للإصابة بالعدوى ونقل الأمراض، مما يُقلل من فوائد مناعة القطيع لبرنامج التطعيم. لقد أظهرنا أن استراتيجية التطعيم لدينا تُحفز استجابات موضعية (جلدية وأنفية، حيث تعيش المكورات العنقودية البشروية أيضًا في المنخرين) واستجابات جهازية، مما يُوفر حمايةً محتملة ليس فقط من الأمراض الشديدة، بل أيضًا من العدوى وانتقالها". الكريمات رخيصة الثمن وسهلة التوزيع، ولا تتطلب إشرافًا طبيًا. ومع ذلك، ورغم نجاحها، أُجريت هذه الدراسات على الفئران. لا يزال أمام الباحثين طريق طويل من البحث قبل أن يؤكدوا ظهور استجابات مماثلة لدى البشر، لكن فيشباخ وبوسباين متفائلان. ويعملان حاليًا على لقاح للقرود غير البشرية، ويأملان في بدء التجارب السريرية عام ٢٠٢٨.

المزيد من المقالات