button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

في القاهرة، يُنشئ الفنانون السودانيون مستقبلاً موسيقياً كان مستحيلاً في وطنهم

ADVERTISEMENT

في قلب القاهرة، يبرز إيقاعٌ جديدٌ - إيقاعٌ متجذّرٌ في الصمود والنزوح واندماج الثقافات. يُنشئ الفنانون السودانيون، الذين فرّ الكثير منهم من عدم الاستقرار السياسي والصعوبات الاقتصادية في وطنهم، مشهداً موسيقياً مزدهراً في العاصمة المصرية. أصبحت القاهرة، المعروفة منذ زمنٍ طويلٍ بكونها المركز الثقافي للعالم العربي، منصةً للمبدعين السودانيين. هنا، يجدون المساحة والجمهور والحرية لإبداع موسيقى كانت مستحيلة في وطنهم. تتناول هذه المقالة الإرث الفني والثقافي للقاهرة، وهجرة السودانيين إلى مصر من حيث الأعداد والأحياء، وحياة الجاليات السودانية في مصر وتقاليدها، وفرص الفنانين السودانيين في مصر، وبناء مستقبل الإبداع الفني السوداني في القاهرة، ومستقبل الفنانين السودانيين في مصر.

1. الإرث الفني والثقافي للقاهرة.

لطالما كانت القاهرة مركزاً للموسيقى والفن والأدب في العالم العربي. في القرن العشرين، ساهم فنانون مثل أم كلثوم وعبد الحليم حافظ في رسم ملامح العصر الذهبي للموسيقى العربية من استوديوهات القاهرة. وقد رعت مؤسسات مثل دار الأوبرا المصرية (التي تأسست عام ١٩٨٨) وأكاديمية الفنون أجيالاً من المواهب، بينما رسّخت الفضائيات السينمائية والتلفزيونية المدينة كقوة ثقافية.

ADVERTISEMENT

يتميز المشهد الموسيقي في القاهرة اليوم بالتنوع، بدءاً من الأغاني الشعبية والمهرجانات وصولاً إلى المؤلفات العربية الكلاسيكية، والروك المستقل، والراب. وقد وفّر هذا التنوع أرضية خصبة للفنانين السودانيين، وخاصةً أولئك الذين يجربون موسيقى الأفروبيت والجاز والدمج الإلكتروني والإيقاعات النوبية التي تلقى صدىً عميقاً لدى الجمهورين المصري والسوداني على حد سواء.

2. هجرة السودانيين إلى مصر: الأعداد والأحياء.

للهجرة السودانية إلى مصر جذور تاريخية تمتد لقرون، إلا أنها ازدادت بشكل ملحوظ بعد الحروب الأهلية في السودان (1983-2005، 2013-2020) والانقلاب العسكري عام 2021. وتُعدّ مصر موطناً لإحدى أكبر الجاليات السودانية في المنطقة.

اعتباراً من عام 2023، أفادت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بوجود أكثر من 72,000 لاجئ وطالب لجوء سوداني مسجل في مصر. ومع ذلك، تشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد السودانيين عموماً - بمن فيهم العمال المهاجرين والأفراد غير المسجلين - يتراوح بين 3 و5 ملايين نسمة. ويعيش الكثير منهم في أحياء مثل عين شمس، وأرض اللواء، والمعادي، ومدينة نصر، ومدينة السادس من أكتوبر، مشكلين مجتمعات مترابطة.

ADVERTISEMENT

3. حياة الجاليات السودانية في مصر وتقاليدها.

حافظت الجاليات السودانية في القاهرة على تقاليدها من خلال الطعام واللغة والممارسات الدينية والموسيقى. تُشكل الكنائس والمساجد مراكز اجتماعية، بينما تُمثل المقاهي والمطاعم المملوكة للسودانيين مراكز ثقافية غير رسمية. يُمكن سماع اللغة العربية السودانية واللغات الأصلية مثل النوبة والفور إلى جانب اللهجة المصرية في الأسواق والمنازل.

الفن السوداني يجد مساحات جديدة في القاهرة.

from www.alaraby.com الفن السوداني يجد مساحات جديدة في القاهرة

تلعب الموسيقى دوراً حيوياً في الحفاظ على الثقافة وبناء الهوية. تُستخدم الآلات التقليدية مثل العود والطمبور والكسير في حفلات الزفاف والاحتفالات الدينية والتجمعات. كما شهدت القاهرة ظهور فعاليات يقودها السودانيون مثل الأمسيات الشعرية وعروض الأزياء والمهرجانات التراثية التي تحتفي بالهوية السودانية.

from www.alaraby.com الموسيقي السوداني مازن حمد

4. فرص الفنانين السودانيين في مصر.

تُتيح مصر للعديد من الفنانين السودانيين مستوى من الحرية الإبداعية وإمكانية الوصول إلى منصات نادرة في السودان، لا سيما في ظل الأنظمة التي قمعت التعبير الفني. وقد رحّب المشهد الموسيقي البديل المزدهر في القاهرة بالموسيقيين والمنتجين السودانيين، الذين يستخدم العديد منهم وسائل التواصل الاجتماعي والاستوديوهات الرقمية وليالي الميكروفون المفتوح للوصول إلى الجمهور.

ADVERTISEMENT
from www.alaraby.com الرسامة السودانية فاطمة إسماعيل

يزداد شيوع التعاون بين الفنانين السودانيين والمصريين. فقد استضافت أماكن مثل "روم آرت سبيس" و"ذا تاب" و"أوبونتو جاليري" أعمالاً سودانية، بينما تُروّج منصات مثل "مدى مصر" و"راديو الحارة" وشركات الموسيقى المستقلة لأعمالها عبر الإنترنت.

مع ذلك، لا تزال الفرص الاقتصادية مُقيّدة بالعوائق القانونية والاجتماعية. ويُكافح معظم الفنانين السودانيين للحصول على تصاريح عمل، معتمدين على الحفلات غير الرسمية والتمويل الجماعي. مع ذلك، مكّنت المنصات الإلكترونية البعض من تحقيق دخل من موسيقاهم عبر البث المباشر ودعم المغتربين.

📊 حقائق رئيسية:

· يعمل أكثر من 70% من الفنانين السودانيين في القاهرة بشكل غير رسمي (شبكة السياسة الثقافية الأفريقية، 2022).

· ارتفعت إيرادات البث المباشر للموسيقيين السودانيين المقيمين في القاهرة بنسبة 35% منذ عام 2020 (تقرير Spotify MEA).

5. بناء مستقبل: الإبداع الفني السوداني في القاهرة.

يُعيد جيل جديد من الموسيقيين السودانيين تعريف معنى أن تكون فناناً من الشتات في القاهرة. يمزج فنانون مثل نادين الروبي وآسيا مدني وأيمن ماو بين موسيقى الفولك السودانية وموسيقى التراب والجاز والسول. تُعبّر موسيقاهم غالباً عن المنفى والشوق والثورة، مُعبّرةً عن الصدمة والأمل اللذين يحملهما المجتمع السوداني.

ADVERTISEMENT

أصبحت القاهرة ملاذاً ليس فقط من الصراع، بل من الرقابة الفنية أيضاً. بفضل توفر معدات التسجيل ووسائل الإعلام الدولية والشبكات العالمية، يبني هؤلاء الفنانون مسيرة فنية لم تكن لتتحقق في السودان.

أصبح بعضهم، مثل آسيا مدني، سفراءً ثقافيين، يُعلّمون التقاليد الموسيقية السودانية للجمهور المصري. وينخرط آخرون في النشاط السياسي، مستخدمين الموسيقى للدفاع عن حقوق اللاجئين وحرية التعبير والمساواة بين الجنسين.

from www.alaraby.com عازف الغيتار السوداني أمجد بدر

📚 أمثلة وموارد:

from www.dabangasudan.org حفل موسيقي سوداني في القاهرة: تذكرة الدخول= كتاب لتأسيس مكتبة اتحاد الفنانين

6. مستقبل الفنانين السودانيين في مصر.

يبدو مستقبل الفنانين السودانيين في القاهرة واعداً ولكنه غير مؤكد. فمع تشديد مصر لسياسات الهجرة وتزايد الضغوط الاقتصادية، تعتمد استدامة هذه النهضة الفنية على الدعم المحلي والدولي. تلعب المنظمات غير الحكومية والجمعيات الفنية والمبادرات التي يقودها المغتربون دوراً حاسماً في تمويل العمل الثقافي السوداني والترويج له.

هناك اهتمام متزايد من المهرجانات وشركات الإنتاج العالمية بالموسيقى السودانية المولودة في القاهرة. وإذا ما تم تعزيز هذا الاهتمام، فقد يؤدي إلى إنجازات إقليمية وعالمية تُشبه صعود الموسيقى الإثيوبية والمالية على الساحة العالمية.

ADVERTISEMENT

ومع ذلك، فإن الإصلاحات الهيكلية - مثل تسهيل إجراءات الإقامة القانونية، وتمويل المبادرات الثقافية العابرة للحدود، والاعتراف بحقوق الفنانين اللاجئين - ستكون ضرورية لتحويل هذا الزخم إلى حركة طويلة الأمد.

التوقعات:

• زيادة متوقعة بنسبة 25% في التعاون الإقليمي بين الموسيقيين السودانيين وموسيقيي شمال أفريقيا بحلول عام 2026 (مؤشرات اليونسكو الثقافية).

• من المتوقع أن يتضاعف نمو إنتاج المحتوى الثقافي السوداني في مصر بحلول عام 2028 (تقرير الموسيقى العالمي، إصدار منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا).

الخلاصة.

في القاهرة، لا يكتفي الفنانون السودانيون بالبقاء على قيد الحياة، بل يزدهرون ويحوّلون تجربتهم في الشتات إلى قوة تجدد ثقافي. من خلال الموسيقى، يتحدون الحدود، ويلملمون الجراح، ويعيدون تصور المستقبل. توفر العاصمة المصرية، بجذورها الفنية العميقة وساحتها الثقافية المتنوعة، منصةً تُمكّن الأصوات السودانية - التي كانت مُكبوتة في السابق - من الغناء بحرية. قصتهم هي قصة مرونة عابرة للحدود الوطنية وتحدي إبداعي، وهي شهادة على كيفية تجاوز الفن للنزوح ليصبح وسيلة للهوية والمقاومة والأمل.

المزيد من المقالات