button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

بسكرة: واحة الجمال بين النخيل والينابيع الحارة

ADVERTISEMENT

بسكرة، المدينة التي تُلقب بـ"بوابة الصحراء"، لا تشبه أي مكان آخر في الجزائر. فهي ليست مجرد مدينة تقع عند سفوح جبال الأوراس، بل هي واحة ساحرة تنبض بالحياة وسط القفار. يتقاطع فيها التاريخ مع الطبيعة، حيث تمتد غابات النخيل، وتتفجر الينابيع الساخنة من أعماق الأرض، وتعبق الأجواء بعبير الماضي وثقافة الجنوب الغنية.

لمن يبحث عن تجربة سفر فريدة تدمج بين الاسترخاء، المغامرة، والتاريخ، فإن بسكرة تقدم كل هذا وأكثر.

الصورة من wikimedia commons

سحر الطبيعة: النخيل والينابيع

1. غابات النخيل... عالم من الظلال والتمر

يُعد النخيل رمزًا خالدًا لبسكرة، فهو لا يغيب عن أي مشهد طبيعي فيها. تنتشر واحات النخيل بكثافة، حيث تمتد أشجارها باسقة لتصنع مشاهد خلابة تجمع بين الخُضرة ورمال الصحراء الذهبية. وتشتهر بسكرة بإنتاجها لواحدة من أجود أنواع التمر في العالم: تمر دقلة نور، والذي لا يزال يُصدّر إلى مختلف أنحاء العالم.

تجربة التجوال بين نخيل بسكرة ليست مجرد نزهة، بل هي فرصة لاكتشاف ثقافة زراعية عمرها مئات السنين، حيث ما زال الفلاحون يستخدمون تقنيات تقليدية في رعاية النخيل وجني ثماره.

الصورة من wikimedia commons

2. الينابيع الحارة: علاج طبيعي واستجمام

ADVERTISEMENT

بسكرة غنية بالينابيع الحارة ذات الفوائد العلاجية، وتجتذب هذه العيون الطبيعية الزوار من جميع أنحاء البلاد. أشهر هذه الينابيع:

حمام الصالحين: يقع في بلدية الحامة، ويعد من أقدم الحمامات في الجزائر. مياهه الكبريتية الدافئة مثالية لعلاج الروماتيزم، أمراض الجلد، والتعب العضلي.

عين الناقة وعين بن عزوز: تتميز بدرجات حرارة متفاوتة وتحيط بها مناظر طبيعية ساحرة.

زيارة هذه الحمامات لا تقتصر على الجانب العلاجي فقط، بل تمنح الزائرين تجربة استرخاء فريدة وسط أجواء هادئة وخلابة.

الوجه الثقافي والتاريخي لبسكرة

1. إرث الأجداد: من الرومان إلى الحفصيين

عرفت بسكرة تعاقب حضارات عدة، ما زالت آثارها ماثلة إلى اليوم. الرومان تركوا بصماتهم في بعض المعالم، ولا تزال بعض البنايات القديمة في الحامة وجبال الأوراس تشهد على وجودهم. كما مرّ بها العرب المسلمون، فازدهرت في العصر الإسلامي، وخاصة خلال حكم الحفصيين.

2. القصبة القديمة: عبق التاريخ

داخل المدينة، يمكن للزائر أن يستكشف القصبة القديمة، حيث الأزقة الضيقة، والبيوت المبنية من الطين، والأبواب الخشبية المزخرفة. إنها مساحة تحفظ نبض الحياة التقليدية وتعكس روح الجنوب الجزائري. الجلوس في أحد المقاهي الشعبية هناك هو تجربة لا تقدر بثمن، حيث يمتزج صوت الشاي المغلي مع حكايات الكبار عن أيام زمان.

ADVERTISEMENT
الصورة من pexels

النشاطات السياحية في بسكرة

1. الترحال بين الواحات

يحب المسافرون خوض مغامرات قصيرة بين واحات بسكرة، حيث يمكن استئجار خيول أو جمال والانطلاق في رحلة عبر الرمال والنخيل، مع توقفات لالتقاط الصور أو تناول وجبات تقليدية في خيم بدوية. إنها تجربة فريدة تشبه رحلات الأسلاف عبر الصحراء.

2. تسلق جبال الأوراس

محبو الطبيعة والمغامرة يمكنهم التوجه إلى سفوح جبال الأوراس القريبة، حيث تنتظرهم مناظر بانورامية ومسارات مشي طويلة بين الصخور والمغارات. الشتاء معتدل، والربيع يزهر في هذه المنطقة، ما يجعلها مثالية للتنزه واستكشاف الحياة البرية والنباتات المحلية.

3. السياحة الدينية: الزوايا والأضرحة

تزخر بسكرة بعدد من الزوايا الصوفية القديمة مثل زاوية الهامل، التي كانت ولا تزال مركزًا دينيًا وتعليميًا يقصده الزوار للتأمل والاطلاع على التراث الروحي للمنطقة. كما توجد أضرحة بعض الأولياء الذين لهم مكانة خاصة في ذاكرة السكان المحليين.

المطبخ البسكري: نكهات من الجنوب

الطعام في بسكرة يعكس تنوع البيئة المحلية وثراء الثقافة. أبرز الأطباق التي يُنصح بتجربتها:

  • الشخشوخة البسكرية: أكلة تقليدية شهية مكونة من رقائق العجين والمرق واللحم.
ADVERTISEMENT
  • الكسكسي بالبسباس (الشمر): نكهة مميزة تختلف عن باقي مناطق الجزائر.
  • الحلويات التقليدية: مثل "المقرود" و"غريبة اللوز"، وهي ترافق عادة الشاي الأخضر أو القهوة.

بالإضافة إلى ذلك، لا تفوّت فرصة تذوق التمر الطازج مباشرة من المزرعة، خاصة في موسم الجني (أواخر الصيف إلى بداية الخريف).

الفعاليات والمهرجانات

1. مهرجان التمور

يُعد من أهم الفعاليات التي تقام سنويًا في بسكرة، ويجمع بين العارضين، الفلاحين، والصناعات المحلية المرتبطة بالنخيل. يُقدم فيه الزوار مختلف أنواع التمور، بالإضافة إلى عروض فنية تقليدية وندوات ثقافية.

2. المهرجانات الفنية والفولكلورية

تنظم البلديات المحلية مهرجانات موسيقية وثقافية طوال السنة، حيث يمكن مشاهدة عروض الفرق الشعبية، رقصات الدبكة، الشعر الملحون، وفنون الأمازيغ والعرب الذين يشكلون فسيفساء ثقافية في بسكرة.

متى تزور بسكرة؟

أفضل الأوقات لزيارة بسكرة هي بين أكتوبر وأبريل، حين يكون الجو معتدلاً والأجواء مثالية للتجول والاستمتاع بالينابيع الحارة. أما في الصيف، فقد ترتفع درجات الحرارة بشكل كبير، ما يجعل التجول في فترات النهار مرهقًا، وإن كانت الينابيع والمسابح تظل خيارًا مناسبًا.

كيف تصل إلى بسكرة؟

ADVERTISEMENT

بسكرة متصلة بشكل جيد بباقي مناطق الجزائر، ويمكن الوصول إليها:

  • بالطائرة: من الجزائر العاصمة أو وهران إلى مطار محمد خيضر المحلي.
  • بالقطار: الرحلات اليومية من قسنطينة، الجزائر، أو باتنة.
  • بالسيارة: عبر الطريق الوطني، وتعتبر الرحلة البرية فرصة لاكتشاف تنوع التضاريس في البلاد.

نصائح للزائرين

  • احترم الثقافة المحلية: بسكرة محافظة بطبيعتها، لذلك يُفضل ارتداء ملابس محتشمة.
  • استخدم مرشدين محليين: خاصة عند زيارة المناطق الجبلية أو الصحراوية.
  • استمتع بالأسواق الشعبية: حيث تباع الصناعات اليدوية مثل الفخار، السجاد، والمنتجات المصنوعة من النخيل.
  • حافظ على البيئة: فالواحات والمنابع الطبيعية تحتاج لعناية الزوار للحفاظ على سحرها.

خاتمة: لماذا بسكرة؟

بسكرة ليست فقط مدينة، بل تجربة حسية وروحية متكاملة. إنها وجهة تجمع بين الجمال الطبيعي، الغنى الثقافي، والهدوء النفسي. سواء كنت تبحث عن مغامرة في الصحراء، أو عن استرخاء في الينابيع، أو تود استكشاف التراث العريق، فإن بسكرة تفتح لك أبوابها بكل دفء.

في زمن تتشابه فيه الكثير من الوجهات السياحية، تبقى بسكرة متفردة، تهمس في أذنك بلغة النخيل، وتدلك على دروب الراحة والتجدد.

هل فكرت يومًا أن تكون وجهتك القادمة هي بسكرة؟ بعد هذا المقال، قد يكون الوقت قد حان لحزم حقائبك والانطلاق إلى واحة الجزائر الساحرة.

المزيد من المقالات