غدامس : جوهرة الصحراء وسيدة المعمار الطيني

ADVERTISEMENT

تقع مدينة غدامس في أقصى جنوب غرب ليبيا، على بعد خطوات من الحدود التونسية والجزائرية، وهي من أقدم المدن المعروفة، وتحفة معمارية تقليدية في شمال إفريقيا. عمرها يتجاوز ألفي عام وخمسمئة عام، ودخلت قائمة التراث العالمي لليونسكو سنة 1986 بسبب قيمتها الثقافية والمعمارية النادرة.

لقبها «لؤلؤة الصحراء»، واسمها مأخوذ من الكلمة الأمازيغية «إغداميس» وتعني «مكان الماء»، في إشارة إلى صلتها الوثيقة بالصحراء. سكنها منذ القدم بشر استفادوا من موقعها التجاري بين شمال القارة وجنوبها، فصارت محطة رئيسية لقوافل الذهب والملح.

ADVERTISEMENT

تخطيط المدينة يعتمد على ازدواجية الشوارع الضيقة والمباني المبنية من الطين والطوب اللبن، تُبنى جدرانها سميكة وسقوفها قابلة لامتصاص الحرارة النهارية وإطلاقها ليلًا، فتدفئ البيوت في الشتاء وتبردها في الصيف. كل دار تفتح على فناء داخلي تُغلق فيه النوافذ على العالم الخارجي، وتتفرع منه أروقة مظللة تُبقي الهواء متحركًا وتمنح النساء حرية الحركة بعيدًا عن أعين الغرباء.

الأمازيغية لغة البيت والسوق، ويلبس الرجال الجبة القصيرة والعمامة البيضاء، بينما ترتدي النساء «تبرية» مزركشة وتغطي وجوههن ببرقع أحمر. الموسيقى ترافق الأعراس على طبلة «تنبورين» وناي «مزود»، وأشهر الأكلات: «بازين» القمح بالطماطم والزيتون، و«أبريك» التمر المجفف. الواحة تحيط بالمدينة من كل جانب، وترويها قنوات ري قديمة تُسمى «الفقارة» تُوزع الماء حسب جدول زمني متفق عليه بين الفلاحين.

ADVERTISEMENT

في كل ربيع يُقام مهرجان «أيام غدامس»، تُغلق فيه الشوارع أمام السيارات وتُفرد البسط لبيع السلال المنسوجة والسيوف الفضية، بينما ترقص فرق من الأطفال والشيوخ على إيقاع أغاني «أحيدوس». السكان يستقبلون ضيوفهم بالقهوة المطحونة على الحجر والتمر الطازج، في جو يُذكّر الجميع بأن الحفاظ على اللغة واللباس والعادات ليس ترفًا بل ضرورة للبقاء.

الوصول إلى غدامس يتم برحلة برية من طرابلس أو سبها، على متن حافلة أو سيارة خاصة، مع ضرورة حمل الماء الكافي والتوقف قبل الغروب لتركيب الخيام أو حجز غرفة في أحد بيوت الضيافة. أفضل الفترات هي شهور مارس وأبريل وأكتوبر، حين تخف حدة الحرارة وتهب رياح شمالية معتدلة، فتكون التجوال بين الأزقة والواحة ممتعًا دون إرهاق.

toTop