button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

السعودية تفوز بالجائزة الكبرى وتُحقق رقماً قياسياً في معرض جنيف للاختراعات: سردية عالمية ووطنية للابتكار

ADVERTISEMENT

في أبريل 2025، حققت المملكة العربية السعودية فوزاً تاريخياً في معرض جنيف الدولي التاسع والأربعين للاختراعات، بفوزها بالجائزة الكبرى وحصدها أعلى عدد من الميداليات تُحققه دولة واحدة في تاريخ هذا الحدث. يرمز هذا الإنجاز التاريخي إلى التحول الطموح للمملكة من اقتصاد يعتمد على النفط إلى مجتمع متنوع قائم على الابتكار. يُمثل هذا الحدث نموذجاً مصغراً للاتجاهات الأوسع في الاختراع العالمي، وإدارة الملكية الفكرية، ومنظومات الابتكار الوطنية. يستكشف هذا المقال التطور التاريخي للاختراع، وهيكل وحوكمة الابتكار عالمياً، والتفاعل الحاسم بين الملكية الفكرية والاختراع، وأطر السياسات الوطنية السعودية للعلوم والتكنولوجيا، وتفاصيل نجاحها الأخير في جنيف. ويختتم المقال بتقييم المسار المستقبلي للابتكار السعودي وآثاره على المنطقة والعالم.

ADVERTISEMENT

1. تاريخ الاختراع: من العصور القديمة إلى القرن الحادي والعشرين.

لطالما كان الاختراع سمةً مميزةً للتطور البشري. ففي الحضارات القديمة، مثل بلاد ما بين النهرين ومصر والصين واليونان، أرست الابتكارات المبكرة، مثل أنظمة الكتابة وأدوات الري والأجهزة الميكانيكية، أسس النمو المجتمعي. ساهم العصر الذهبي الإسلامي (من القرن الثامن إلى القرن الرابع عشر) مساهمةً كبيرةً في المعرفة العالمية من خلال مخترعين مثل الجزري، الذي سبقت تصاميمه الهندسية الميكانيكية عصر النهضة الأوروبية.

وقد حفّزت الثورة الصناعية عصر الاختراع الحديث، الذي أدخل الإنتاج الضخم والمحرك البخاري والمكننة. وساهم القرن العشرون في تسريع وتيرة الاختراع مع ظهور الكهرباء والاتصالات والحواسيب وتكنولوجيا الفضاء. وقد أبرزت كلٌّ من هذه العصور الحاجة المتزايدة لحماية الملكية الفكرية والتعاون الدولي لتعزيز الابتكار.

ADVERTISEMENT

في القرن الحادي والعشرين، اندمجت الثورة الرقمية مع التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو والذكاء الاصطناعي، مما شكّل مشهداً ابتكارياً متعدد الأبعاد. وفقاً لتقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) لعام 2023، بلغ إجمالي عدد طلبات براءات الاختراع العالمية 3,46 مليون طلب، بزيادة قدرها عشرة أضعاف عن ثمانينيات القرن الماضي، مما يُظهر أهمية الاختراع في الاقتصادات الحديثة.

الصورة على council.science

مدينة الرياض مترامية الأطراف

2. المنظمة العالمية لإدارة الاختراعات.

تُسهّل حوكمة الاختراع والابتكار العديد من الهيئات الدولية التي تضع المعايير، وتشجع التعاون، وتحمي حقوق المخترعين.

• المنظمة العالمية للملكية الفكرية (World Intellectual Property Organization WIPO): وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة تأسست عام 1967، تُدير معاهدات مثل معاهدة التعاون بشأن البراءات (Patent Cooperation Treaty PCT)، وتُسهّل حماية الملكية الفكرية عالمياً.

ADVERTISEMENT

• الاتحاد الدولي لجمعيات المخترعين (International Federation of Inventors' Associations IFIA): تأسس عام 1968، ويُعزز التعاون العالمي، وتبادل المعرفة، ويُنظّم معارض الاختراعات.

• منظمة التجارة العالمية (World Trade Organization WTO) واتفاقية تريبس (TRIPS): تُطبّق المعايير العالمية لحماية الملكية الفكرية بين الدول الأعضاء.

تُساعد هذه المنظمات في مواءمة قوانين الملكية الفكرية، وتمويل مبادرات الابتكار، واستضافة فعاليات عالمية مثل معرض جنيف. بلغ الإنفاق العالمي على البحث والتطوير 2.5 تريليون دولار أمريكي في عام 2023، مدفوعًا بشكل كبير بدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين وألمانيا واليابان، وبشكل متزايد، دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية.

3. الملكية الفكرية والاختراع: علاقة تكافلية.

يُعدّ دور الملكية الفكرية في الابتكار أساسياً. تُوفر أنظمة الملكية الفكرية للمخترعين حقوقاً قانونية لإبداعاتهم، مما يسمح بالتسويق الحصري وتوليد الإيرادات.

ADVERTISEMENT

• تحمي براءات الاختراع الاختراعات والتصاميم الصناعية.

• تحمي العلامات التجارية هوية العلامة التجارية.

• تحمي حقوق التأليف والنشر الأعمال الأدبية والفنية.

تُظهر بيانات المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) أن البلدان التي تتمتع بأنظمة ملكية فكرية قوية تتمتع بمعدلات أعلى من الاختراع المحلي. على سبيل المثال، في عام 2022، حققت الولايات المتحدة 6,6 تريليون دولار أمريكي في الصناعات كثيفة الملكية الفكرية، والتي وظّفَت أكثر من 44 مليون عامل. في المملكة العربية السعودية، مثّل إنشاء الهيئة السعودية للملكية الفكرية (SAIP) في عام 2018 تحولاً استراتيجياً نحو أفضل الممارسات العالمية. بين عامي 2018 و2023، ضاعفت المملكة العربية السعودية عدد براءات الاختراع المحلية من 900 إلى 2000.

الصورة عبر Getty Images على unsplash
ADVERTISEMENT

مُخترع شاب يختبر اختراعه

الصورة عبر Matdesign24 على istockphoto

الاختراع والملكية الفكرية

4. سياسة المملكة العربية السعودية في مجال العلوم والتكنولوجيا.

يُعدّ العلم والتكنولوجيا جوهر رؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

تشمل المؤسسات الرئيسية ما يلي:

• مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية (King Abdel Aziz City for Science and Technology KACST): تُشرف على الاستراتيجية الوطنية للبحث والتطوير.

• جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (King Abdallah University for Science and Technology KAUST): تشتهر عالميًا بأبحاثها في مجالات الطاقة والبيئة والذكاء الاصطناعي.

• الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (Saudi Data and AI Authority SDAIA): تقود التحول الرقمي ونشر الذكاء الاصطناعي.

ADVERTISEMENT

ارتفع إنفاق المملكة العربية السعودية على البحث والتطوير من 0,8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016 إلى 1,2% في عام 2023، مع هدف يبلغ 2,5% بحلول عام 2030. وقد استثمرت الحكومة بكثافة في استكشاف الفضاء، وعلم الجينوم، والطاقة النظيفة، وتقنيات الصحة الرقمية. توفر مبادرة مستقبل الاستثمار وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية (NIDLP) تمويلاً استراتيجياً وبنية تحتية.

الصورة عبر Lara Jameson على pexels

خريطة المملكة العربية السعودية

5. سياسة الاختراع وتطوير المنظومة البيئية في المملكة العربية السعودية.

أنشأت المملكة العربية السعودية منظومة بيئية وطنية لرعاية الابتكار:

مؤسسة موهبة: تُعنى بتحديد ودعم الشباب الموهوبين من خلال المسابقات العلمية.

مراكز وحاضنات الابتكار: تقع في الجامعات والمدن الكبرى مثل الرياض والظهران وجدة.

ADVERTISEMENT

مكاتب براءات الاختراع والإصلاحات القانونية: تبسيط إجراءات تسجيل براءات الاختراع ومحاكم الملكية الفكرية.

لعبت الشراكات بين القطاعين العام والخاص دوراً حاسماً. على سبيل المثال، قدّمت أرامكو وسابك أكثر من 500 براءة اختراع في عام 2022 وحده. شهدت مشاركة المرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات نموًا ملحوظًا، حيث شكّلت مخترعات أكثر من 40% من براءات الاختراع المقدّمة في عام 2024، مدفوعةً بإصلاحات تعليمية شاملة.

6. معرض جنيف الدولي للاختراعات: التنظيم والمكانة.

يُعد معرض جنيف الدولي للاختراعات أقدم وأكبر فعالية تُركّز على الاختراعات في العالم. برعاية:

• الحكومة الفيدرالية السويسرية،

• الاتحاد الدولي لوكالات الاختراع (International Federation of Invention Agencies IFIA)،

• مدينة جنيف،

• المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO).

ADVERTISEMENT

يستضيف المعرض أكثر من 1000 اختراع من 45 دولة سنوياً، تُراجعها لجنة من 85 خبيراً دولياً. يُشجع المعرض الابتكار التطبيقي، ونقل التكنولوجيا، والتوعية بالملكية الفكرية. تُوزع الجوائز في فئات متعددة: الطب، والطاقة، والمواد، والذكاء الاصطناعي، والزراعة، والمياه، وتكنولوجيا المستهلك.

7. المشاركون والمساهمون في معرض جنيف.

يضم المعرض كل عام الجهات التالية:

• جامعات بحثية (المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية)،

• وكالات الابتكار الحكومية (المعهد الوطني للملكية الفكرية الصيني (Chinese Intellectual Property Institute CNIPA)، ومكتب الملكية الفكرية الكوري (Korean Intellectual Property Office KIPO)،

• شركات ناشئة ومخترعين أفراد،

• رواد الصناعة (هواوي، وسامسونج، وسيمنز).

ADVERTISEMENT

في عام 2025، عُرض أكثر من 850 اختراعاً. ضمّ وفد المملكة العربية السعودية:

• جامعة الملك سعود،

• جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية،

• جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن (التي تشتهر بفرقها النسائية فقط)،

• فرق البحث والتطوير في أرامكو وسابك،

8. معايير منح الجائزة الكبرى والجوائز الأخرى.

• يُقيّم الحكام الاختراعات بناءً على:

• الأصالة والابتكار التقني،

• قابلية الحصول على براءة اختراع وحالة الملكية الفكرية،

• الجدوى الصناعية وفعالية التكلفة،

• التأثير البيئي والاستدامة،

• العرض والوضوح العلمي.

• تُمنح الجائزة الكبرى لاختراع واحد يُظهر إمكانات استثنائية لإحداث نقلة نوعية في قطاع أو مواجهة التحديات العالمية. تُمنح الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية في كل فئة بناءً على الجدارة.

9. فوز المملكة العربية السعودية في معرض جنيف ٢٠٢٥.

ADVERTISEMENT

• فازت المملكة العربية السعودية بالجائزة الكبرى عن نظام تنقية مياه يعمل بالطاقة الشمسية بتقنية النانو، مصمم للاستخدام في المناطق الصحراوية، طورته مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. يتضمّن هذا الابتكار:

• ستخدام أغشية متطورة لتصفية 99.99% من الملوثات،

• توفير الطاقة وتخفيض التكلفة،

• إمكانية خدمة المجتمعات النائية التي تفتقر إلى المياه النظيفة،

حصدت المملكة العربية السعودية ما يلي:

• 56 ميدالية ذهبية،

• 27 ميدالية فضية،

• 12 ميدالية برونزية.

وهكذا، تجاوزت الرقم القياسي السابق الذي حققته الصين (88 ميدالية في عام 2019). كما فازت مخترعات من جامعة الأميرة نورة بـ 15 ميدالية، وحصلت أرامكو على ميدالية ذهبية عن روبوتها المستقل لفحص خطوط الأنابيب.

الصورة على spa

فوز المملكة العربية السعودية معرض جنيف الدولي للاختراعات

ADVERTISEMENT

10. مستقبل الاختراع والابتكار في المملكة العربية السعودية.

يبدو مستقبل الابتكار في المملكة العربية السعودية واعداً. تشمل الاستراتيجيات الحالية والمستقبلية ما يلي:

• الاستراتيجية الوطنية للابتكار 2025-2035: تُركز على الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحيوية وتقنيات الفضاء.

• هدف تسجيل 5000 براءة اختراع سنوياً بحلول عام 2030.

• شراكات عالمية مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وجامعة ستانفورد وجامعة طوكيو.

• من المتوقع أن تُسهم القطاعات القائمة على الابتكار بمبلغ 40 مليار دولار سنوياً في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بحلول عام 2030. ومن المخطط أن تكون المدن الناشئة مثل نيوم وذا لاين مدناً ذكية مزودة ببنية تحتية متكاملة للبحث والتطوير.

• تُنتج الإصلاحات التعليمية التي تُعزِّز الإبداع والتفكير النقدي جيلاً جديداً من المخترعين، بدعم من رأس المال الاستثماري والتمويل الحكومي والحماية القانونية.

ADVERTISEMENT

الخاتمة.

يُمثل النجاح الباهر الذي حققته المملكة العربية السعودية في معرض جنيف الدولي للاختراعات 2025 قفزة تاريخية في مسيرتها نحو أن تصبح مركزاً عالمياً للابتكار. يُبرز هذا التحول، المتجذر في رؤية 2030 والمدعوم بأطر قوية للملكية الفكرية ومؤسسات عالمية المستوى وسياسات شاملة، قدرة المملكة على المنافسة على الساحة العالمية. لا يُكافئ هذا الانتصار الاستثمارات السابقة في العلوم والتكنولوجيا فحسب، بل يُرسي أيضًا الأساس لاقتصاد قائم على المعرفة يُمكن أن يُساهم بشكل هادف في التقدم العالمي. وبينما تُواصل المملكة العربية السعودية إعادة تعريف نفسها من خلال الابتكار، يُمثل فوز جنيف منارةً لإمكاناتها العلمية والإبداعية الصاعدة.

toTop