button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

هل تسببت الشدة المستنصرية في تحول المصريين إلى أكلة لحوم بشر؟

ADVERTISEMENT

قد تتفاجأ عندما تعلم أن مصر التي كانت تطعم العالم قد شهدت مجاعة في فترة سابقة (الشدة المستنصرية).

أكبر مجاعة في مصر

الشدة المستنصرية هي أشهر مجاعة حدثت في تاريخ مصر، وقد وقعت في نهاية حكم الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، تحديدًا بين عامي (1036) و (1094). وتُعدّ من أشد الظروف التي مرت بها مصر عبر التاريخ وذلك حيث أن مصر تعتمد على مياه النيل بنسبة كبيرة جدًا. لذلك، عندما انقطعت مياه النيل عن التدفق إلى مصر لمدة سبع سنوات، حدثت الأزمة التي أودت بكل سبل الحياة، متمثلة في المجاعة وما أدّت إليه من دمار في أرواح الناس. وحسبما روى بعض المؤرخين المهتمين بهذه الفترة، فقد وثقوا معاناة المصريين في ذلك الوقت، وذكروا أن المحاصيل تلفت وكل ما هو ضروري للحياة، ممّا أدّى إلى أكل الناس للحيوانات.

المجاعة وتأثيرها على الشعب والحكام وهل هناك فرق؟

ADVERTISEMENT

في هذه الفترة، توفي الكثير من الناس واشتد الوباء عليهم، ففتك بهم فتكًا أدى إلى موت الآلاف. ويذكر بعض المؤرخين أن عدد الوفيات وصل إلى مليون وستمائة ألف، مع الأخذ في الاعتبار أن عدد سكان مصر في ذلك الوقت لم يكن كبيرًا، مما يعني أن ما يقرب من ثلث السكان قد ماتوا. وزادت القوايل  والروايات  حول حال المصررين في المجاعة حتى قيل انهم أكلو لحوم بعضهم  في البداية، كانوا يقطعون الطرق لقتل المارة، بغية أخذ لحومهم وأكلها. كما صنعوا خطاطيف لانتشال الناس والكلاب والمواشي من أعلى البيوت.

يُعد المؤرخ أحمد بن علي المقريزي، الشهير بتقي الدين المقريزي، من أبرز من كتبوا عن الشدة المستنصرية. وُلد المقريزي في القاهرة عام 1364 وعاش فيها نحو 80 عامًا، وقد وثّق أهوال تلك الشدة في كتابه "اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء".

ADVERTISEMENT

ومما ذكره المقريزي في كتابه عن تلك الفترة العصيبة: "أكل الناس الجِيَف والميتات، ووقفوا في الطرقات يقتلون من ظفروا به، وبيعت البيضة من بيض الدجاج بعشرة قراريط، وأن الماء بدينار، وبيع دار ثمنها 900 دينار بـ 90 دينارًا لشراء الدقيق، وعمَّ الغلاء والوباء، وصعب السفر برًا وبحرًا، وتصحرت الأرض، واختُطف الخبز من على رؤوس الخبازين"،ولكن يرى الباحثون أن من بين الأمور التي تشير إلى أن رواية المقريزي بها الكثير من المبالغات التاريخية

لكن الأكيد هو أن الشعب هو من يعاني في هذه الظروف. ولكن حتى أنه من قسوة هذه الجماعة، فقد عانى الخليفة نفسه وجاع لدرجة أنه لجأ إلى قبور أجداده ونزع ما عليها من زخارف. وقد تصدق عليه أبناء أحد العلماء.

انتهاء الأزمة

لم تكن السنون العجاف، كما أُطلق عليها، فترة سهلة أو قصيرة، بل إنها أصابت المصريين في أخلاقهم، وغيرت سلوكهم بسبب الجوع والفقر.

ADVERTISEMENT

في هذه الفترة، ظهرت شخصية (الجمالي)، الذي كان يشغل منصب وزير دولة في ذلك الوقت. استعان الجمالي برجال يثق بهم، واهتم بمنظومة الري، وأصلح كل ما يتعلق بنظام الري في تلك الفترة. كما أولى اهتمامًا بالزراعة، مما أدى فيما بعد إلى الخروج من الأزمة وأطلق المصريون اسم بدر الدين بن عبد الله الجمالي على أشهر الأحياء في مصر وهو حي الجمالية.

النيل برئ

في ذلك الوقت، كانت مصر تعاني من سوء الإدارة نتيجة شخصية الخليفة وتدخل والدته في شؤون الحكم، بالإضافة إلى استشارة الخليفة لبعض المقربين ذوي النوايا السيئة الذين سعوا إلى إفساد البلاد. كما أدى تعدد جنسيات الجنود وضعف سلطة الحكم إلى تناحرهم فيما بينهم.

مع انقطاع المياه وعدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة، تفاقمت الأوضاع لتشمل الشدة والمجاعة، وبسبب الوضع الإداري المتدهور، لم يتم التعامل مع هذه المشكلات بالسرعة المطلوبة. حينما عُزل المستنصر الحسن بن الحسين الحمداني الملقب بذي المجدين من ولاية الشام، جاء إلى مصر وجند البدو وحاصر القاهرة قاطعا عنها مدد المؤن والطعام القادم من الدلتا والصعيد، وصادف ذلك مع انخفاض النيل فجاع الناس ووقعت الشدة". ومع ذلك، ستظل مصر صامدة رغم كل الظروف، فهي حضارة ممتدة عبر آلاف السنين، شهدت فترات من المعاناة والرخاء، ولكن صلابة شعبها كانت دائمًا السند الذي يعيدها إلى قوتها.

toTop