button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

الحرف التقليدية السعودية معروضة في مزاد الإبل في الجوف

ADVERTISEMENT

في احتفالية نابضة بالحياة بالنسيج الثقافي الغني للمملكة العربية السعودية، تحوّل مزاد الإبل الأخير، في منطقة الجوف في المملكة العربية السعودية، وتحديدًا في دومة الجندل، إلى معرض حيّ للتراث، حيث التقى فيه القديم والمعاصر. وبينما استقطب الحدث مربي الإبل وتجارها وهواة الإبل من جميع أنحاء المملكة ومنطقة الخليج العربي لهدفه الرئيسي – وهو تجارة بعضٍ من أثمن أنواع الإبل في العالم العربي - فقد برز أيضًا كمنصة مهمة لعرض الحرف التقليدية المتنوعة والراسخة في البلاد. نستكشف في هذه المقالة هذا المعرض الذي استمرّ عشرة أيام، وآثاره على الاقتصاد والثقافة.

مزيجٌ من التجارة والثقافة:

استقطب مزاد الإبل في دورته الثانية آلاف الحضور. وإلى جانب جاذبيته التجارية، أصبح الحدث ركنًا أساسيًا في إحياء التراث الثقافي، إذ دمج تراث المملكة في تجمع عصري. ولم يكن إدراج عروض الحرف اليدوية أمرًا عرضيًا، بل كان مقصودًا، تماشيًا مع إعلان وزارة الثقافة السعودية عام 2025 "عام الحرف اليدوية". شكّل مزاد الإبل حدثًا متعدد الأوجه، إذ جمع بين سوق للماشية، ومعرض ثقافي، ومعرض حرفي. ودُعي حرفيون من مختلف أنحاء المملكة لعرض مهاراتهم، وسرد قصصهم، وعرض حرفهم التي توارثتها الأجيال.

ADVERTISEMENT
الصورة بواسطة TUBS , على Wikimedia

خارطة تبين منطقة الجوف في السعودية

أضواء على حرفة "الصميل":

من أبرز المعروضات حرفة صناعة أكياس "الصميل"، وهي أوعية جلدية استخدمها البدو قديمًا لتخزين السمن والزبادي والماء. قدّمت أم مشعل، وهي حرفية محلية شهيرة، عروضًا حية لكيفية صنع هذه الأكياس من جلود الحيوانات. وأوضحت أن جلد الغنم يُفضّل لتخزين الزبادي نظرًا لخصائصه العازلة، بينما يُعدّ جلد الماعز أنسب للسمن، لكونه أكثر متانة وأسهل تشكيلًا. عملية صنع "الصميل" معقدة: تبدأ باختيار الجلود المناسبة، وتعالَج لإزالة الشعر، ثم تُدبغ باستخدام مستخلصات طبيعية من أشجار الصحراء، وتُملّح للحفاظ على سلامتها. بعد التجفيف، تُنعّم الجلود وتُشكّل وتُخاط يدويًا لتتخذ شكلها، بفتحة ضيقة تُغلق بـ"الويكا"، وهو خيط جلدي رفيع. والنتيجة قطعة متينة وهامة ثقافيًا، تجمع بين الفائدة والتراث. استقطبت ورشة عمل أم مشعل في المزاد حشودًا غفيرة، وشاهد الأطفال العمل بعيون مفتوحة وأفواه فاغرة، وأومأ الكبار برؤوسهم تقديرًا، واستمع الشباب السعوديون بفضول وفخر. لم يكن الأمر مجرد عرض، بل كان لحظةً لنقل الثقافة.

ADVERTISEMENT
الصورة بواسطة Heritage Commission , على Wikimedia

حي الدرع في دومة الجندل التاريخية

الحرف اليدوية أولوية وطنية:

يُمثّل قرار المملكة بإعلان عام 2025 "عام الحرف اليدوية" أكثر من مجرد لفتة رمزية، بل هو جزء من جهد وطني أوسع لإحياء التراث الثقافي غير المادي للمملكة العربية السعودية والحفاظ عليه. بدعم من هيئة التراث السعودي وهيئات ثقافية مختلفة، تسعى هذه المبادرة إلى إحياء الحرف اليدوية مثل النسيج (السدو)، والفخار، وفن سعف النخيل، والتطريز (الزري)، والصناعات الجلدية. تُعدّ فعاليات مثل مزاد الجوف للإبل ساحات أساسية لهذا الجهد، إذ تتيح للحرفيين الوصول إلى أسواق أوسع وجماهير جديدة، مع غرس الفخر الثقافي في نفوس الأجيال الشابة. كما تُتيح فرصًا لربط المعرفة التقليدية بالابتكار، وتشجيع تطوير منتجات جديدة متجذرة في التقنيات القديمة.

ADVERTISEMENT

الأثر الاقتصادي والثقافي:

كان للجانب الثقافي من مزاد الجوف للإبل آثار اقتصادية ملحوظة أيضًا. فقد أفاد العديد من الحرفيين بمبيعات قوية للمنتجات اليدوية، من الحقائب الجلدية والمنسوجات إلى الفخار والأواني الخشبية المنحوتة. وقد ساعد هذا العرض بعضهم على تأمين شراكات تجارية جديدة، أو دعوات لحضور فعاليات وطنية أخرى. علاوة على ذلك، يُضيف دمج الحرف التقليدية في الفعاليات العامة الكبرى قيمةً للسياحة السعودية. يلقى الجانب التفاعلي، الذي يُركّز على الإنسان، صدىً عميقاً لدى الزوار المحليين والدوليين على حد سواء، مُقدّماً تجربةً غنيةً وأصيلةً لا تُقدّمها الأنشطة التجارية البحتة. وبرفع مستوى الحرف اليدوية من كونها صناعاتٍ منزليةً هامشيةً إلى سماتٍ جوهريةٍ في السياسة الثقافية الوطنية، تستثمر المملكة العربية السعودية في كلٍّ من التنويع الاقتصادي والحفاظ على التراث الثقافي.

ADVERTISEMENT
الصورة بواسطة Ooligan , على Wikimedia

يتمتع الحرفيون السعوديون بسمعة عالمية

التقاءٌ ثقافيٌّ في الجوف:

شكّلت منطقة الجوف، ذات الأهمية التاريخية لموقعها على طرق التجارة القديمة، خلفيةً مثاليةً لالتقاء التجارة والثقافة هذا. وقد أضافت دومة الجندل، بآثارها القديمة ومجتمعاتها المحلية النابضة بالحياة، عمقاً تاريخياً للحدث. وجسّد المكان نفسه الاستمرارية، هذا المكان الذي لا يُخلّد فيه الماضي فحسب، بل يُشارك فيه أيضاً بفعالية. كما استمتع زوار المزاد بتجارب طهيٍ مميزةٍ مع أطباقٍ سعوديةٍ تقليدية، وعروضٍ موسيقيةٍ بآلاتٍ شعبية، وحلقاتٍ لسرد القصص. وقد أكّد إشراك الحرفيات ورائدات الأعمال على الطابع الشامل والتطلعي للحدث.

استشراف المستقبل:

يُمثّل نجاح معرض الحرف التقليدية في مزاد الجوف للإبل نموذجًا يُحتذى به للفعاليات المستقبلية في جميع أنحاء المملكة. ومع مضي المملكة العربية السعودية قدمًا في رؤية 2030، ستزداد أهمية المبادرات التي تمزج التراث بالابتكار. من خلال فعاليات كهذه، لا تقتصر المملكة العربية السعودية على حماية إرثها الثقافي فحسب، بل تُعيد أيضًا تصوره للمستقبل. لم تعد الحرف اليدوية مقتصرة على المتاحف أو القرى النائية؛ بل صارت تُدمج من جديد في الحوار الوطني والاقتصاد. وبالنسبة لآلاف الذين حضروا المزاد، كانت التجربة أكثر من مجرد صفقة أو عرض، بل كانت بمثابة إعادة تأكيد للهوية.

ADVERTISEMENT

الخاتمة:

تُتيح المهرجانات المحلية في جميع أنحاء المملكة العربية السعودية منصةً لعرض الحرف اليدوية التقليدية الأصيلة، وقد أصبح مزاد الجوف للإبل معلمًا ثقافيًا فريدًا، بربطه بين عالمي تجارة الإبل والحرف التقليدية. يُؤكد هذا المزاد مجددًا أن تراث المملكة ليس مجرد أثر من الماضي، بل هو جزء حيّ من حاضرها ومستقبلها. ومع استمرار المملكة في رعاية أصولها الثقافية، ستظل فعاليات كهذه أساسية احتفاءً بفنون الحرف اليدوية وروح الأمة.

toTop