button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

صواريخ الأمواج الثقالية: هل يمكن استخدام الأمواج الثقالية للدفع؟

ADVERTISEMENT

صواريخ الأمواج الثقالية هي مفهوم تخميني يقترح استخدام الأمواج الثقالية (تموجات في الزمكان تتنبأ بها نظرية النسبية العامة لأينشتاين) للدفع. ومثلما تدفع الصواريخ العادية نفسها عن طريق إخراج كتلة من الوقود في اتجاه للتحرك في الاتجاه المعاكس (بفضل قانون نيوتن الثالث، مبدأ الفعل وردّ الفعل)، فإن صاروخ الأمواج الثقالية يدفع نفسه عن طريق إصدار إشعاع ثقالي اتجاهيًا.

على الرغم من أن هذه الفكرة مثيرة للاهتمام، إلا أنها لا تزال نظرية للغاية وتواجه تحديات علمية وهندسية كبيرة. في هذه المقالة نقدم للقارئ الكريم مفهوم الأمواج الثقالية، وإمكانية الاستفادة منها في الدفع الصاروخي.

طبيعة الأمواج الثقالية:

الأمواج الثقالية أو أمواج الجاذبية هي اضطرابات ضعيفة للغاية في الزمكان ناتجة عن أجسام ضخمة متسارعة (مثل اندماج الثقوب السوداء أو النجوم النيوترونية).

ADVERTISEMENT

تحتوي كل مجرة تقريبًا على ثقب أسود فائق الكتلة في مركزها. عندما تندمج المجرات، يقترب الثقبان الأسودان أحدهما من الآخر اقترابًا حلزونيًا، ويندمجان في النهاية من خلال انبعاث أمواج الجاذبية. في غضون بضعة مليارات من السنين، ستحدث هذه العملية بالقرب من كوكبنا، حيث ستصطدم مجرتنا درب التبانة بأقرب جارتها الضخمة، مجرة أندروميدا.

الصورة بواسطة Nwbeeson على wikimedia

اندماج ثقبين أسودين وتحرير أمواج ثقالية. لاحظ المسار الحلزوني

إذا كان الثقبان الأسودان مختلفين في الكتلة، فإن انبعاث موجات الجاذبية يكون غير متماثل، ما يتسبب في ارتداد نتاج الاندماج. تؤدي الانطلاقات الشديدة للأمواج الثقالية في اتجاه مفضل، أثناء الاندفاع النهائي للثقوب السوداء بعضها نحو البعض الآخر، إلى دفع الثقب الأسود المتبقي في الاتجاه المعاكس من خلال تأثير الصاروخ (الفعل وردّ الفعل). والنتيجة النهائية هي أن الأمواج الثقالية تدفع بقايا الثقب الأسود إلى سرعات تصل إلى بضعة في المائة من سرعة الضوء. ويتصرف الثقب الأسود المندفع إلى الخلف مثل حمولة صاروخ مدفوع بالأمواج الثقالية.

ADVERTISEMENT

يمكن ملاحظة انبعاث الأمواج الثقالية أثناء اندماج الثقوب السوداء بشكل مباشر. على وجه الخصوص، فإن هوائي الفضاء التداخلي الليزري ( the Laser Interferometer Space Antenna أو اختصارًا LISA)، المقرر إطلاقه من قبل وكالة الفضاء الأوروبية في عام 2035، يتكون من ثلاث مركبات فضائية تشكل مواقعها قمم مثلث متساوي الأضلاع يبلغ طول ضلعه 2.5 مليون كيلومتر في مدار حول الشمس. سيتمكن LISA من اكتشاف أزواج الثقوب السوداء التي تتراوح كتلتها بين عشرة آلاف وعشرة ملايين كتلة شمسية في جميع أنحاء الكون.

الصورة بواسطة Carlog3 على wikimedia

فكرة ليزا، ثلاثة مركبات فضائية. تمثل النقطة الصفراء الشمس، وفي جوارها الأرض والقمر

هل يمكن استخدام صواريخ الأمواج الثقالية للسفر إلى الفضاء؟

ستدفع عاصفة الأمواج الثقالية بالقرب من الثقوب السوداء المندمجة أي كوكب قريب إلى سرعات عالية. قد يكون الإبحار على أمواج الجاذبية إلى الفضاء بين المجرات أمرًا ممتعًا. لتحقيق ذلك، ستحتاج حضارة مجرّية مثل حضارتنا إلى إيقاف مركبة فضائية بالقرب من الثقب الأسود (Sagittarius A*)، الذي يقع في برج القوس في مجرة درب التبانة، والانتظار حتى اندماجه مع الثقب الأسود في مجرة أندروميدا بعد بضعة مليارات من السنين. إن التواجد في المكان المناسب في الوقت المناسب أمر ضروري للدفع بأمواج الجاذبية.

ADVERTISEMENT

أين يقع أقرب زوج من الثقوب السوداء؟ لا نعرف، ولكن من المحتمل أن يكون قريبًا نسبيًا إذا كانت المادة المظلمة تتكون من ثقوب سوداء بدائية في نطاق كتلة الكويكبات. في هذه الحالة، قد توجد أزواج منها داخل المجموعة الشمسية. وسيشكل اكتشافها مثالًا على العلوم الثورية في القرن الحادي والعشرين.

الصورة بواسطة Hiàn على wikimedia

ثقب أسود فائق الكتلة تم دفعه خارج مركز مجرة بعيدة بواسطة الأمواج الثقالية

هل يمكن استخدام الأمواج الثقالية للدفع؟

نظريًا: نعم، تحمل أمواج الجاذبية زخمًا، لذا إذا تمكنت من إطلاقها بشكل غير متماثل (بشكل أكبر في اتجاه واحد عن الآخر)، فستتعرض مركبتك الفضائية لقوة رد فعل، تمامًا مثل الصاروخ العادي. وهذا ما يسمى ”رد فعل إشعاع الجاذبية“.

ومع ذلك، هناك تحديات كبيرة:

متطلبات الطاقة: يتطلب إطلاق أمواج الجاذبية كميات هائلة من الكتلة والطاقة تتحرك بسرعات نسبية (قريبة من سرعة الضوء) مع تسارع غير متماثل. ولا تستطيع الأنظمة التي يصنعها الإنسان تحقيق ذلك حاليًا؛ فحتى الثقوب السوداء المتصادمة، التي تصدر أقوى أمواج جاذبية رصدناها، لا تحوّل سوى جزء صغير من كتلتها إلى إشعاع جاذبية.

ADVERTISEMENT

الاتجاهية والتحكم: حتى إذا تم توليدها، فإن تركيز أمواج الجاذبية من أجل الدفع غير واضح، على عكس الأمواج الكهرومغناطيسية (مثل الليزر).

الكفاءة: تحويل الطاقة إلى أمواج جاذبية أقل كفاءة بكثير من الصواريخ التقليدية أو محركات الأيونات.

الصورة بواسطة WikiImages على pixabay

لا تزال المحركات التقليدية أكثر كفاءة

مقترحات نظرية:

تقترح بعض الأفكار التخمينية استخدام كتل غير متماثلة تدور بسرعة أو عمليات فيزيائية فلكية عالية الطاقة لإنتاج أمواج جاذبية للدفع.

أو استخدام أجسام فائقة الكثافة (مثل النجوم النيوترونية) في مدارات ضيقة لإنشاء نوع من ”محرك الأمواج الجاذبية“.

يتضمن مفهوم آخر ”ركوب“ أمواج الجاذبية الطبيعية، ولكن هذا يتطلب دقة فائقة وطاقة تتجاوز التكنولوجيا الحالية.

الخاتمة:

على الرغم من أن الدفع بواسطة أمواج الجاذبية صالح من الناحية الفيزيائية من حيث المبدأ، إلا أن الصواريخ التي تعمل بهذا المبدأ تبقى حتى الآن لا أكثر من تجربة فكرية رائعة في مجال الفيزياء النظرية، وتتجاوز قدراتنا الهندسية الحالية. وذلك لأن الدفع بأمواج الجاذبية ليس ممكنًا حتى الآن بسبب الظروف القاسية اللازمة لتوليد أمواج قابلة للكشف، وعدم وجود آليات معروفة لتحويل أمواج الجاذبية بكفاءة إلى قوة دفع، إضافةً إلى وجود بدائل أفضل بكثير (الدفع الكيميائي أو الكهربائي أو حتى الليزري).

ADVERTISEMENT

قد تؤدي التطورات المستقبلية في مجال التلاعب بالزمكان (على سبيل المثال، من خلال الاكتشافات في مجال الجاذبية الكمومية أو في مجال مواد جديدة) إلى إعادة فتح النقاش، ولكن في الوقت الحالي، لا تعتبر هذه الصواريخ طريقة دفع عملية.

toTop