تونس، هذه الدولة الصغيرة بمساحتها الكبيرة بتاريخها، تحتضن على ترابها آثارًا تمتد من حضارة قرطاج العظيمة إلى القرى الرومانية المهيبة، وصولًا إلى المدينة العتيقة التي لا تزال نابضة بالحياة. إنها رحلة مثالية لمحبي الرحلات والسفر الباحثين عن عمق التاريخ وسحر المدن العربية المتوسطية.
تجمع تونس بين البحر والجبل والصحراء، لكنها تتميز قبل كل شيء بكونها متحفًا مفتوحًا لحضارات البحر الأبيض المتوسط. ستأخذك هذه الجولة بين آثار قرطاج المهيبة، وضخامة مدينة الجم الرومانية، وأزقة المدينة العتيقة في تونس العاصمة، حيث يتعانق الماضي بالحاضر في لوحة منسوجة بالعطر والتوابل والفن الإسلامي.
عند زيارتك لقرطاج، أنت تسير فوق أطلال مدينة أسطورية أسستها الملكة الفينيقية عليسة (ديدون) في القرن التاسع قبل الميلاد، والتي أصبحت لاحقًا إمبراطورية بحرية بسطت نفوذها على جزء واسع من المتوسط. يخلد التاريخ قرطاج بذكرى حروبها البونية ضد روما، خصوصًا أسطورة القائد حنبعل الذي قطع جبال الألب بأفياله ليدخل روما.
قراءة مقترحة
يقع فوق هضبة بيرصا حيث أسست ديدون المدينة. يحتوي المتحف على قطع أثرية نادرة من الفترة البونية والرومانية والمسيحية المبكرة، بينها توابيت حجرية ونُصُب جنائزية وتماثيل رائعة.
إذا كنت مفتونًا بالعمارة الرومانية، فلن تكتمل جولتك دون زيارة مدينة الجم الواقعة في ولاية المهدية شرق تونس. هنا يقف المدرج الروماني في الجم شامخًا كأكبر أثر روماني محفوظ في أفريقيا وثالث أكبر مدرج في العالم بعد الكولوسيوم في روما ومدرج كابوا.
البناء والوظيفة: بُني في القرن الثالث الميلادي بسعة 35 ألف متفرج، كان مسرحًا لمصارعات الوحوش والمبارزات الدامية. يتميز بدقة هندسته وصمود جدرانه وأقبية ممراته رغم الزلازل والحروب.
التجربة السياحية: يمكنك التجول داخل الممرات الحجرية والصعود إلى أعلى المدرج لالتقاط صور بانورامية للمدينة، أو زيارة المتحف الأثري الصغير القريب الذي يعرض فسيفساء رومانية ومجسمات تشرح بناء المدرج.
في الصيف، يتحول المدرج إلى مسرح مفتوح للحفلات السمفونية العالمية. إن حضور حفل موسيقي ليلي في قلب هذا الأثر العريق تجربة تجمع الفن بالتاريخ وتبقى محفورة في الذاكرة.
مدينة دقة شمال غرب تونس من أفضل المدن الرومانية حفظًا في أفريقيا، أدرجتها اليونسكو ضمن مواقع التراث العالمي. عند زيارتها ستشاهد:
في ولاية القصرين تقع سبيطلة، مدينة رومانية بيزنطية غنية بآثارها:
تبعد عن العاصمة 30 كم جنوبًا، وتضم:
المدينة العتيقة في تونس العاصمة مدرجة ضمن مواقع التراث العالمي. تأسست في القرن السابع الميلادي، وهي مزيج من الفنون الإسلامية العربية والعثمانية والأندلسية. عند دخولك باب البحر أو باب الجديد، تبدأ رحلة ساحرة بين الأزقة الضيقة والقباب البيضاء والأبواب المزخرفة بالألوان.
لا تنس التوقف في مقهى الشواشين أو مقهى المرابطين، حيث يمكنك تذوق الشاي الأخضر بالنعناع أو القهوة التركية، وتأمل مشهد جامع الزيتونة ومآذن المدينة.
رغم شهرة تونس بشواطئ الحمامات وسوسة وجربة، فإن ثراءها الأثري يجعلها من أهم وجهات السياحة الثقافية في شمال أفريقيا. تجمع آثارها بين حضارة قرطاج العريقة والحضارة الرومانية الواسعة والحضارة الإسلامية التي أنتجت مدارس العلم والفنون في مدنها العتيقة.
بين آثار قرطاج المهيبة، ومسرح الجم الروماني، وقرى الرومان المتناثرة في الشمال الغربي، وأزقة المدينة العتيقة في العاصمة، ستكتشف أن تونس ليست مجرد شاطئ جميل على المتوسط، بل هي مكتبة مفتوحة للتاريخ الإنساني. لكل من يهوى السياحة الثقافية والتاريخية، هذه البلاد تحمل له قصصًا لم تروها بعد كتب التاريخ كاملة، لكنها حُفرت على حجارة مسارحها وأعمدة معابدها وأبواب مدينتها العتيقة، لتبقى خالدة أبد الدهر.
هل يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى تدمير مهارات التفكير النقدي لديك؟
8 من أقدم دول العالم
كهف كريستال في المكسيك: اكتشف عالم البلورات العملاقة تحت الأرض
تلمسان: لمسات تاريخية من الأندلس في الجزائر
السيارات الكلاسيكية: هل من الممكن اقتناؤها في الوطن العربي دون إفلاس؟
صورة ناسا تكشف عن مسارات شياطين الغبار (Dust Devils) على المريخ
تمنراست: بوابة الصحراء الكبرى وتجربة الطوارق الثقافية
تعلم اللغة الصينية للمتحدثين الأصليين باللغة العربية
التأثيرات التحويلية للقراءة على الدماغ: منظور تاريخي وعلمي
عمان: قصة كهف مجلس الجن