قد يساعد التعديل المعرفي المصابين بالأرق على النوم

ADVERTISEMENT

يظل ملايين الأشخاص مُستيقظين ليلةً بعد ليلة، وعقولهم تُسابق الزمن بين قوائم المهام، والندم، والمحادثات، والهموم المُتفرقة. الأرق لا يُعزى دائمًا إلى الضوضاء أو عدم الراحة - بل غالبًا إلى دماغ مُفرط النشاط لا يُبطئ من نشاطه. وهنا يأتي دور الخلط المعرفي. طُوِّرت هذه التقنية لتقليل اليقظة المعرفية (حالة اليقظة الذهنية التي تُقاوم النوم)، ويتضمن الخلط المعرفي التلاعب بصور أو كلمات عشوائية وغير مُترابطة عقليًا لمقاطعة أنماط التفكير المُعتادة التي تُبقينا مُستيقظين. تخيّلها كمحاولة لخلط عقلك بلطف ودفعه إلى حالة من النعاس. بخلاف عدّ الأغنام أو تمارين التنفس، لا يتطلب خلط الأفكار المعرفية الهدوء أو حتى التركيز. بل يعمل عن طريق تعطيل التفكير الخطي الذي يُبقيك متيقظًا.

صورة بواسطة Ben Blennerhassett على unsplash
ADVERTISEMENT

كيف يعمل : تشتيت الذهن لدعوة النوم

يعتمد خلط الأفكار المعرفية على خلق مدخلات ذهنية غير منطقية عمدًا لمنع التفكير المتكرر. إليك شرح لكيفية تجربته:

· اختر كلمة عشوائية، ويفضل أن تتكون من خمسة أحرف على الأقل - على سبيل المثال، "تفاحة".

· تخيل صورة مرتبطة بالكلمة لكل حرف، بدءًا من الحرف الأول. على سبيل المثال، بالنسبة لحرف "A"، قد تفكر في "طائرة". بالنسبة لحرف "P"، ربما "بطريق"، وهكذا.

· بمجرد تخيل صورة، اقضِ بضع ثوانٍ في تخيلها بالتفصيل: كيف تبدو؟ أين هي؟ هل تتحرك؟ ثم انتقل إلى الحرف التالي.

· إذا شرد ذهنك أو انتهيت من الكلمة، فاختر كلمة جديدة وابدأ من جديد.

ليس السر في تأليف قصة أو حل لغز، بل في الاستمرار في خلق صور عشوائية متقطعة.

سبب نجاحها:

· ينجرف الدماغ طبيعيًا نحو النوم عند مواجهة *مهام لا معنى لها أو بسيطة*.

ADVERTISEMENT

· يحجب السرد الداخلي المسؤول عن التوتر أو القلق.

· يحول الدماغ من وضع القشرة الأمامية (حل المشكلات) إلى وضع معالجة بصرية أشبه بالأحلام.

يشبه الأمر اختطاف نظام انتباه دماغك وخداعه لينام.

صورة بواسطة Sander Sammy على unsplash

يقول العلم: أدلة وراء هذه التقنية

على الرغم من أن مفهوم الخلط المعرفي يبدو غريبًا للوهلة الأولى، إلا أنه متجذر بعمق في الأبحاث النفسية والعصبية الحديثة. اشتهرت هذه التقنية على يد لوك بودوان، عالم الإدراك من جامعة سيمون فريزر، الذي طور طريقة تُسمى "التخيل المتنوع المتسلسل" – وهي منهجية تعتمد على تنويع الصور الذهنية وتسلسلها بطريقة تُربك التركيز الواعي وتدفع العقل للاسترخاء. في دراسة نُشرت في مجلة طب النوم السلوكي، وجد بودوان أن المشاركين الذين استخدموا خلط الأفكار المعرفية ناموا أسرع بكثير من أولئك الذين لم يستخدموها. وقد نجحت هذه التقنية حتى مع الأشخاص الذين عانوا من الأرق المزمن لسنوات طويلة، وهو ما يميزها عن الأساليب التقليدية. وعلى عكس تقنيات الاسترخاء التقليدية، لم تتطلب هذه الطريقة يقظة ذهنية أو تنظيمًا عاطفيًا - بل اعتمدت على شرود ذهني نشط وموجه. يدعم العلم ما يعرفه النائمون المحبطون بالفعل: محاولة إجبار النفس على النوم من خلال بذل الجهد أو محاولة "الهدوء القسري" قد تؤدي إلى نتائج عكسية وتزيد من الأرق. في المقابل، تسمح تقنيات مثل خلط الأفكار المعرفية للعقل بالانجراف الطبيعي دون ضغوط ذهنية أو انفعالية. وتدعم فحوصات الدماغ هذا التوجه، حيث تُظهر انخفاضًا ملحوظًا في نشاط قشرة الفص الجبهي - وهي المنطقة المسؤولة عن التفكير العقلاني والتخطيط - مقابل زيادة نشاط شبكة الوضع الافتراضي، التي ترتبط باليقظة الهادئة، والاستغراق في الخيال، وبدايات الأحلام.

ADVERTISEMENT

من النظرية إلى وقت النوم : كيف تجعلها مفيدة لك

إذن، كيف يمكنك دمج ترتيب الأفكار في روتينك قبل النوم؟ الأمر بسيط للغاية، ولا يتطلب أي تطبيقات أو تمارين تنفس أو أدوات - فقط خيالك. لكن الاتساق والعقلية الصحيحة يُحدثان فرقًا كبيرًا. إليك بعض النصائح العملية لمساعدتك على تحقيق ذلك:

· اختر الكلمات مسبقًا. اختر بضع كلمات من خمسة إلى سبعة أحرف خلال اليوم. بهذه الطريقة ستكون مستعدًا قبل النوم ولن تُرهق نفسك باختيار الكلمة المناسبة.

· المرئيات أهم من المنطق. لا تقلق إذا كانت الصور التي تخطر ببالك غريبة أو عشوائية أو سخيفة. في الواقع، كلما كانت أكثر تشتتًا، كان ذلك أفضل. "موزة تركب دراجة نارية"؟ رائع.

· جرب التوجيه الصوتي. يوجد تطبيق مجاني يُسمى mySleepButtonيعتمد على هذه الطريقة تحديدًا. يُقدم التطبيق إرشادات عشوائية مثل "تخيل غلاية"، "تخيل كرة سلة"، إلخ - لذا لا داعي لابتكار أي شيء بنفسك.

ADVERTISEMENT

· استخدمه قبل أن يسيطر عليك الإحباط. لا تنتظر حتى تتقلب في فراشك لساعات. جرب إعادة ترتيب الأفكار خلال 10-15 دقيقة من الاستلقاء.

· اقرنه بعادات نوم صحية. على الرغم من فعالية إعادة ترتيب الأفكار، إلا أنها تعمل بشكل أفضل مع عادات نوم صحية: غرفة باردة ومظلمة، وعدم استخدام الشاشات قبل النوم بساعة، وجدول نوم منتظم.

وقبل كل شيء، اجعل العملية ممتعة. على عكس إجبار نفسك على عد الأغنام أو التنفس بعمق وأنت قلق بشأن ما إذا كان ذلك "ناجحًا"، فإن إعادة ترتيب الأفكار هي بسيطة، بل وممتعة بعض الشيء. أنت لا تحاول النوم، بل تتخيل أشياءً سخيفة حتى تنام.

صورة بواسطة Alexandra Gorn على unsplash

فكرة أخيرة : النوم لا يحب أن يُطارد

لو كان النوم إنسانًا، لما استجاب جيدًا للملاحقة العنيفة. كلما حاولت إجبار نفسك على النوم، كلما تسلل إليك. لهذا السبب، يبدو خلط الأفكار المعرفية بمثابة اكتشاف مذهل لمن يعانون من الأرق، فهو لا يتطلب سكونًا أو صمتًا. إنه يطلب منك فقط التخلي عن التماسك. سواءً كنت تتخيل أناناسًا راقصًا أو قطارًا مصنوعًا من حلوى الجيلي بينز، فإن هذه التقنية تقدم شيئًا نادرًا: مسارًا سلسًا وهادئًا نحو النوم، لا يعتمد على الجهد أو التأمل أو اليقظة. في النهاية، الأمر لا يتعلق ببذل جهد أكبر، بل بالتفكير بشكل مختلف.

أكثر المقالات

toTop