عندما يخطط المسافرون لزيارة الإمارات العربية المتحدة، غالبًا ما ينحصر خيالهم في ناطحات السحاب والأسواق الفاخرة والشواطئ الهادئة. لكن الإمارات تخبئ في قلبها كنوزًا طبيعية تذهل كل من يجرؤ على استكشافها. من صحراء ليوا ذات الكثبان المهيبة جنوبًا، إلى أودية جبال رأس الخيمة شمالًا، تقدم هذه الدولة الصغيرة مساحة كبيرة من التنوع الطبيعي والمغامرات التي تروي ظمأ الباحثين عن الجمال الحقيقي بعيدًا عن صخب المدن.
تبعد ليوا حوالي 250 كيلومترًا جنوب غرب أبوظبي، وهي البوابة الشمالية الشرقية للربع الخالي، أكبر صحراء رملية متصلة في العالم. عند الاقتراب منها، تتغير ملامح الأرض تدريجيًا من الطرق المستقيمة والصحاري المنبسطة إلى كثبان مذهلة ترتفع لعشرات الأمتار مثل جدران عملاقة من الرمال الذهبية. هنا، يشعر الزائر بضآلة حجمه أمام عظمة الطبيعة الصحراوية.
قراءة مقترحة
يعتبر "تل مرعب" أشهر مواقع ليوا وأكثرها إثارة لعشاق التحديات. بارتفاع يقارب 300 متر بزاوية ميل حادة، يستقطب هذا الكثيب سباقات السيارات والدراجات الرملية كل شتاء. لكن حتى لمن لا يهتم برياضة المحركات، يكفي الوقوف على قمته ساعة الغروب ليشاهد غروب الشمس وهي تغمس آخر خيوطها الذهبية في بحر الرمال الممتد حتى الأفق.
بعيدًا عن السباقات، يجد محبو الهدوء ضالتهم هنا. التخييم في صحراء ليوا تجربة عميقة تلامس الروح. بمجرد أن تغرب الشمس ويخفت ضوء النهار، تتحول السماء إلى عرض ساحر من النجوم، بلا تلوث ضوئي يحجب مجرتها. يمكن للمخيمين الاستمتاع بمراقبة الأبراج الفلكية أو الاستلقاء بصمت تام وسط الرمال الباردة. إنه المكان المثالي للتأمل، وتجديد الطاقة النفسية، والشعور بالاتصال الحقيقي بالطبيعة.
ورغم قسوة الصحراء، تنتشر في ليوا العديد من الواحات المزروعة بالنخيل مثل واحة مزيرعة وواحة ظفرة. هذه الواحات التي روت تاريخ قبائل بني ياس لا تزال شاهدة على عبقرية الإنسان الإماراتي في تحويل الرمال إلى مصدر حياة وخير. يمكن للزوار التجول فيها والتعرف على طرق الري التقليدية (الأفلاج) وتذوق رطب ليوا الشهير الذي يعد من أجود تمور الإمارات.
على الطرف الآخر من البلاد شمالًا، تبدأ الطبيعة بتغيير ثوبها من الصحاري الواسعة إلى جبال الحجر الصلدة، وتحديدًا في إمارة رأس الخيمة. هنا، تبرز القمم الجبلية الشاهقة والتكوينات الصخرية القديمة التي تروي قصص التكوين الجيولوجي لشبه الجزيرة العربية.
يعتبر جبل جيس، بارتفاع يقارب 1934 مترًا فوق سطح البحر، أعلى قمة في الإمارات. الوصول إليه رحلة في حد ذاتها. الطريق الجبلي المعبد والمتعرج يقدم مناظر خلابة في كل منعطف، حيث يطل على وديان عميقة وقرى جبلية وبيوت حجرية تقليدية.
في قمة جبل جيس، يمكن للزوار الاستمتاع بدرجات حرارة أقل بـ10 درجات مئوية عن الساحل، ما يجعل المكان ملاذًا صيفيًا مميزًا. كما يمكنهم تجربة "جبل جيس فلايت"، أطول مسار انزلاقي في العالم بطول 2.83 كيلومتر، والذي يمنحهم فرصة الطيران فوق الأخاديد الجبلية بسرعة تصل إلى 150 كم/س، لتكون واحدة من أكثر تجارب المغامرة تشويقًا في المنطقة.
تمتلئ رأس الخيمة بالأودية التي تجري فيها السيول شتاءً، مخلفة بركًا مائية صافية وأرضًا خصبة تنمو فيها أشجار السدر والطلح. وادي شوكة من أكثر الوجهات شعبية لمحبي التنزه والتخييم، إذ يمكن الوصول إليه بسهولة، كما يتيح مسارات مشي جميلة بين التلال المنخفضة والتكوينات الصخرية الملونة.
أما وادي البيح، فيعد من الأماكن المحببة لمحترفي التسلق والهايكنج، إذ يمر بمسارات وعرة تتطلب لياقة عالية ولكنها تكافئ الزائر بمشاهد بانورامية مذهلة من قممه. كما تنتشر في هذه الأودية قرى جبلية قديمة ومزارع تقليدية، ما يمنح الرحلة لمسة ثقافية إلى جانب بعدها الطبيعي.
بعد يوم طويل من المغامرة، لا يوجد أفضل من الاسترخاء في ينابيع عوافي الكبريتية. هذه الينابيع الطبيعية الحارة تقع قرب سفوح الجبال وتوفر للزوار جلسات علاجية ومياهًا معدنية دافئة تخفف توتر العضلات وتعيد للجسم نشاطه.
تجمع الإمارات بين أقصى مظاهر الطبيعة الصحراوية في ليوا وأعلى المرتفعات الجبلية في رأس الخيمة، ضمن مساحة صغيرة نسبيًا، مما يسهل على المسافر الجمع بين التجربتين في رحلة واحدة. يمكن لمن يزور أبوظبي أو دبي الانطلاق جنوبًا ليوم أو يومين إلى ليوا، ثم السفر إلى رأس الخيمة شمالًا لقضاء بقية العطلة بين الجبال والوديان، ليحصل على تجربة متكاملة بين هدوء الرمال وسكينة الأودية.
إن الطبيعة في الإمارات مليئة بالتنوع المذهل الذي يجمع بين الصحراء والجبال والواحات. تقدم صحراء ليوا بمحيطها الواسع وكثبانها الشاهقة تجربة استكشاف ومغامرة وسط الصمت الرملي، بينما تمنح جبال رأس الخيمة وأوديتها الجبلية فرصة للهروب إلى عوالم الصخور والقمم العالية والمياه الدافئة المنبثقة من ينابيعها.
وبينما يظن كثيرون أن الإمارات وجهة تقتصر على الفخامة العصرية والتسوق، تبقى كثبان ليوا وأودية رأس الخيمة شاهدين على طبيعتها البكر التي تلهم محبي الرحلات والسفر للعودة مرات ومرات، بحثًا عن السكينة تارة، والمغامرة تارة أخرى.
دار الحرفيين تعزز الحرف التراثية في جازان
5 ألعاب وأنشطة لتنمية المهارات الناعمة لطفلك
الدول العربية: معلومات شيقة لم تسمعها من قبل
الذين يجدون المشاكل لا يقلون قيمة عن الذين يحلّونها
يوم واحد في مدينة الرباط الجميلة بالمغرب
قشرة الشعر: أسبابها وكيفية الوقاية منها
اكتشاف البوشيدو والساموراي
اكتشف البتراء: المدينة الوردية في الأردن
القصة الملحمية لوادي الملوك بالأٌقصر
باتنة : بوابة إلى أشهر المواقع التاريخية في الجزائر