التكلفة الخفية لراحة الذكاء الاصطناعي: قدرتنا على التفكير. كيف تحل الأدوات المصممة لتعزيز الذكاء البشري محله عن طريق الخطأ.

ADVERTISEMENT

بدأ الذكاء الاصطناعي أداة جديدة تساعد العقل البشري، هدفها تخفيف الجهد الذهني وإفساح المجال للإبداع والتأمل. في بداياته، رفع الإنتاجية عبر آلات حاسبة وGPS ومصححات لغوية، فترك للإنسان مساحة للتفكير العميق. لكن مع الوقت، انقلب الدور من مساعدة إلى احتلال المكان؛ يكتب المقالات، يعدّ رسائل البريد، يرسم الخطط، يشخص الأمراض ويعدّل الصور.

في ظل هذا التحول، تراجع التفاعل الذهني؛ التجريب والتحليل والشك أصبحت خطوات يتم تخطيها لأن النتائج جاهزة. انتشرت ثقافة تُقَدّم كل اختصار للوقت والجهد، حتى لو أضعف التفكير. الإكمال التلقائي واقتراحات الخوارزميات تُنهي مشاركة الإنسان في اتخاذ القرار.

ADVERTISEMENT

الكتابة، مثلاً، تحولت من تمرين عقلي يتطلب الصياغة والحذف إلى ضغطة زر تُخرج نصاً جاهزاً، فغاب الإحساس بالجهد والملكية. في التعليم، يأخذ الطلاب الحلول الجاهزة دون فهم، فتضعف المهارات الأساسية. في العمل، يُترك قرار الآلة يُحل محل النقاش، فيصير الإنسان متلقياً لا ناقداً.

ليس استخدام الأدوات الخارجية خطأ؛ اعتمد عليها الإنسان دائماً. الخطر يكمن في أن يحل الذكاء الاصطناعي محل التفكير بالكامل، فيختار ويحلل ويقدم المعلومات، فيبقى الإنسان بلا تمرين عقلي وبلا سيطرة.

التصحيح لا يعني رفض الذكاء الاصطناعي، بل دمجه بوعي. في المدرسة والعمل، نستعين به لتوسيع التحليل لا لإلغائه. على كل شخص أن يستعيد جهد التفكير بالتشكيك والتأمل ورفض الاستهلاك الآلي. حين يكون الذكاء الاصطناعي نقطة انطلاق للتفكير وليس نهايته، يصير وسيلة لتقوية الإنسان لا تقليصه.

toTop