الثقافةDec 23,2024

مايكل عطية: حصل مرتين على ما يطلق عليه البعض "جائزة نوبل في الرياضيات"

السيرة الذاتية:

كان والد مايكل عطية، إدوارد سليم عطية، لبنانيًا، وكانت والدته، جين ليفينز، اسكتلندية. تلقى والده تعليمه في كلية براسينوز، أكسفورد، وأصبح موظفًا حكوميًا في الخرطوم. كان أيضًا مؤلفًا وأنشأ خدمة بث إذاعي أثناء الحرب العالمية الثانية. وكان مؤيدًا قويًا للقضية الفلسطينية.

وكانت والدته جين، تعيش في أكسفورد ودرست في جامعتها. وفي أكسفورد التقى إدوارد وجين. أنجبا أربعة أطفال، أكبرهم مايكل.

على الرغم من أنه ولد في لندن، في 22 أبريل / نيسان 1929، نشأ مايكل في الخرطوم. وكانت الأسرة تعود عادة إلى إنكلترة في الصيف كل عام. درس مايكل المرحلة الابتدائية في المدرسة الأبرشية في الخرطوم والتي التحق بها في عام 1934 في سن الخامسة، وأكمل تعليمه الابتدائي في عام 1941، وذهبت الأسرة، كالمعتاد، إلى إنكلترة، ولكنها عادت إلى لبنان عبر فرنسة في العام نفسه، وعاد مايكل إلى مدرسة فرنسية.

كان لبنان تحت الاحتلال الفرنسي، وبعد سقوط فرنسة عام 1940، أصبح تحت سيطرة حكومة فيشي. أُرسل مايكل إلى كلية فيكتوريا في القاهرة. كانت هذه مدرسة داخلية على غرار نظام المدارس الداخلية الإنكليزية، وكان عليه أن يتكيّف مع كونه أصغر بسنتين من معظم الآخرين في صفّه. كان مايكل مهتمًا دائمًا بالرياضيات منذ سن مبكرة جدًا. ولكن في كلية فيكتوريا في القاهرة، أهتمّ كثيرًا بالكيمياء. وبعد حوالي عام من الكيمياء المتقدمة، قرر أنها ليست ما يريد القيام به وعاد إلى الرياضيات، لأنها ــــــ وبحسب وصفه ــــــ لا تحتاج إلى ذاكرة هائلة، ويمكنك بالتفكير حل معظم الأشياء بنفسك.

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في عام 1945، عاد والده للعيش بشكل دائم في إنكلترة. والتحق مايكل بمدرسة مانشستر غرامر، وهي واحدة من أفضل المدارس للرياضيات هناك. وعلى الرغم من أنه لم يكن يبلغ من العمر سوى ستة عشر عامًا، إلا أنه كان قد اجتاز امتحانات المستوى المتقدم. أمضى مايكل عامين في مدرسة مانشستر غرامر في التدريب على اجتياز امتحانات منحة كامبريدج. وأصبح يحب الهندسة في هذه المدرسة، بفضل مدرسيها.

التحق مايكل عطية بكلية ترينيتي في خريف عام 1949. وبموهبته الاستثنائية ونضجه الإضافي والدراسة التي قام بها قبل بدء دراسته، جاء في المرتبة الأولى على الرغم من وجود العديد من زملائه الطلاب الموهوبين للغاية. وبينما كان لا يزال طالبًا جامعيًا، كتب أول ورقة بحثية له بعنوان "ملاحظة حول مماسات المكعب الملتوي" وذلك في عام 1952. بعد حصوله على درجة البكالوريوس في عام 1952، واصل عطية إجراء الأبحاث في كلية ترينيتي، وحصل على الدكتوراه في عام 1955 بأطروحته المعنونة "بعض تطبيقات الطرق الطوبولوجية في الهندسة الجبرية". كان أستاذه في الدكتوراه هو ويليام هودج، ومن خلال العمل معه أصبح مايكل أكثر انخراطًا في الأفكار الحديثة.

نشر عطية ورقتين مشتركتين مع أستاذه هودج، "أشكال من النوع الثاني على متغير جبري" عام 1954، و"تكاملات من النوع الثاني على متغير جبري" عام 1955. كما نشر في العام نفسه ورقة فردية مطلوبة للحصول على الشهادة. وأصبح عطية زميلاً في كلية ترينيتي، كامبريدج عام 1954.

تزوج مايكل عطية من ليلي براون في 30 يوليو 1955؛ وأنجبا ثلاثة أبناء جون وديفيد وروبن. كانت ليلي ابنة عامل رصيف في حوض السفن البحري، ودرست الرياضيات أولاً في جامعة إدنبرة ثم قدمت امتحان ترايبس في كامبريدج، وتابعت دراستها للحصول على الدكتوراه. التقت ليلي بمايكل في كامبريدج، ولكن بحلول الوقت الذي تزوجا فيه، كانت محاضِرة في كلية بيدفورد، في لندن. حصل عطية على زمالة الكومنولث للدراسة في معهد الدراسات المتقدمة في برينستون خلال الدورة 1955-1956 وكان على ليلي أن تقرر ما إذا كانت ستحتفظ بوظيفتها في لندن، أو تذهب إلى برينستون مع زوجها. وقد اختارت الذهاب إلى برينستون مع زوجها واستقالت من منصبها في كلية بيدفورد. إثر ذلك، عاد عطية إلى كامبريدج، وأصبح محاضرًا جامعيًا منذ عام 1957 وزميلًا في كلية بيمبروك منذ عام 1958، وبقي في كامبريدج حتى عام 1961، عندما انتقل إلى جامعة أكسفورد وأصبح زميلًا في كلية سانت كاترين.

سرعان ما شغل عطية كرسي سافيليان المرموق للهندسة في أكسفورد منذ عام 1963، وشغل هذا الكرسي حتى عام 1969، عندما تم تعيينه أستاذًا للرياضيات في معهد الدراسات المتقدمة في برينستون، في الولايات المتحدة الأمريكية. بعد ثلاث سنوات في برينستون، عاد عطية إلى إنكلترة، ليصبح أستاذًا للأبحاث في الجمعية الملكية في أكسفورد، وظلت أكسفورد قاعدة عطية حتى عام 1990، عندما أصبح أستاذًا في كلية ترينيتي، كامبريدج ومديرًا لمعهد إسحاق نيوتن للعلوم الرياضية الذي كان افتُتح حديثًا في كامبريدج.

إنجازاته العلمية:

معادلات رياضية في الميكانيك الكمومي

ساهم مايكل عطية في مجموعة واسعة من الموضوعات في الرياضيات التي تركز حول التفاعل بين الهندسة والتحليل. كانت مساهمته الرئيسية الأولى هي تطوير تقنية جديدة وقوية في الطوبولوجية (نظرية K)، والتي أدت إلى حل العديد من المشاكل الصعبة البارزة. أسّس بعد ذلك نظرية هامّة تتعامل مع عدد حلول المعادلات التفاضلية الإهليلجية. كانت "نظرية المؤشر" هذه، كما سُمّيت، لها سوابق في الهندسة الجبرية، وأدت إلى روابط جديدة هامّة بين الهندسة التفاضلية والطوبولوجية والتحليل. جنبًا إلى جنب مع اعتبارات التناظر، أدت إلى تطوير وتحسين "نظرية النقطة الثابتة" ذات التطبيقات الواسعة.

ميداليّة فيلدز:

ميدالية فيلدز – الجائزة الأرفع في الرياضيات

وقد مُنح عطية لهذه الإنجازات المبكرة ميدالية فيلدز في المؤتمر الدولي في موسكو عام 1966. وهي جائزة تُمنح لعلماء الرياضيّات الشباب (دون الأربعين عامًا)، لقاء إنجازاتهم المتميّزة، وتكافئ جائزة نوبل، إذ لا يوجد جائزة نوبل للرياضيات.

ألّف عطية كتابًا بعنوان "نظرية K" درس فيه هذه النظرية، وكذلك نظرية المؤشر. نُشر الكتاب عام 1967، وأعيد طبعه عام 1989.

تبين لاحقًا أن الأفكار التي أدت إلى منح عطية ميدالية فيلدز ذات صلة بنظريات المعيار للجسيمات الأولية، وأثبتت أنها أداة مفيدة لعلماء الفيزياء النظرية. كما أن نظريات المعيار تنطوي على معادلات تفاضلية غير خطية عميقة ومثيرة للاهتمام. فيما بعد، كان لعطيّة دور في التأكيد على دور الطوبولوجية في نظرية الحقل الكمومي، وفي لفت انتباه المجتمع الرياضي إلى عمل علماء الفيزياء النظرية. وكانت نظريات الفضاء الفائق والجاذبية الفائقة ونظرية الأوتار للجسيمات الأساسية، مجالات للفيزياء النظرية تطورت باستخدام الأفكار التي قدمها عطية.

الكتب المنشورة:

نشر عطية عددًا من الكتب ذات التأثير الكبير: نظرية K الذي ذُكر آنفًا (1967)، مقدمة في الجبر التبادلي (1969)؛ حقول المتجهات على المتشعبات (1970)؛ العوامل الإهليلجية والمجموعات المدمجة (1974)؛ الهندسة على حقول يانغ-ميلز (1979)؛ هندسة وديناميكيات أحاديات القطب المغناطيسية (1988)؛ هندسة وفيزياء العقد (1990)؛ بالإضافة إلى محاضرات إدنبرة في الهندسة والتحليل والفيزياء (2010)، والمجموعة الرائعة من طلاب الدكتوراه الذين أشرف عليهم.

الجوائز الأخرى:

نال عطية العديد من الجوائز والأوسمة خلال مسيرته المهنية، بالإضافة إلى ميدالية فيلدز المذكورة أعلاه، ربما كان أهمها جائزة آبل عام 2004، كما انتُخب عضوًا أجنبيًا في عدد من الأكاديميات الوطنية يفوق العشرين.

الخاتمة:

يبيّن لنا تاريخ مايكل عطية وسيرة حياته أن الإنسان يستطيع بعمله الدؤوب، وشغفه الدائم، أن يصل إلى تحقيق إنجازات تفيد البشرية. توفي مايكل عطية في 11 يناير / كانون الثاني 2019، ودُفن في اسكتلندة.

  • الحيوانات
  • إدارة وأعمال
  • الثقافة
  • الطعام
  • أسلوب الحياة
  • علوم
  • تقينة
  • الرحلات والسفر

    الثقافة

      المزيد من المقالات