الثقافةFeb 11,2025

العصور الذهبية الثلاثة للمعمار في دولة المغرب

بصمة المعمار الأمازيغي في المغرب

تعود أصول الهندسة المعمارية المغربية التي نعرفها اليوم إلى القرن الثاني الميلادي مع المملكة الأمازيغية. البربر، أو الأمازيغ هم مجموعة عرقية أصلية من شمال إفريقيا يعيشون في هذه المنطقة منذ آلاف السنين. بنى الأمازيغ القصبات التقليدية "مباني من الطين الأحمر" والتحصينات في أعالي الجبال والصحراء في شتى أنحاء المغرب، والتي لا يزال بإمكاننا زيارتها ورؤيتها حتى اليوم.

خصائص المعمار الأمازيغي في المغرب

يتميز أسلوب المعمار الأمازيغي  بالمباني المصنوعة من الطين أو الطوب الطيني الأحمر الذي جف في الشمس. كان الحكام الأمازيغ في ذلك الوقت يقاومون الغزاة بشكل شبه دوري، لذلك تعمدوا بناء المباني الطينية الضخمة عن قصد كمحاولة منهم لصد العدوان المتكرر على أرضهم، كما قاموا ببناء موانئ كبيرة ومراكز تجارية وجدران محصنة بنوافذ صغيرة حتى يتمكن الناس من الرؤية خارج المبنى دون أن يراهم من بالخارج.

أشهر ملامح المعمار الأمازيغي في المغرب

الصورة عبر Toa Heftiba على unsplash

إذا كنت ترغب في مشاهدة المعمار المغربي القديم فيمكنك التوجه إلى جبال الأطلس، ستجد هناك قرى وقصبات أمازيغية قديمة مصنوعة من الطوب الطيني الأحمر الذي يرسم مع السماء الزرقاء لوحة فنية بديعة. تعتبر قرية آيت بن حدو واحدة من أكثر القرى إثارة للإعجاب في ولاية ورزازات بالمغرب، حيث تم بناء هذه القرية المحصنة المدرجة في قائمة اليونسكو في القرن السابع عشر الميلادي، وهي مصنوعة من مباني طينية محاطة بجدران دفاعية. بمجرد دخولك إلى القرية يمكنك رؤية النوافذ الصغيرة الكلاسيكية على الجدران الخارجية والأبراج الطويلة التي تتخلل الأفق، وستجد العديد من المنازل الأثرية المحفوظة جيدًا مع بعض المنحوتات الخشبية والطينية الرائعة. الحجم الهائل والهيكل غير المتماثل لهذه القرية يجعلها موقعًا سياحيًّا رائعًا يستحق الزيارة.

المعمار المغربي الإسلامي

فتح العرب المسلمون بلاد المغرب بحلول القرن السابع الميلادي، ومنذ ذلك الحين، كان للإسلام التأثير الأكبر على العمارة المغربية. العمارة الإسلامية زخرفية وعملية للغاية، وتتميز بأنماط هندسية وبلاط ونوافير وأقواس نصف دائرية وأرابيسك زهرية منحوتة في حجر أو خشب.

تميز المعمار الإسلامي في المغرب

الصورة عبر Macia Serrano على unsplash

تطور المعمار المغربي الإسلامي مع مرور الزمن و تم تقديم البلاط المغربي التقليدي، أو الزليج، الذي هو عبارة عن بلاط هندسي مذهل يبطن الديكورات الداخلية والخارجية للمباني في جميع أنحاء المغرب. الألوان الكلاسيكية هي الأخضر والأزرق والبني والأبيض والأسود، وستكتشف جميع أنواع الأنماط المعقدة مثل الماس والنجوم والمثلثات. تعتبر النوافير جزءًا لا يتجزأ من العمارة الإسلامية المغربية، حيث أنها  مكان يمكن للمسلمين الوضوء فيه قبل الصلاة.

يمكنك رؤية العمارة الإسلامية المغربية في كل مكان في المغرب تقريبًا، بدءا من القباب والأبراج المبهرة وانتهاء بالمساجد المتقنة البناء والقصور والساحات.

أشهر ملامح المعمار الإسلامي في المغرب

الصورة عبر nouh loukili على unsplash

مسجد الحسن الثاني

يعتبر مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء أحد الأمثلة الشهيرة لفن المعمار الإسلامي في المغرب، ناهيك عن كونه أحد أكبر المساجد في العالم. المئذنة الشاهقة تحلق على ارتفاع 210 أمتار في السماء. تم تزيين التصميمات الداخلية والخارجية بالبلاط النابض بالحياة والخشب والحجر المنحوت يدويًا والجرانيت الوردي والرخام والثريات والممرات العملاقة والزخارف الذهبية.

قصر الباهية في مراكش

إذا زرت مدينة مراكش بدولة المغرب، فلا تفوتك فرصة رؤية قصر الباهية المذهل الذي تم بناؤه في أواخر القرن التاسع عشر بتصميماته المبهرة بدءًا بالممرات الكاسحة والفناء الرخامي وحدائق الزينة، وانتهاءً بالبلاط اللامع والأسقف المطلية والألواح الحريرية والزجاج الملون، إنه حقًّا تحفةٌ معماريةٌ.

بصمة الأندلسيين الموريسكيين في المعمار المغربي

بحلول القرن الثامن الميلادي ، كان الموريسكيون، سكان الأندلس المسلمون من عرب وأمازيغ وأسبان، يؤثرون بشكل كبير على العمارة المغربية، حيث توحدت المغرب والأندلس ثقافيًا لعدة قرون، لذلك أصبحت جوانب العمارة الأندلسية متشابكة مع التأثيرات الإسلامية والأفريقية. تشمل بعض التأثيرات المغربية المميزة واجهات الجص الأبيض والأسقف ذات البلاط الأحمر وعناصر من أنماط آرت ديكو وآرت نوفو. اشتهر الموريسكيون أيضًا بأقواسهم النصف دائرية، وساحات الحديقة الداخلية، والبلاط المزجج يدويًا.

مسجد الكتبية في مراكش أحد بصمات المعمار الأندلسي في المغرب

إذا أردت أن ترى بنفسك الأثر الأندلسي في العمارة المغربية، يمكنك دخول أي ساحة منزل بالمغرب لترى تلك الساحات الداخلية مليئة بالمساحات الخضراء والنوافير المائية المركزية. يمكنك أيضًا زيارة مسجد الكتبية في مراكش. نشأ المسجد المذهل في أواخر القرن الثاني عشر، وهو مبني من الحجر الرملي الأحمر. سوف تتعجب من الأبراج المنحوتة بشكل معقد، والممرات الصدفية، وتصميمات بلاط السيراميك المزخرفة.

مسجد شفشاون الكبير

المسجد الكبير في شفشاون هو مثال آخر رائع على العمارة المغربية الأندلسية، حيث تم بناؤه في القرن الخامس عشر الميلادي وله مئذنة ثمانية الأضلاع في حين أن معظم المآذن المغربية عادة ما تكون مربعة الأضلاع، تلك المآذن ثمانية الجوانب هي من الإرث الأندلسي في المغرب.

أثر الاحتلال الفرنسي على المعمار المغربي

عندما احتل الفرنسيون جنوب المغرب من عام 1912 إلى عام 1956، قاموا بإدخال عناصر التصميم الفرنسي إلى المعمار المغربي، وكانت النوافذ من أكثر تلك التغييرات تميزًا، بينما استخدمت العمارة الأمازيغية والإسلامية نوافذ صغيرة، أحضر الفرنسيون أبوابهم ونوافذهم الفرنسية المزدوجة الكبيرة.

قام الفرنسيون بوضع بعض القيود على معايير البناء التقليدية، حيث منعوا بناء المباني الأعلى من أربعة طوابق واشترطوا أن تكون جميع أسطح المباني مستوية ومسطحة، ومنعوا بناء الشرفات التي تمنع الجيران من النزر بداخل البيوت، كما اشترطوا أن تحتوي كل منطقة على 20٪ من الأرض المخصصة للحدائق الخارجية أو الساحات. في حين أن هذه السياسات كانت تهدف إلى الحفاظ على العمارة التقليدية الحالية في البلاد، إلا أنها أوقفت أيضًا التنمية الحضرية في العديد من المجالات وقمعت الابتكارات المعمارية وكانت محاولة فرنسية لطمس الملامح المعمارية المغربية الأصيلة.

عندما بنى المهندسون المعماريون الفرنسيون مدنًا جديدة، قاموا غالبًا ببناء مبانٍ ذات تخطيطات أوروبية ، ويمكن العثور على النمط في مدن مثل الرباط. امش على طول شوارع مدينة الرباط ذات الطراز الأوروبي و ستلاحظ المباني الإدارية الكبرى. في بعض المدن، مثل الدار البيضاء، سترى العديد من مباني Art Nouveau و Art Deco. المتأثرة بالأسلوب الفرنسي الباريسي للنوافذ المزخرفة المصنوعة من الحديد المطاوع والشرفات والسلالم.

المعمار المغربي في العصر الحديث

اليوم بعد أن مرت دولة المغرب بكل تلك المراحل المعمارية المميزة، قامت بالاستفادة بذلك الإرث المعماري الغني في دمج كل تلك العناصر معًا وجعل المدن المغربية تحظى بطابع متفردٍ بتأسيس معماري حديث مع الحفاظ على المسحة المعمارية الأمازيغية والعربية والأندلسية والفرنسية معًا في تناغم وتناسق قل أن تجد شبيهًا له في أي دولة أخرى.

يمكنك أن تتجول في أي مدينة مغربية لتشاهد ذلك المزيج الفريد من العمارة الأمازيغية والإسلامية والأندلسية والفرنسية بالرغم من أن المباني الحداثية في الواقع أكثر بروزًا لكثرة انتشارها، إلا أنها تأخذ مكانها بين هذا المزيج الانتقائي الذي يجعل المعمار في دولة المغرب مزيجًا مبهراً ومتميزًا للغاية.

برج محمد السادس

يعتبر برج محمد السادس في مدينة الرباط أحد أبرز الملامح المعمارية الحديثة في دولة المغرب، حيث أنه أعلى برج في المغرب بارتفاع 250 مترًا ممثلاً في 55 طابقًا بمساحة تقدّر ب 102800 مترًا مربعًا. ويعد هذا البرج أعلى برج في إفريقيًا أيضًا.

  • الحيوانات
  • إدارة وأعمال
  • الثقافة
  • الطعام
  • أسلوب الحياة
  • علوم
  • تقينة
  • الرحلات والسفر

    الثقافة

      المزيد من المقالات