الثقافةFeb 18,2025

تحوت وألواح الزمرد والأهرامات

تحوت ... من وجهة نظر علماء الآثار المصرية

احتوت العديد من جدران المعابد المصرية القديمة والبرديات الأثرية على رسم لإنسان له رأس طائر أبو منجل، وأطلق عليه في الحضارة المصرية القديمة العديد من الأسماء منها "تحوت" و "جحوتي" و "توت" و"ثوث"، كما أطلق عليه في الحضارة اليونانية القديمة اسم "هرمس"، وأطلق عليه العرب اسم "أشمونين"، وكل تلك الأسماء تشير إلى أحد آلهة المصريين القدماء الذي ادّعى المصريون القدماء أنه هو من علّمهم السحر والفلك والحساب والكتابة والأدب.

يعتبر تحوت أحد أهم آلهة المصريين القديمة، فهو أحد أرباب ثامون الأشمونيين الكوني لدى المصريين القدماء، كما يوجد ضريح له في "أشمون" حيث كان معبودًا أساسيًّا هناك.

كان المصريون القدماء يصورون "تحوت" في معظم الأوقات حاملًا قلمًا ولوحًا يكتب عليه، كما أن له دورًا أساسيًّا في محكمة الموتى.

أصل تحوت

في الأساطير المصرية القديمة ، ذكر في كتاب "آلهة مصر القديمة" أن تحوت ولد من جمجمة "ست" ، وقيل أيضًا أنه ولد من قلب "رع".

دور تحوت وعلاقته بالأساطير المصرية الدينية

الصورة عبر ErikaWittlieb على pixabay

تعددت الأدوار التي لعبها تحوت في الأساطير الدينية لدى المصريين القدماء، فقد كان وسيطًا بين الخير والشر يوازن بينهما بشكل غير مفهوم، فتارة يساعد الخير وتارة يساعد الشر، يبدو كأن دوره هو الحفاظ على التوازن بين الخير والشر لسببب ما.

لعب تحوت دورًا رئيسيا في ثلاثة معارك أسطورية رئيسية في التاريخ المصري القديم، كانت المعركة الأولى بين "رع" و"أبيب"، والثانية بين "حيرو-بيخوتت" و"ست"، والمعركة الثالثة هي الأشهر حيث ساند "حورس" ابن "أوزوريس" في صراعه ضد "ست".

تحوت يمثل إرادة "رع"

في المعارك السابقة عندما يصاب أحد الآلهة إصابات خطيرة كان "تحوت" يقوم بدور الطبيب ويعالجه من إصاباته، كما أنه علّم إيزيس الكلمات التي ستساعدها في إعادة أوزوريس إلى الحياة ، كما أنه ساعدها أيضًا في أن تنجب من أوزوريس ابنها "حورس" بعد موته، وفي صراع "حورس" مع "ست" فقد "حورس" عينه اليسرى لكن "تحوت" ساعده في استرجاعها حيث كان "تحوت" ممثلاً عن إرادة "رع".

التقويم التوتي

الصورة عبر Lea Kobal على pixabay

يعتبر التقويم المصري القديم من أدق التقويمات التي استخدمها البشر، وكان يطلق عليه في الماضي اسم التقويم التوتي نسبة إلى "توت"، حيث أطلق على الشهر الأول اسم "توت" في إشارة لارتباط تحوت بالفلك والحساب عند المصريين القدماء.

دور تحوت في محكمة الموتى

الصورة عبر Souza_DF على pixabay

تبدأ محكمة الموتى بالإتيان بالميت بصحبة "أنوبيس" ليتم وزن قلبه على ميزان الحق بالمقارنة بريشة الحق "ماعت"، فإذا كان قلبه نقيًا فإنه سيكون أخف من وزن ريشة "ماعت" وسيتم مكافأته بحديقة يعيش ويأكل من ثمراتها هو وزوجته، أما إذا كان قلبه مثقلاً بالذنوب والمعاصي سيكون أثقل من ريشة الحق "ماعت" وسيتم إلقاء قلبه إلى الوحش الأسطوري "عمعموت" الذي سيلتهم القلب ليختفي صاحب القلب من العالم إلى الأبد. يقف "تحوت" ليسجل نتيجة الميزان بقلمه في السجل الذي يحمله.

لوحة هرمس الزمردية "متون هرمس"

في فترة الحكم اليوناني الهيلينيستي، كانت هناك شخصية جدلية اختلف العلماء في كونها شخصية حقيقية أم مجرد خيال، وكان يطلق عليه اسم "هرمس" أو "مثلث العظمة" ، وينسب إليه كتاب "لوحة الزمرد" الذي كتب بداخله أن كاتبه هو "هرمس الهرامسة" الذي يمدج بين الإله اليوناني "هرمس" والإله المصري "تحوت". ظهرت أولى نصوص لوحة الزمرد باللغة العربية في القرن السادس الميلادي تحت مسمى " سر الخليقة وصنعة الطبيعة" المكتوب بيد باليناس الحكيم الذي ادّعى أنه وجد الكتاب بيد رجل عجوز ميت كان جالسًا على عرش ذهبي يوجد في مخبأ تحت تمثال هرمس، كما ادّعى أن تلك النصوص التي وجدها تعود إلى عصور سحيقة. هذا النص الأسطوري كان حجر الأساس الذي نسبت إليه العديد من الأفكار الفلسفية كحجر الفلاسفة وعلم الخيمياء وتحويل المعادن إلى الذهب وغيرها من الأفكار التاريخية التي انتشرت في العديد من كتب العلماء كنوع من الإشارة إلى قمة التطور العلمي من وجهة نظرهم كجابر بن حيان في كتابه "لوح الزمرد"، وكتاب سر الأسرار المنسوب إلى "أرسطو طاليس" الذي نقله وترجمه إلى العربية "يحيى بن البطريق".

لوح الزمرد وعلم الخيمياء

الصورة عبر DEZALB على pixabay

لطالما شغل علم الخيمياء خيال العلماء على مر التاريخ، وهو لمن لا يعرف عبارة عن علم دراسة المواد والتغيرات التي يمكن إحداثها فيها لجعلها أفضل، لذا تجد معظم السحرة والمؤمنين بالخرافات مهووسين بهذا العلم. وبالرغم من اختلاف العديد من العلماء على وجود هذا العلم من أساسه أو إمكانية تسميته كعلم من الأساس بسبب عدم استناده إلى قواعد علمية يمكن إثباتها أو نفيها عن طريق التجربة والخطأ، إلا أن العلماء اتفقوا أن أصل علم الخيمياء يرجع إلى مصر القديمة.

اعتبر العديد من المؤمنين بوجود علم الخيمياء أن لوح الزمرد المنسوب إلى هرمس الهرامسة هو أساس علم الخيمياء الذي كان أصل معظم العلوم على الأرض من طب وحكمة وأدب وفلك وحساب، بل هو أصل السحر في الأرض، ومن هنا بدأ العديد من السحرة استقاء تلك الفكرة وتطويرها لجمع الأتباع وإنشاء طوائف يكونون هم القائمين عليها. من أمثال أولئك "موريس دوريال" مؤسس طائفة "أخوية المعبد الأبيض" وكاتب كتاب " ألواح تحوت الأطلنطي الزمردية".

تحوت الأطلنطي وبناء الأهرامات

تعد ألواح الزمرد واحدة من أعظم ألغاز علم الآثار إذا سلمنا بصحتها، حيث يمكن اعتبارها جانبًا غامضًا من الأساطير المصرية، وتبدو أحداثها كأنها جسر بين الأسطورة والتاريخ.

يعتبر العلماء أن الألواح الزمردية أسطورة تتعلق بآلهة مصر القديمة، وتكشف عن ألغاز تتعلق بالمجتمعات القديمة التي نجت من الطوفان العظيم، حيث يعتقد البعض أن "تحوت" جاء من قارة أطلانطس حاملًا معه العلوم المتطورة من تلك الحضارة المندثرة، لذا أطلقوا عليه اسم "تحوت الأطلنطي". تُعرف ألواح الزمرد باسم "متون هرمس الخفية"، ويقال إنها تحتوي على أسرار الخيمياء وأساس التقاليد الهرمسية التي استخدمت في العديد من الممارسات السحرية فيما بعد.

الأصول الأسطورية لألواح الزمرد

وفقًا للأسطورة، قام تحوت - كاتب الآلهة - بتجميع الألواح. وكتب العلوم في 42 لوحة من الزمرد، وقنن المبادئ العلمية العظيمة التي تحكم الكون. تقول الأسطورة أنه بعد سقوط الآلهة، تم إخفاء ألواح الزمرد الهرمسية بذكاء حتى لا يجدها أي إنسان. تحوت فقط عند عودته إلى هذا البعد، تمكن من استعادة هذا الكتاب الغامض.

وفقًا لتفسيرات أخرى، تم الاحتفاظ بالألواح الزمردية في ما يسمى بقاعة السجلات ثم تم إخفاؤها لاحقًا داخل مكتبة الإسكندرية حتى فقدت إلى الأبد في الحريق الرهيب الذي دمر المبنى القديم وكتبه الأسطورية.

لم يكتف المؤمنون بوجود هذه النصوص بهذا فقط، بل جاء بعض السحرة اليهود ليربطوا بين السيدة ساره زوجة النبي إبراهيم عليه السلام، وادعوا أن السيدة ساره تمكنت من إيجاد قبر "تحوت" واستخرجت الألواح الزمردية أثناء وجودهما في مصر.

حسب اعتقاد المؤمنين بوجود تلك النصوص، لم تُترجم "متون هرمس" إلى اللاتينية من العربية إلا خلال العصور الوسطى، بينما نُشرت أول نسخة أوروبية مطبوعة في نورمبرغ في أوائل عام 1541 تحت عنوان "De Alchimia" من تأليف الكيميائي يوهانس بابتيستا مونتانوس فيرونينسيس باتريشيوس. بفضل عمله، نجت الوثائق القديمة حتى الآن حسب زعمهم، ولا أدرى كيف تجاهل البعض أن النصوص الأصلية كانت مكتوبة باللغة العربية.

الألواح الزمردية حقيقة أم خيال ؟

الصورة عبر Tom Podmore على unsplash

عند تحليل النصوص الأسطورية، تظهر الأسئلة: هل يمكننا أن نفترض أن متون هرمس حقيقة تاريخية وليست أسطورة؟ ما الذي يجب أن نفعله في المحتويات والرموز المدرجة في الألواح الزمردية؟ هل هناك علاقة محتملة بين تحوت وبناء الأهرامات ؟

ذكر في أول سطر من لوح الزمرد رقم 1 أن تحوت قال : "أنا من بنيت الهرم العظيم على نفس نسق قوة هرم الأرض، يحترق إلى الأبد ليظل في الأرض عبر الأزمان".

وفقًا لتلك المتون الغامضة، هل يمكننا القول إن تحوت هو من بنى أهرامات الجيزة ؟

حسنًا، إذا اتبعنا الأساليب التحليلية العلمية وجب علينا أولًا أن نجد النسخة الأصلية لألواح الزمرد لنجري عليها التجارب العلمية التي من شأنها أن نثبت أو ننفي بها صحة الادعاء بوجود تلك الألواح الزمردية من عدمه، وحتى تظهر تلك الألواح لا يمكن أن نصدر حكمًا دقيقًا.

ما رأيكم في قصة "تحوت" وألواحه الزمردية؟ هل أثارت خيالكم بما يكفي؟

  • الحيوانات
  • إدارة وأعمال
  • الثقافة
  • الطعام
  • أسلوب الحياة
  • علوم
  • تقينة
  • الرحلات والسفر

    الثقافة

      المزيد من المقالات