علومFeb 17,2025

الإجهاد المناخي وكيف يمكن للذكاء الصنعي المساعدة في مكافحة التقاعس عن العمل

إن مكافحة تغير المناخ هي واحدة من أكثر التحديات إلحاحًا في عصرنا. ولكن العديد من الأفراد ــــــ وحتى صناع السياسات ــــــ يواجهون ظاهرة تُعرف باسم الإجهاد المناخي، وهو شعور بالإرهاق أو الإحباط أو اللامبالاة اتّجاه القضية. وعلى الرغم من الإلحاح، فإن حجم المشكلة وتعقيدها غالبًا ما يجعل الناس يشعرون بالعجز عن التصرف. ومع ذلك، فإن ظهور الذكاء الصنعي يقدم بصيصًا من الأمل. فبفضل قدرته على معالجة كميات هائلة من البيانات، وتوليد رؤى قابلة للتنفيذ، وتخصيص المشاركة، فإن الذكاء الصنعي على استعداد للعب دور مفصليّ في تنشيط الجهود الرامية إلى معالجة تغير المناخ. في هذه المقالة نبيّن هذه الظاهرة، وكيف يمكن للذكاء الصنعي أن يساعدنا في تجاوزها.

ما هو الإجهاد المناخي؟

يحدث الإجهاد المناخي عندما يصبح الأفراد أو المجموعات مرهَقين انفعاليًا أو عقليًا من التعرض المستمر للتحذيرات المروعة، أو التقدم البطيء، أو الافتقار إلى الحلول الملموسة في خطاب تغير المناخ. تشمل الأعراض: الشعور باللامبالاة بشأن القضايا البيئية، والشعور بالإرهاق أو بالشلل بسبب تعقيد المشكلة، والشك في فعالية الإجراءات الشخصية أو الجماعية.

أسبابه:

الصورة عبر Wikimedia Commons

1- زيادة المعلومات: يمكن أن يؤدي قصف الإحصائيات المزعجة والتنبؤات الكارثية ودورة الأخبار على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع إلى تقليص حساسية الأفراد.

2- عدم الاقتناع بفعالية الحلول: غالبًا ما يشعر الناس بأن أفعالهم غير مهمة مقارنة بحجم التحديات العالمية.

3- الاستقطاب: تساهم الانقسامات السياسية والمعلومات المضللة في السخرية والشعور بالإرهاق.

4- التقدم البطيء: يؤدي العمل المناخي البطيء أو غير المتسق من جانب الحكومات والصناعات إلى تقويض الثقة في التغيير الهادف.

كيف يمكن للذكاء الصنعي معالجة الإجهاد المناخي:

الصورة عبر unsplash

يقدم الذكاء الصنعي طرقًا مبتكرة لمكافحة هذه الظاهرة وتشجيع المشاركة الهادفة، من بينها:

1- تبسيط بيانات المناخ المعقدة: إن أحد المحرضات الرئيسة لإجهاد المناخ هو الكمّ الهائل من المعلومات المعقدة والتقنية. يمكن للذكاء الصنعي، والحال هذه، أن يقوم بـ:

تصوير البيانات: يمكن للأدوات التي تعمل بالذكاء الصنعي ترجمة بيانات المناخ الخام إلى مخططات ورسوم بيانية ومحاكاة بديهية، ما يجعل المعلومات أكثر قابلية للهضم لغير الخبراء.

توطين الأفكار: يمكن للذكاء الصنعي معالجة نماذج المناخ العالمية وتوفير تنبؤات محلية، ما يساعد الأفراد على فهم التأثيرات المحددة على مجتمعاتهم. يوجد، على سبيل المثال، منصات تستخدم التعلم الآلي للتنبؤ بأنماط الطقس ومخاطر الجفاف وغلات المحاصيل، وتمكين المزارعين وصناع السياسات من الحصول على رؤى قابلة للتنفيذ.

2- تخصيص المشاركة: يمكن للذكاء الصنعي إنشاء تجارب مخصّصة تُلهم الأفراد لاتخاذ الإجراءات، منها حاسبات بصمة الكربون المخصصة: حيث يمكن للتطبيقات التي تعمل بالذكاء الصنعي تحليل العادات الشخصية واقتراح إجراءات محددة، مثل تقليل استهلاك الطاقة أو التحول إلى المركبات الكهربائية، ومنها أيضًا التحفيز السلوكي: حيث يمكن لخوارزميات الذكاء الصنعي على الأجهزة الذكية تذكير المستخدمين بلطف بتبني ممارسات مستدامة، مثل إطفاء الأضواء أو استخدام وسائل النقل العام. هناك، على سبيل المثال، تطبيقات تضفي طابع اللعب على أسلوب الحياة المستدام، وتكافئ المستخدمين على الإجراءات الصديقة للبيئة.

3- تمكين اتخاذ القرارات المستدامة: يمكن للذكاء الصنعي تعزيز اتخاذ القرارات لكل من الأفراد والمؤسسات. فبالنسبة للمستهلكين: يمكن للمنصات التي تعتمد على الذكاء الصنعي أن توصي بمنتجات أو خدمات صديقة للبيئة، مثل الأزياء المستدامة أو الأجهزة الموفرة للطاقة. وبالنسبة للشركات: يمكن للذكاء الصنعي تحسين سلاسل التوريد، والحد من النفايات، وتحسين كفاءة الموارد، ومساعدة الشركات على التوافق مع الأهداف البيئية.

4- تعزيز التعليم المناخي: يمكن للذكاء الصنعي إحداث ثورة في التعليم المناخي من خلال جعله أكثر جاذبية وسهولة في الوصول إليه. فمثلًا يستطيع المعلمون الافتراضيون الذين يعملون بالذكاء الصنعي استعمال أدوات تفاعلية في شرح علم المناخ بعبارات بسيطة، وتكييف المحتوى مع الفئات العمرية المختلفة وأنماط التعلم. من جهة ثانية، يمكن للمحاكاة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي أن تسمح للمستخدمين باستكشاف آثار تغير المناخ من خلال الواقع الافتراضي، ما يعزز التعاطف والوعي.

5- تحديد المعلومات المضللة ومكافحتها: إن المعلومات المضللة حول تغير المناخ تؤدي إلى تفاقم التعب العام والشك. ويمكن للذكاء الصنعي هنا تحديد الروايات الكاذبة ومواجهتها باستعمال خوارزميات معالجة اللغة الطبيعية. كما يمكن له إعطاء الأولوية للمصادر الموثوقة وضمان وصول البيانات الموثوقة إلى جمهور أوسع.

6- قيادة العمل الجماعي: يمكن للذكاء الصنعي تعزيز التعاون من خلال ربط أصحاب المصلحة وتعبئة المجتمعات. فمثلًا، يمكن للمنصات التي تعمل بالذكاء الصنعي إشراك الجمهور في جمع البيانات، مثل مراقبة جودة الهواء أو تتبع أعداد الحياة البرية. كما يمكن للذكاء الصنعي تحليل أفضل الممارسات العالمية، واقتراح سياسات فعالة للحكومات والمنظمات. وهذا موجود في الواقع منذ الآن؛ إذ توجد مبادرة من أجل الأرض تابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وهي تستخدم الذكاء الصنعي لدعم أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز التعاون بين البلدان.

الخاتمة:

الصورة عبر unsplash

يعتبر التعب المناخي استجابة بشرية طبيعية لتحدٍّ هائل، لكنه لا يجب أن يؤدي إلى التقاعس عن العمل. ومن خلال تسخير قوة الذكاء الصنعي، يمكننا تبسيط البيانات المعقدة، وإلهام الإجراءات الفردية والجماعية، وخلق حلول مبتكرة لمكافحة تغير المناخ. والواقع أن قدرة الذكاء الصنعي على تمكين الناس وتثقيفهم وتعبئتهم تجعله حليفاً حيوياً في التغلب على اللامبالاة وضمان مستقبل مستدام. وبالتعاون ــــــ مع المزيج الصحيح من التقانة والسياسة والعزيمة البشرية ــــــ يمكننا تحويل التعب إلى طاقة متجددة لكوكب الأرض.

  • الحيوانات
  • إدارة وأعمال
  • الثقافة
  • الطعام
  • أسلوب الحياة
  • علوم
  • تقينة
  • الرحلات والسفر

    علوم

      المزيد من المقالات