علومFeb 17,2025

العثور على دليل على وجود "زمن سلبي" في تجربة فيزياء الكم

إن علماء الفيزياء الكمومية على دراية بالظواهر الغريبة التي تبدو غير منطقية: فالذرات والجزيئات تعمل أحيانًا كجسيمات، وأحيانًا كموجات؛ ويمكن أن ترتبط الجسيمات بعضها بالبعض الآخر من خلال "فعل مخيف عن بعد"، حتى على مسافات كبيرة؛ ويمكن للأجسام الكمومية أن تنفصل عن خصائصها مثل القط شيشاير من مغامرات أليس في بلاد العجائب الذي ينفصل عن ابتسامته. والآن كشف باحثون بقيادة دانييلا أنجولو من جامعة تورنتو الكندية عن نتيجة كمومية غريبة أخرى: يمكن للفوتونات، وهي جسيمات موجية من الضوء، أن تقضي وقتًا سلبيًا في المرور عبر سحابة من الذرات المبردة. بعبارة أخرى، يمكن أن تبدو الفوتونات وكأنها تخرج من مادة قبل دخولها. "لقد استغرق الأمر وقتًا موجبًا، لكن تجربتنا التي لاحظت أن الفوتونات يمكن أن تجعل الذرات تبدو وكأنها تقضي وقتًا سالبًا في الحالة المثارة أصبحت جاهزة.

فكرة العمل:

ظهرت فكرة هذا العمل في عام 2017. في ذلك الوقت، كان مؤلفو الدراسة مهتمين بتفاعل الضوء والمادة، وتحديدًا ظاهرة تسمى الإثارة الذرية: عندما تمر الفوتونات عبر وسط ويتم امتصاصها، تقفز الإلكترونات التي تدور حول الذرات في ذلك الوسط إلى مستويات طاقة أعلى. وعندما تعود هذه الإلكترونات المثارة إلى حالتها الأساسية، فإنها تطلق تلك الطاقة الممتصة كفوتونات معادة الإصدار، ما يؤدي إلى تأخير زمني في وقت عبور الضوء المرصود عبر الوسط. كان الفريق يريد قياس هذا التأخير الزمني (الذي يُطلق عليه أحيانًا من الناحية الفنية "تأخير المجموعة") ومعرفة ما إذا كان يعتمد على مصير ذلك الفوتون: هل تبعثر وجرى امتصاصه داخل السحابة الذرية، أم أنه انتقل دون أي تفاعل على الإطلاق؟ يقول أحد المؤلفين: "في ذلك الوقت، لم نكن متأكدين من الإجابة، وشعرنا أن مثل هذا السؤال الأساسي حول شيء أساسي للغاية يجب أن يكون من السهل الإجابة عليه". "لكن كلما تحدثنا مع المزيد من الأشخاص، أدركنا أنه في حين أن لكل شخص حدسه أو تخمينه الخاص، لم يكن هناك إجماع من الخبراء على ما قد تكون الإجابة الصحيحة". ولأن طبيعة هذه التأخيرات يمكن أن تكون غريبة للغاية ومضادة للحدس، فقد اعتبر بعض الباحثين هذه الظاهرة عديمة المعنى فعليًا لوصف أي خاصية فيزيائية مرتبطة بالضوء. بعد ثلاث سنوات من التخطيط، طور فريقه جهازًا لاختبار هذا السؤال في المختبر. تضمنت تجاربهم إطلاق الفوتونات عبر سحابة من ذرات الروبيديوم فائقة البرودة وقياس درجة الإثارة الذرية الناتجة. وقد ظهرت مفاجأتان من التجربة: ففي بعض الأحيان تمر الفوتونات دون أن تصاب بأذى، ولكن ذرات الروبيديوم تظل مثارةً، ولنفس المدة كما لو كانت قد امتصت تلك الفوتونات. والأمر الأكثر غرابة هو أنه عندما يتم امتصاص الفوتونات، فإنها تبدو وكأنها يُعاد إطلاقها على الفور تقريباً، قبل وقت طويل من عودة ذرات الروبيديوم إلى حالتها الأساسية؛ وكأن الفوتونات، في المتوسط، تغادر الذرات أسرع مما كان متوقعاً.

تعاون بين عدة فرق بحثية:

الصورة عبر pxhere

بعد ذلك تعاون الفريق مع أحد علماء الفيزياء النظرية والكمومية في جامعة غريفيث في أستراليا، لوضع تفسير لهذه الظاهرة. وأظهر التفسير النظري أن الوقت الذي قضته هذه الفوتونات المنقولة كإثارة ذرية يتطابق تماماً مع التأخير الجماعي المتوقع الذي اكتسبه الضوء، حتى في الحالات التي بدا فيها وكأن الفوتونات أعيد إطلاقها قبل أن تهدأ الإثارة الذرية.

لكي نفهم هذا الاكتشاف غير المنطقي، يمكننا أن نفكر في الفوتونات باعتبارها أجساماً كمومية غامضة، حيث لا يُضمن حدوث امتصاص وإعادة إطلاق أي فوتون معين من خلال إثارة ذرية على مدى فترة زمنية ثابتة معينة؛ بل يحدث ذلك عبر نطاق احتمالي مشوه من القيم الزمنية. وكما أثبتت تجارب الفريق، يمكن أن تشمل هذه القيم حالات يكون فيها وقت عبور الفوتون الفردي لحظياً، أو ينتهي قبل توقف الإثارة الذرية، وهو ما يعطي قيمة سلبية للزمن. هذه النتيجة المفاجئة حفزت الفريق على التخطيط لإجراء تجربة متابعة لاختبار هذا التنبؤ المجنون بوقت البقاء السلبي ومعرفة ما إذا كانت النظرية ستصمد.

تفسير النتائج:

يمكن فهم التجربة التالية، التي قادتها أنجولو، من خلال النظر في الطريقتين اللتين يمكن أن ينتقل بهما الفوتون. في الأولى، يرتدي الفوتون درعًا ما ويتجاهل الذرة تمامًا، ويغادر دون حتى إيماءة. وفي الثانية، يتفاعل مع الذرة، ويرفعها إلى مستوى طاقة أعلى، قبل أن يعاد إصداره. المشكلة هي أنه عندما نرصد فوتونًا منقولًا، لا يمكننا معرفة أي من هذين الأمرين حدث، وذلك لأن الفوتونات هي جسيمات كمومية، أي إن النتيجتين يمكن أن تكونا في حالة تراكب، وينتهي الأمر بجهاز القياس إلى عدم قياس أي شيء، أو قياس بعض القيمة الإيجابية الصغيرة. ولكن في المقابل، هذا يعني أيضًا أنه في بعض الأحيان "ينتهي جهاز القياس إلى حالة لا تبدو مثل "صفر" زائد "شيء إيجابي" بل مثل "صفر" ناقص "شيء إيجابي"، ما يؤدي إلى ما يبدو وكأنه علامة خاطئة، قيمة سلبية، لوقت الإثارة هذا. تشير نتائج القياس في تجربة أنجولو وزملائها إلى أن الفوتونات تحركت عبر الوسط بشكل أسرع عندما أثارت الذرات مقارنة بوقت بقاء الذرات في حالتها الأساسية.

الخاتمة:

رغم أن هذه الظاهرة مذهلة، إلا أنها لا تؤثر على فهمنا للزمن نفسه، ولكنها توضح مرة أخرى أن العالم الكمومي لا يزال يحمل في جعبته مفاجآت. لقد أنجز الفريق شيئاً مثيراً للإعجاب حقاً وأنتج مجموعة جميلة من القياسات. وتثير نتائجهم أسئلة مثيرة للاهتمام حول تاريخ انتقال الفوتونات عبر الوسائط الماصة وتتطلب إعادة تفسير المعنى الفيزيائي للتأخير الجماعي في البصريات.

  • الحيوانات
  • إدارة وأعمال
  • الثقافة
  • الطعام
  • أسلوب الحياة
  • علوم
  • تقينة
  • الرحلات والسفر

    علوم

      المزيد من المقالات