على أي جانب من الطريق يجب أن نكون؟ فك رموز معضلة القيادة العالمية

ADVERTISEMENT

يتساءل كثيرون عن سبب اختلاف أنظمة القيادة بين الدول؛ لماذا تقود شعوب على الجانب الأيسر من الطريق وأخرى على الأيمن؟ يعود السبب إلى عوامل تاريخية واجتماعية تطورت عبر القرون.

في العصور القديمة، كان السير على الجانب الأيسر شائعًا، أساسه الراحة والأمان. استخدم أغلب الناس اليد اليمنى، لذلك كان من الأسهل التحكم بالخيول والعربات أثناء الميلان نحو اليسار، وفر رؤية أفضل ومساحة أكبر للتحكم. كان النظام ملائمًا للتجار والفرسان الذين يفضلون استخدام اليد اليمنى في القتال.

لكن بداية القرن التاسع عشر شهدت تحولًا مع الثورة الصناعية، ظهرت عربات شحن كبيرة يتطلب قيادتها الجلوس على الخيول الجانبية، وخاصة في اليسار، لاستخدام اليد اليمنى في الإمساك بالسياط والتحكم بالخيل. أدى ذلك إلى الانتقال التدريجي للسير على الجانب الأيمن في بعض البلدان.

ADVERTISEMENT

من جهة أخرى، أحدثت الثورة الفرنسية تحولًا سياسيًا واجتماعيًا. كان النبلاء يفضلون السير على اليسار، لكن مع تصاعد التوترات، بدأوا بالقيادة على اليمين للاندماج مع عامة الناس وتجنب التمييز. في 1794، أصدرت فرنسا قانونًا رسميًا بإلزام السير على اليمين. ساهمت حملات نابليون في نشر النظام في دول أوروبية أخرى. أما الدول المعارضة مثل بريطانيا، فتمسكت بالقيادة على اليسار تعبيرًا عن الاستقلال والرفض السياسي.

استمرت الإمبراطورية البريطانية بتصدير نظام القيادة اليسرى إلى مستعمراتها، مثل الهند ودول شرق إفريقيا وبلدان جنوب شرق آسيا. أما الولايات المتحدة، فاعتمدت القيادة على اليمين، خاصة بعد ابتكار سيارة Ford Model-T التي كان مقودها في الجانب الأيسر، يتطلب القيادة في الطرف الأيمن من الطريق.

ADVERTISEMENT

في حالات أخرى، كان قرار تغيير نظام السير مرتبطًا باعتبارات سياسية واقتصادية. على سبيل المثال، غيرت السويد نظامها إلى القيادة على اليمين في عام 1967 للتماشي مع بقية دول أوروبا والتكيف مع المعايير القارية.

هكذا، فإن نظام القيادة في أي دولة لم يكن مسألة عشوائية، بل تشكل نتيجة لعوامل تاريخية، اقتصادية، وحتى سياسية، تعبّر أحيانًا عن الانتماء أو الاستقلال.

toTop