العطور دائما ما تأسر العقل والروح، مثل خلاصة العود الغامضة، فرغم مرور القرون والسنين والأيام، إلا أنها مازالت تحافظ على مكانتها وسط باقي العطور المختلفة لدرجة أنه تم تسميته ب"الذهب السائل"، ومازال يتهافت عليها الناس من كل حدب وصوب... فما سبب ذلك؟ وما سر شهرة العود على بقية الروائح بالأخص في الشرق الأوسط؟
العود هو نوع من الخشب الفاخر الذي يتم استخراجه من أشجار العود التي تنمو في جنوب شرق آسيا والهند. يتم استخلاص الزيوت من هذا الخشب و تتميز هذه الزيوت بعطر فريد وقوي، كما تمتاز رائحتها بالدفئ والغنى الذين يبعثوا الاسترخاء والهدوء في حواس كل من يتنفسها، فهي ذات نوتة ترابية فريدة من نوعها ولها طابع مثير للاهتمام.
يتم استخراج خلاصة العود من أشجار العود التي تعاني من الإصابة الناجمة عن فطر معين أو نخر سببه النمل، حيث تلجأ الشجرة إلى الدفاع أو إصلاح نفسها عن طريق إنتاج مادة راتنجية تتحوّل مع مرور الوقت إلى العود. هذه العملية قد تستغرق سنوات عديدة، والأشجار التي تتقدم في العمر تنتج عادة العود ذي الجودة الأعلى.
بسبب أهمية وقيمة العود تم اللجوء إلى الطُرق التحفيزية لتسريع عملية استخراج العود من الأشجار وذلك بعدّة طُرق منها:
الطريقة التقليدية: يتم عمل شقوق أو حُفر في شجرة العود، ثم تركها في الهواء الطلق لمدة تتراوح بين 3 و 5 سنوات حتى تُفرِز الراتنج. بعدها، يتم جمع الراتنج ومعالجته لصنع العود.
الطريقة الحديثة: يتم قطع شجرة العود أو حفرها ثم حقنها بمواد كيميائية أو طبيعية (مثل الفواكه المخمرة الجالبة للنمل)، مما يحفز الشجرة على انتاج الراتنج الذي يتم جمعه ومعالجته لصنع العود.
طرق أخرى: مثل التقطير بالبخار أو إذابة المادة.
راتنج العود كثيف ولزج ولونه غامق. بمجرد استخراجه، يستخدم هذا الزيت في صناعة عطور العود الرائعة.
يعود تاريخ العود إلى العصور القديمة، حيث كان يستخدم في الشرق الأوسط (مصر وبلاد فارس) وآسيا (الصين والهند واليابان)، وتعددت استخداماته بين العادات والتقاليد الاجتماعية والطقوس الدينية، فعلى سبيل المثال، كان يعطى خشب العود كهدية في حفلات الزفاف والخطوبة، وكان يوضع قطعة من خشب العود على شكل جميل في صناديق الهدايا لتقديمه إلى الوالدين والأقارب المقربين من العروس.
يرجع غلاء خلاصة العود الغامضة بسبب أن خشب العود هو أحد أغلى الأخشاب في العالم بسعر 375000 ريال للكيلوغرام وذلك بسبب ندرت الشجرة. علاوة على ذلك، تشير التقديرات إلى أن شجرة واحدة فقط من بين كل عشرة أشجار في غابات جنوب شرق آسيا ستنتج الراتينج بشكل طبيعي لذلك، هي مادة ثمينة ومطلوبة للغاية في صناعة العطور.كما أن طريقة استخراجه قبل التقطير سبب آخر لبهاظة ثمنه، فإنه يتم نحت رقائق الخشب المشبعة بالراتنج يدويًا في عملية تستغرق عدة ساعات، لدرجة أنه يتم الآن معالجة العديد من الأشجار بشكل صناعي بمركب ميكروبي لإنتاج راتينج خشب العود.
سر خلاصة العود الغامضة لا تكمن فقط في رائحته، بل أيضا في عراقته وأصوله، بداية من تاريخه حتى طريقة استخلاصه، مما يجعل العود ذو قيمة عالية على مختلف الأصعدة، ورمز للترف والراحة لدى الكثيرون، وحتى مع مرور وتطور الأزمنة، أثبت العود أنه ملتقى الأصالة والحداثة حيث يعمل دائما خبراء العطور على تطويره، محافظين على عراقة وأصول الرائحة.
إذا استخدم شخص ما هذه العبارات في محادثة فمن المحتمل أن يكون لديه تقدير ذاتي منخفض
عبد الله المقدسي
لماذا يُعدّ الطعام آلة الزمن المثالية: الحُمّيض، الكعكة السوداء، وعلم أعصاب الانتماء
جمال المصري
أفضل 10 صناع محتوى عرب عن عام 2024
نهى موسى
المطبخ الصقلي: رحلة عبر التاريخ والنكهة
عبد الله المقدسي
لماذا تشتهر القيروان مركز الثقافة الإسلامية ومدينة التراث العالمي لليونسكو في تونس لهذه الدرجة؟
عبد الله المقدسي
أكبر هيكل تم العثور عليه على الإطلاق في الكون يبلغ طوله 1.4 مليار سنة ضوئية
عبد الله المقدسي
ما هو تأثير خليل جبران الشاعر والكاتب اللبناني على العالم؟
لينا عشماوي
استمتع بروعة التاريخ والطبيعة الخلابة في مدينة قرطاج في تونس
إسلام المنشاوي
هل يموت عدد أكبر من الناس بسبب الحر أم البرد؟
لينا عشماوي
علماء الفلك يكتشفون ”كويبو“، أكبر بنية منفردة في الكون المعروف
شيماء محمود