قصر الحمراء: نصب تذكاري خالد

ADVERTISEMENT

يقع قصر الحمراء على تلة سبيكة في مدينة غرناطة جنوب إسبانيا، وهو من أبرز معالم العمارة الإسلامية في الأندلس. اسمه مستمد من الكلمة العربية "الحمراء"، نسبة إلى لون الطين المحمر المستخدم في بنائه. يعكس القصر تاريخ الأندلس الغني ويجسد عظمة الحضارة المغاربية التي ازدهرت في شبه الجزيرة الإيبيرية.

يعود أصل قصر الحمراء إلى القرن التاسع كموقع دفاعي فوق أنقاض تحصينات رومانية. في عهد الدولة النصرية خلال القرن الثالث عشر، أصبح القصر مقرًا ملكيًا. ترك السلطان يوسف الأول وابنه محمد الخامس بصمة واضحة على تصميمه؛ إذ شيّدا قصر قمارش وقصر الأسود، وهما من أبرز معالمه حتى اليوم.

ADVERTISEMENT

يتميز قصر الحمراء بهندسته الإسلامية الدقيقة؛ من الزخارف الهندسية إلى النقوش العربية وأعمال الجص والبلاط المعقدة التي تزين جدرانه. يشكل الماء عنصراً محورياً في تصميمه من خلال النوافير والبرك التي تضفي روعة بصرية وتلطّف الأجواء. من أشهر معالمه ساحة الأسود التي تتوسطها نافورة تحيط بها 12 أسداً رخامياً، ترمز إلى القوة والحكمة.

في عام 1492، كان القصر موقع استسلام آخر ملوك بني نصر، أبو عبد الله الصغير، للملكين فرديناند وإيزابيلا، ما أنهى الحكم الإسلامي في الأندلس بعد نحو 8 قرون. ومنذ ذلك الحين أُجري عليه تعديلات بطابع عصر النهضة، أبرزها بناء قصر شارل الخامس عام 1527.

ADVERTISEMENT

بعد قرون من الإهمال، أعيد اكتشاف الحمرارة في القرن التاسع عشر، وبدأت عمليات ترميم واسعة. واليوم، يُعدّ من أهم مواقع التراث العالمي لليونسكو، ويستقطب ملايين الزوار سنويًا من مختلف أنحاء العالم. يظل قصر الحمراء في غرناطة رمزًا للتسامح والتنوع الثقافي، وأحد أعظم الشواهد على تلاقي الحضارات.

يعكس قصر الحمراء روح عصرٍ تألّق فيه التقدم العلمي والفني والديني. زيارة هذا المعلم التاريخي لا تقتصر على مشاهدة طراز فني فريد، بل تمثّل أيضًا رحلة عبر التاريخ الإسلامي في الأندلس.

toTop