الزبدة والأعشاب والأنفاق السرية: كيف وقع الفرنسيون في حب شرائح اللحم

ADVERTISEMENT

لطالما اعتُبرت شرائح اللحم رمزاً للطهي على النار منذ عصور الإنسان الأولى، إذ بدأ البشر الأوائل قبل 2.5 مليون سنة بتناول لحوم ونخاع جثث الحيوانات. وظلت شريحة اللحم تُطهى على النار حتى أصبح سطحها بنيًا وداخلها طريًا، ثم تطوّر هذا الطبق بإضافة الزبدة والأعشاب حين دخل المطبخ الفرنسي.

في ستينيات القرن التاسع عشر، وصلت شرائح اللحم إلى مطاعم نيويورك، لكن باريس كانت المسرح الحقيقي لتحولها الثقافي. حيث لم تكن المطاعم هناك مجرد أماكن للأكل، بل فضاءات للطبقة الأرستقراطية تتضمن غرفًا خاصة تسمى "الصالونات"، وكانت تُستخدم للقاءات سرية وسياسية. حتى أن أحد المطاعم ارتبط بنفق يؤدي إلى مجلس الشيوخ الفرنسي.

ADVERTISEMENT

مع الوقت، بدأت الزوجات بالمطالبة بتجربة مماثلة لما يحظى به الرجال في تلك الصالونات، وظهر توجه عام نحو تحويل المطاعم إلى مؤسسات عامة، مما أدى إلى تضاعف عددها في باريس. في الوقت نفسه، أثرت "الخدمة على الطريقة الروسية"، التي قدمها الروس، على المطبخ الفرنسي. فقد استبدلت الطريقة الفرنسية التقليدية بتقديم الأكل دفعة واحدة، بطريقة متسلسلة تبدأ بالمقبلات وتنتهي بالحلويات. هذا التغيير أتاح تقديم الطعام دافئًا وحدّ من هدر النكهة.

تضافرت التطورات لتستقبل باريس الطبق الأمريكي العصري، شريحة لحم البقر. فأصبح من الممكن طهي شرائح لحم بقرية عالية الجودة وتقديمها ساخنة. لكن الطهاة الفرنسيين أضافوا لمستهم الخاصة باستخدام الزبدة والأعشاب والصلصات، فمنحوا شرائح اللحم طابعًا فرنسيًا مميزًا.

ADVERTISEMENT

رغم أن شرائح لحم البقر اعتُبرت في البداية طعامًا فاخرًا للأثرياء، إلا أن الطهاة في المطاعم الصغيرة قاموا بتبسيط الوصفة. وظهرت شريحة لحم البقر بالفلفل - مقلاة ساخنة، صلصة كريمية، بصل، وفلفل - فأصبحت في متناول العامة. ومن صالات السياسيين إلى موائد الشعب، أصبحت شريحة اللحم رمزًا للذوق الراقي المنتشر، ومثالًا حيًا على تطور فنون الطهي عبر الزمن.

toTop