كيف يؤثر التوتر على ذاكرتنا بشكل جذري

ADVERTISEMENT

يُعد الدماغ البشري العضو الأكثر تعقيدًا في الجسم؛ ينظم الإدراك، العواطف، الذكريات، التوتر. عند تعرض الشخص للإجهاد، لا يتأثر الجسم فقط، بل يمتد التأثير إلى طريقة تكوين واسترجاع الذكريات. أظهر بحث أجراه مستشفى الأطفال المرضى (SickKids) أن التوتر يؤدي إلى ظاهرة تُعرف بتعميم الذاكرة المنفرة، تُستدعى فيها ذكريات مؤلمة في مواقف آمنة لا علاقة لها بالأحداث الأصلية، مما يزيد أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.

حدد الدكتور بول فرانكلاند والدكتورة شينا جوسلين من برنامج علوم الأعصاب والصحة العقلية الآليات البيولوجية التي تسبب تعميم الذكريات بفعل الإجهاد. تبيّن أن الخلايا العصبية البوابية في اللوزة، وهي مركز المعالجة العاطفية، تفقد فعاليتها تحت تأثير مستويات عالية من مركبات endocannabinoid الناتجة عن التوتر. يؤدي هذا الخلل إلى تكوين ذكريات عامة وخوف مبالغ فيه في مواقف غير مهددة.

ADVERTISEMENT

تعاون الفريق مع باحثين من معهد هوتشكيس بجامعة كالجاري، وطوّر نموذجًا ما قبل سريري أظهر كيف تؤدي الضغوط البسيطة قبل حدوث صادم إلى تكوّن إنجرامات ذاكرة (التمثيلات العصبية للذكريات) أكبر وأقل تحديدًا. تبيّن أثناء الدراسة أن تعميم هذه الإنجرامات يرتبط باضطراب ما بعد الصدمة. نجحت التجارب في تقليص التعميم الذكري بحجب مستقبلات endocannabinoid في خلايا محددة، فأعادت القدرة على تمييز الذكريات إلى حالتها الطبيعية.

أظهرت أبحاث نُشرت عام 2023 وجود إنجرامات ذاكرة عامة مشابهة في أدمغة الأطفال مقارنة بالبالغين، مما يُشير إلى ارتباط بين العمر وقابلية الذكريات للتأثر بالإجهاد. يأمل الباحثون أن يسهم هذا الفهم في تطوير علاجات فعالة للمصابين بالاضطرابات العصبية والنفسية، من خلال غرس توازن دقيق بين نشاط خلايا الدماغ، التجارب العاطفية، الضغوط النفسية، لدعم استراتيجيات الصحة النفسية والوقاية من آثار اضطراب ما بعد الصدمة.

toTop