جهود البناء المستدام تصل إلى آفاق جديدة مع ناطحات السحاب الخشبية

ADVERTISEMENT

في قلب جامعة تورنتو يُشيد حاليا مبنى جديد من 14 طابقًا بتقنية بناء متطورة تُعرف بـ "الأخشاب الضخمة". الفكرة الأساسية تتمثل في استبدال الخرسانة والفولاذ بعناصر خشبية ضخمة مُصنعة من طبقات ألواح ملتصقة، تُرفع وتُركب في مكانها باستخدام رافعات. الأسلوب يعتمد على الخشب كمورد متجدد، ويُعد بديلًا فعّالًا للمواد التقليدية عالية الانبعاثات الكربونية.

رغم أن التقنية ما زالت نادرة نسبيًا، إلا أنها تكتسب زخمًا عالميًا، حيث أُنجز حتى عام 2022 حوالي 84 مبنى من الأخشاب الضخمة بارتفاع يفوق ثمانية طوابق، و55 مبنى آخر مقترح. قرابة 70٪ من المشاريع تقع في أوروبا، و20٪ في أمريكا الشمالية، مع عدد أقل في أستراليا وآسيا. وفي الولايات المتحدة وحدها يوجد أكثر من 1700 مبنى بالأخشاب الضخمة حتى عام 2023.

ADVERTISEMENT

فكرة البناء بالخشب ليست جديدة، لكنها عرفت تطورًا نوعيًا في العقود الثلاثة الأخيرة، خاصة من قبل مهندسين ومعماريين ألمان ونمساويين طوّروا تقنيات لدمج قطع خشبية صغيرة في كتل قوية باستخدام الغراء والمسامير. العناصر تشمل الخشب الرقائقي المتصالب (CLT) والخشب الملصق بالغراء (glulam) الذي يمتد لأكثر من 50 مترًا، ليحل بشكل فعال محل الهياكل الفولاذية والخرسانية.

الهندسة المعمارية الحديثة تُظهر إمكانيات كبيرة لهذا النوع من البناء. من الأمثلة البارزة مبنى "بروك كومونز" المؤلف من 18 طابقًا في جامعة كولومبيا البريطانية، ومجمع "أولزبوندت" في النمسا. المشاريع تؤكد فعالية الأخشاب الضخمة في تحقيق أهداف الاستدامة وخفض الانبعاثات؛ إذ يُقدّر أن بروك كومونز وحده تجنّب إصدار 2432 طنًا متريًا من ثاني أكسيد الكربون مقارنة ببناء مشابه من الخرسانة والفولاذ، منها 679 طنًا بفضل انخفاض الانبعاثات أثناء التصنيع.

ADVERTISEMENT

يشير خبراء المناخ إلى أن البناء المستدام باستخدام المواد البيولوجية مثل الخشب يُسهم بفاعلية في تقليل الانبعاثات من قطاع البناء، الذي يسبب نحو 39٪ من انبعاثات غازات الدفيئة عالميًا. من هنا، يشهد بناء ناطحات سحاب بالأخشاب الضخمة اهتمامًا متزايدًا كجزء من مستقبل معماري أكثر خضرة.

toTop