التأثيرات التحويلية للقراءة على الدماغ: منظور تاريخي وعلمي

ADVERTISEMENT

القراءة عمود أساسي في نمو الحضارات؛ فهي الوسيلة التي تنقل بها الشعوب معرفتها وتغذي ثقافتها. بدأت رموزها بخطوط بارزة على ألواح طينية وبخطوط صورية على جدران المعابد، ثم انتقلت إلى برديات يونانية ورومانية، حتى جاءت مطبعة غوتنبرغ في القرن الخامس عشر فجعلت الكتاب سلعة متاحة. اليوم، حوّلت الشاشات والهواتف الوصول إلى النصوص إلى حركة ضغطة إصبع.

ارتفعت نسبة من يعرف القراءة والكتابة من أقل من 15٪ سنة 1800 إلى أكثر من 86٪ حالياً، وزادت معها معدلات النمو الاقتصادي. كل دراسة تربط بين وقت قضاه السكان بين صفحات الكتب وارتفاع الناتج المحلي تخرج بنتيجة واحدة: المجتمع الذي يقرأ يملك رصيداً بشرياً أكبر.

ADVERTISEMENT

شكلت القراءة وجهة الفكر في كل بقعة من الأرض. في أوروبا كانت بوابة النهضة، وفي شرق آسيا كانت الكتب الكونفوشيوسية مرجع الحكماء، أما في العالم الإسلامي فترجمة بغداد للعلوم اليونانية والفارسية أغنت المكتبات بعناوين جديدة. مع ذلك، يقرأ المواطن العربي اليوم ست دقائق في السنة فقط، لذا أُطلق «تحدي القراءة العربي» لسد الفجوة.

صور الدماغ تُظهر أن الصفحة تُشغّل شبكة واسعة من المناطق المسؤولة عن الفهم، تخزين المعلومات، والتعاطف مع الآخرين، وتُضفي على القارئ ذكاءً عاطفياً أعلى. التصوير بالرنين المغناطيسي يكشف أن الرواية تزيد الاتصال بين مراكز اللغة. أظهرت متابعة طويلة الأمد أن من يقرأون بانتظام يعيشون عامين إضافيين، وتقل لديهم احتمالات الإصابة بالزهايمر.

ADVERTISEMENT

الدماغ يعيد ترتيب خرائطه عند التدرب على القراءة؛ يستعمل مسارات الرؤية واللغة لتحليل الكلمة. باحثو كارنيجي ميلون رصدوا زيادة كثافة المادة البيضاء لدى أطفال خضعوا لبرنامج قراءة، وتحسّن الفهم اللغوي لديهم بشكل ملموس.

الفائدة العصبية للقراءة تتجلى في ترسيخ الروابط بين الخلايا، زيادة كتلة القشرة الرمادية، وخفض هرمون التوتر حتى 68٪. القصة المثيرة تطلق الدوبامين، فتتحول القراءة إلى نشاط ممتع يُكافئ القارئ نفسياً ومعرفياً.

toTop