شحات ( قورينا ) : لمسات إغريقية بين أحضان الجبل الليبي

ADVERTISEMENT

تقع مدينة قورينا، المعروفة قديمًا باسم سيرين، شمال شرق ليبيا وسط مناظر الجبل الأخضر. أنشأها مستوطنون من جزيرة ثيرا سنة 631 قبل الميلاد، فتحولت لاحقًا إلى إحدى أبرز مدن الحضارة الإغريقية في شمال إفريقيا. تُدرج اليونسكو الموقع اليوم ضمن قائمتها، وتجمع زيارته بين رائحة التاريخ وجمال الطبيعة.

تبدو الطراز المعماري في قورينا إغريقيًا بوضوح؛ تنتشر المعابد والمسارح، منها معبد زيوس الذي يضاهي البارثينون في أثينا. بعد دخول الرومان، أُقيمت مبانٍ جديدة كالمسارح والحمامات، فظهر طابع مزدج يعكس تعاقب حضارتين.

ADVERTISEMENT

عُرفت قورينا مركزًا دينيًا وثقافيًا؛ احتوت معابد لأبولو وزيوس وديميتر. كان معبد أبولو رمز الشفاء والنبوءة، يقصده الحجاج طلبًا للعلاج والإلهام. شغل الأغورا موقعًا محوريًا في الحياة التجارية والمدنية، وكان ملتقى سياسيًا واجتماعيًا في آنٍ واحد.

تستقر المدينة في قلب الجبل الأخضر، حيث المناخ المعتدل والتربة الخصبة ساعدا على ازدهار الزراعة، خاصة الزيتون والعنب. يضيف التنوع الطبيعي من تلال وغابات وشلالات سحرًا إلى زيارة الموقع الأثري.

تُظهر الحفريات الحديثة تفاصيل إضافية عن حضارة قورينا، من أقبية تحت الأرض إلى فسيفساء دقيقة، دليل على تطور المجتمع وقدرته على التكيف. كشفت الاكتشافات أيضًا مشاركة النساء في الحياة العامة والدينية، مؤشر على تقدم الحياة الاجتماعية آنذاك.

ADVERTISEMENT

رغم التحديات التي يواجهها الموقع اليوم من عوامل مناخية وتوسع عمراني، تبذل جهود محلية ودولية للحفاظ عليه وجعله وجهة سياحية وثقافية. يبقى استكشاف آثار قورينا في ليبيا تجربة غنية لمحبي التاريخ والطبيعة.

toTop