button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

يوسف شاهين، رائد السينما المصرية

ADVERTISEMENT

لطالما كانت السينما المصرية منارة ثقافية في العالم العربي. فمنذ جذورها في أوائل القرن العشرين وحتى التحولات الرقمية في القرن الحادي والعشرين، عكست صناعة السينما المصرية مجتمعها ونضالاتها وأحلامها وتحولاتها. ويُعد يوسف شاهين (1926-2008) محور هذه الرحلة السينمائية، فهو مخرج وكاتب سيناريو وممثل صاحب رؤية، ارتقت هويته العالمية وإبداعه الجريء بالسينما المصرية إلى مكانة عالمية مرموقة. يستكشف هذا المقال السياق التاريخي والفني للسينما المصرية، وتطورها وتأثيرها، والإرث العميق الذي تركه شاهين في تشكيل التصورات المحلية والدولية لصناعة السينما العربية.

الصورة على theguardian

يوسف شاهين يحتفل بجائزة إنجاز مدى الحياة عن مجمل أعماله بمهرجان كان السينمائي لعام 1997

1. التراث التاريخي للفن في مصر.

لطالما كانت مصر مهداً للتعبير الفني لآلاف السنين. من الجداريات الفرعونية في الأقصر والكرنك إلى الأيقونات القبطية والخط الإسلامي، يتميز التراث الفني المصري بثراء وتنوع. ويمكن رؤية استمرارية الفن الرمزي والسردي في المعابد والمقابر والكنائس والمساجد والتقاليد الشعبية.

ADVERTISEMENT

في القرنين التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، ظهرت الفنون الحديثة خلال عصر النهضة العربية، متأثرةً بالفكر الأوروبي والاستعمار. وازدهر التعليم الفني في مدن مثل الإسكندرية والقاهرة. تأسست كلية الفنون الجميلة عام ١٩٠٨ على يد الأمير يوسف كمال، إيذاناً بعصر جديد للفنون البصرية. وازدهرت الصالونات الأدبية والمعاهد الموسيقية والفرق المسرحية.

حقائق رئيسية:

• عرضت دار الأوبرا المصرية، التي افتُتحت عام ١٨٦٩، أوبرا عايدة لفيردي احتفالاً بافتتاح قناة السويس.

• كانت مصر أول دولة عربية تُنشئ وزارة للثقافة (١٩٥٨).

• لا تزال الحرف التقليدية، مثل الخيامية (صناعة الخيام) والمشربية الخشبية، تُلهم السرد القصصي البصري الحديث.

2. تطور السينما المصرية.

دخلت السينما إلى مصر بعد فترة وجيزة من اختراع الأخوين لوميير (Lumière)، مع أول عرض عام في الإسكندرية عام 1896. وسرعان ما تطورت السينما المصرية من عروض سينمائية إلى إنتاج محلي. وشهدت ثلاثينيات القرن العشرين إنشاء أولى الاستوديوهات الكبرى، بما في ذلك ستوديو مصر (1935)، الذي قدّم تطوراً تقنياً وسردياً متطوراً.

ADVERTISEMENT

نمت الصناعة بسرعة، وأصبحت الأفلام المصرية من أهم الأفلام الإقليمية. وبحلول أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، أصبحت القاهرة عاصمة السينما في العالم العربي، حيث أنتجت أفلاماً توازن بين الجاذبية الشعبية والقيمة الفنية.

أهم المحطات:

• أول فيلم مصري صامت: "ليلى" (1927) للمخرجة عزيزة أمير.

• أول فيلم مصري ناطق: "أنشودة الفؤاد" (1932).

بحلول عام ١٩٥٢، كانت مصر تُنتج أكثر من ٧٠ فيلماً سنوياً.

في ستينيات القرن الماضي، أدى التأميم في عهد عبد الناصر إلى إنشاء الهيئة المصرية العامة للسينما، التي موّلت الأفلام الوطنية والواعية اجتماعياً.

3. انتشار السينما المصرية وسمعتها.

تهيمن الأفلام المصرية على الشاشات والقنوات التلفزيونية العربية. وتُفهم اللهجة المصرية على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم العربي بفضل عقود من تأثير السينما والتلفزيون. أصبحت مصر المركز الثقافي للعالم العربي من الدار البيضاء إلى بغداد.

ADVERTISEMENT

كان النجوم المصريون أول المشاهير العرب الذين نالوا شهرة إقليمية. وقد لاقت المواضيع السياسية والفكاهة والواقعية الاجتماعية صدىً عميقاً.

إحصائيات:

• تُمثل مصر ما بين ٧٥٪ و٨٠٪ من إنتاج الأفلام العربية [اليونسكو، ٢٠٢٠].

• حازت الأفلام المصرية على أكثر من ٣٠٠ جائزة دولية منذ خمسينيات القرن الماضي.

• تم إنتاج أكثر من ٤٠٠٠ فيلم روائي طويل.

من المهرجانات والتكريمات البارزة:

مهرجان كان السينمائي: مشاركات وجوائز مصرية متعددة. • مهرجان القاهرة السينمائي الدولي: تأسس عام ١٩٧٦، وهو معتمد من الاتحاد الدولي لفناني الأفلام (FIAPF).

4. صناعة السينما المصرية.

تُعد صناعة السينما المصرية من أكبر الصناعات غير الغربية. تاريخياً، كانت مدعومة من الدولة، وقد تنوعت أعمالها من خلال الاستثمارات الخاصة، والقنوات الفضائية، والإنتاج المشترك الدولي. من بين الاستوديوهات الرئيسية: أفلام مصر العالمية، وإنتاج السبكي، واستوديوهات روتانا.

ADVERTISEMENT

شهد القرن الحادي والعشرون ظهور السينما الرقمية، ومسلسلات الويب، وتوسع التعاون مع المغتربين. ولا تزال مصر مركزاً للإنتاج والتوزيع.

المُعطيات الاقتصادية:

• تُساهم السينما بأكثر من ١,٣ مليار دولار أمريكي في الناتج المحلي الإجمالي (وزارة الثقافة، ٢٠٢٢).

• تعمل أكثر من ١٠٠٠ شاشة في جميع أنحاء البلاد.

• تُوسّع منصات البث مثل "شاهد" و"ووتش إت" نطاق الوصول.

• تُوظّف أكثر من ١٠٠ ألف عامل، من الفنيين إلى الممثلين.

تشمل التحديات الرقابة والقرصنة ونقص تمويل التعليم السينمائي، إلا أن مبادرات مثل "ملتقى القاهرة السينمائي" و"عيادة الأفلام بمهرجان الجونة السينمائي" تدعم الابتكار.

5. أشهر إنتاجات السينما المصرية.

من بين الأفلام الأيقونية التي أثرت في السينما المصرية والعربية:

• "دعاء البلبل"

(1959) لهنري بركات،

• "عمارة يعقوبيان" (2006) لمروان حامد،

ADVERTISEMENT

• "الإرهاب والكباب" (1992) لشريف عرفة،

• "الأرض" (1969) ليوسف شاهين.

تعكس هذه الأعمال المشهد الاجتماعي والسياسي والعاطفي في مصر.

6. سيرة يوسف شاهين.

وُلد شاهين في الإسكندرية عام 1926، ونشأ في بيئة متعددة الثقافات والأديان، متحدثاً العربية والفرنسية والإنجليزية وبعض الإيطالية. بعد تخرجه من كلية فيكتوريا، درس السينما في مسرح باسادينا في كاليفورنيا. بدأ مسيرته السينمائية بفيلم "بابا أمين" (1950)، وبرز في فيلم "محطة مصر" (1958).

صفاته الشخصية:

• مسيحي من أصل لبناني مصري،

• صريح سياسياً،

• مدافع متحمس عن الحرية الفنية والهوية العربية.

7. دور يوسف شاهين في السينما المصرية.

تجاوز دور شاهين دور المخرج؛ فقد كان مهندساً ثقافياً ومُحرضاً أيديولوجياً. هو:

• أدخل عناصر الواقعية الجديدة وفن التأليف إلى السينما العربية.

ADVERTISEMENT

• اكتشف نجوماً عالميين مثل عمر الشريف.

• تناول مواضيع الهوية والاستعمار والجنس والسياسة.

• انتقد كلاً من الإمبريالية الغربية والاستبداد العربي.

• كان أول مخرج عربي ينافس في مهرجان كان السينمائي عدة مرات، وفاز بجائزة الإنجاز مدى الحياة عام ١٩٩٧.

8. أهم إنتاجات وإنجازات يوسف شاهين.

أفلام مميزة:

أ. محطة مصر (١٩٥٨) - قصة واقعية عن الإحباط الجنسي والطبقة الاجتماعية.

ب. الأرض (١٩٦٩) - ملحمة وطنية عن مقاومة الفلاحين.

الصورة على elcinema

مُلصق فيلم الأرض

ت. ثلاثية الإسكندرية:

إسكندرية... لماذا؟ (١٩٧٩)،

قصة مصرية (١٩٨٢)،

إسكندرية كمان وكمان (١٩٨٩)،

الصورة على elcinema

مُلصق فيلم إسكندرية كمان وكمان

ث. المهاجر (١٩٩٤) - إعادة تفسير لقصة يوسف،

الصورة على elcinema

مُلصق فيلم المُهاجر

ج. القدر (١٩٩٧) - قصة ابن رشد؛ دعوة إلى العقلانية والتعددية.

ADVERTISEMENT

اتسمت أعمال شاهين بالسيرة الذاتية، والفلسفية، والتوجهات السياسية.

9. إرث يوسف شاهين.

أرشد شاهين جيلاً من المخرجين، منهم يسري نصر الله وخالد يوسف. تُدرّس أفلامه الآن عالمياً في معاهد السينما والعروض الاستعادية.

التأثير العالمي:

• كُرِّم بعد وفاته في عروض استعادية في باريس ولندن ونيويورك وطوكيو.

• تُرجمت أفلامه إلى أكثر من ٢٠ لغة.

• عُرضت أعماله في مجلات "كاييه دو سينما"، و"سايت آند ساوند"، ومجلة "دراسات عربية فصلية".

لا يزال شاهين أشهر مخرج سينمائي عربي عالمياً.

10. السمات الرئيسية وخصوصية أسلوب شاهين.

السمات الرئيسية:

• أقواس سردية ذات طابع سيرة ذاتية،

• دمج الأنواع: الدراما، والموسيقى، والمقال السياسي،

• استخدام التحرير غير الخطي،

• كسر الحاجز الرابع،

• مزج اللغة العربية الفصحى باللهجات المحلية والفرنسية،

ADVERTISEMENT

• الإنسانية والتعددية الفكرية.

كما جسّد شاهين الرمزية الصوفية، وعلم النفس الفرويدي، وتقنيات المسرح البريختي.

11. مستقبل السينما المصرية.

تواجه السينما المصرية تحديات - الرقابة، وقيود الميزانية، والمنافسة العالمية - ولكنها تواجه أيضاً فرصاً مثيرة.

الاتجاهات والآفاق:

• توسيع نطاق منصات الإنتاج الرقمي والبث المباشر،

• ملتقى القاهرة السينمائي يشجع الإنتاجات الدولية المشتركة،

• موجة جديدة من صانعي الأفلام تتناول قضايا النوع الاجتماعي والبيئة والتكنولوجيا.

• مُعطيات حديثة:

• أنتجت مصر 23 فيلماً روائياً طويلاً في عام 2023.

• إيرادات شباك التذاكر: 70 مليون دولار أمريكي في عام 2023 (غرفة السينما المصرية).

• الإصلاحات الحكومية والاستثمارات الخاصة ضرورية لاستدامة الإرث السينمائي المصري.

الخلاصة.

يُجسّد يوسف شاهين الثراء الفني والفكري والسياسي للسينما المصرية. تُشكّل أعماله جسراً بين الشرق والغرب، والتقاليد والحداثة، والشخصية والعالمية. ومع استمرار تطور مصر اجتماعياً وسياسياً، تظل صناعة السينما - وإرث شاهين - حيوية لفهم تعقيدات الهوية العربية والتعبير عنها. ومع الاهتمام الدولي المتجدد، والوصول الرقمي، وظهور جيل صاعد من الأصوات الجريئة، أصبحت السينما المصرية على أهبة الاستعداد للازدهار من جديد، حاملة شعلة شاهين إلى القرن الحادي والعشرين.

toTop