هل يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي أن توضح لنا كيفية تعلم الناس؟

ADVERTISEMENT

تعلم اللغة ليس أمرًا صعبًا في ذاته، فكل طفل يكتسبها خلال سنوات قليلة. لكن فهم كيفية حدوث هذا التعلم معقد. بينما سعى علماء اللغة إلى بناء نظريات تشرح الآلية، جاء التعلم الآلي ليحدث تغييرًا كبيرًا، إذ تجاهل مطورو نماذج مثل ChatGPT الأسس التقليدية في علم اللغة، وحققوا نجاحًا ملحوظًا. يبقى السؤال: هل تتعلم النماذج اللغة فعلًا أم تُحاكي فقط؟ إذا كانت تتعلم، فسنضطر إلى إعادة تعريف نظريات اللغة.

في منتصف القرن العشرين، قاد نعوم تشومسكي ثورة فكرية في علم اللغة، مؤكدًا أن البشر يولدون ومعهم قدرات فطرية تساعدهم على معالجة اللغة، ما يفسر غياب بعض البنى النحوية في جميع لغات العالم. رأى أن تعلم اللغة يختلف عن باقي أنواع التعلم، ويحتاج إلى آلية عقلية خاصة. هذا النهج هيمن على أبحاث اللغويات نحو 50 عامًا حتى ظهرت تقنيات التعلم الآلي.

ADVERTISEMENT

تعتمد نماذج الذكاء الاصطناعي الحديثة، ومنها نماذج اللغة، على شبكات عصبية تُعدّل روابطها تدريجيًا أثناء معالجة كميات ضخمة من النصوص. تبدأ النماذج بإنتاج كلمات عشوائية، ثم تتحسن تدريجيًا في التنبؤ بالكلمات التالية حتى تُنتج جملًا مناسبة. ورغم احتياجها لتريليونات الكلمات، وهو ما يفوق قدرة البشر، فإن أداءها يُظهر أن فهم اللغة لا يتطلب بالضرورة آليات بشرية فطرية كما قال تشومسكي.

في هذا السياق، قادت جولي كاليني وفريقها دراسة لاختبار قدرة النماذج الحديثة على تعلم "اللغات المستحيلة" - أي تلك التي تحتوي على أنماط غير موجودة في اللغات البشرية. صمم الباحثون نماذج GPT-2 صغيرة لتقليل بيانات التدريب وجعلها أقرب إلى قدرة البشر، ثم أنشأوا 12 لغة مستحيلة لتجربتها. أظهرت النماذج تفضيلًا لبعض الأنماط على غيرها، بشكل يشبه تفضيلات البشر، دون أن تكون مطابقة تمامًا.

ADVERTISEMENT

تشير النتائج إلى أن نماذج اللغة تُتيح أدوات جديدة لفهم آليات تعلم اللغة، لكنها لا تنفي دور النظريات التقليدية مثل تلك التي قدمها تشومسكي. فما يزال الفرق في البنية العصبية والفهم الإنساني أكبر من أن يُختزل في نموذج رقمي، لكن التقدم المحقق يطرح تحديات حقيقية على الفكر اللغوي الكلاسيكي.

toTop