button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

عجلون: مدينة الطبيعة والتاريخ الإسلامي

ADVERTISEMENT

تقع مدينة عجلون شمال غرب الأردن، وتُعدّ من أجمل المناطق الطبيعية في المملكة. تتميز بتلالها الخضراء، وغاباتها الكثيفة، ومناخها المعتدل، ما يجعلها وجهة مثالية لمحبي الطبيعة والتاريخ على حد سواء. تُمثّل عجلون مزيجًا فريدًا من الجمال الطبيعي والإرث التاريخي، إذ لعبت دورًا مهمًا خلال العصور الإسلامية، خصوصًا في عهد صلاح الدين الأيوبي.

تصوير ماريو لا بورغولا

أصل التسمية وتاريخ المدينة

يرجع اسم "عجلون" إلى اسم راهب مسيحي قديم يُدعى عجلون عاش في المنطقة خلال العصور البيزنطية. لاحقًا، أصبحت المدينة قاعدة عسكرية استراتيجية خلال الحروب الصليبية. وقد شهدت ازدهارًا في العهد الأيوبي والمملوكي، حيث أُنشئت فيها القلاع والمراكز الدفاعية لحماية الطرق المؤدية إلى دمشق والقدس. كما لعبت دورًا محوريًا في السيطرة على ممرات التجارة بين الشام ومصر، مما جعلها مطمعًا للصليبيين. خلال الحكم العثماني، تحوّلت عجلون إلى مركز إداري صغير، مع بقاء آثار معمارية من تلك الفترة مثل المساجد والحمامات العامة. حتى في العصر الحديث، تحافظ المدينة على طابعها الريفي وتاريخها العريق، مما يجعلها نموذجًا حيًّا للتنوع الثقافي في الأردن.

ADVERTISEMENT

قلعة عجلون: الحصن الذي صمد في وجه الصليبيين

تُعتبر قلعة عجلون من أبرز معالم المدينة، وقد بناها القائد عز الدين أسامة، أحد قادة صلاح الدين الأيوبي، في أواخر القرن الثاني عشر. تقع القلعة على قمة جبل شاهق وتوفّر إطلالة بانورامية ساحرة على منطقة الأغوار وجبال فلسطين. بُنيت القلعة لأغراض دفاعية وكانت بمثابة مركز مراقبة وإشارة، وتحتوي على أبراج وممرات دفاعية، وأبواب محصنة. تُعد القلعة اليوم موقعًا أثريًا مهمًا يقصده السياح للاستمتاع بتاريخها العريق ومناظرها الطبيعية الخلابة.

تميزت القلعة بهندستها المعمارية الفريدة التي تجمع بين التأثيرات الإسلامية والبيزنطية، مع استخدام تقنيات متقدمة في البناء مثل الجدران السميكة والأنفاق تحت الأرض. خلال الحروب الصليبية، كانت القلعة خط الدفاع الأول ضد الهجمات، وقد نجحت في صد العديد من الحملات بفضل موقعها الاستراتيجي. اليوم، يمكن للزوار استكشاف متحف صغير داخل القلعة يعرض أدوات حجرية وقطعًا فخارية تعود إلى مختلف العصور، بالإضافة إلى خرائط توضح تاريخ المعركة. تُنظم أيضًا جولات ليلية مضاءة بالشعلات، مما يضيف بُعدًا دراميًّا لتجربة الزائر.

ADVERTISEMENT

غابات عجلون: جنة خضراء في قلب الأردن

تمتد غابات عجلون على مساحات واسعة من الأراضي، وتضم أنواعًا متنوعة من الأشجار مثل البلوط، والخروب، والعرعر. تُعتبر هذه الغابات متنفسًا طبيعيًا وموقعًا مثاليًا للتخييم، والتنزه، ورياضة المشي في الطبيعة. كما تُعدّ موطنًا للعديد من الحيوانات البرية والطيور، ما يجعلها مقصدًا لمحبي الحياة البرية.

تشتهر الغابات بمساراتها المتعرجة التي تتراوح بين السهل والمتوسط، مثل مسار "وادي الريان"، الذي يمرّ بجداول مائية ونباتات نادرة. في فصل الربيع، تُغطي الزهور البرية التلال، مما يخلق لوحة فنية طبيعية تجذب المصورين والفنانين. كما تُعد الغابات موطنًا لحيوانات مثل الغزال الجبلي والثعالب، وطيور مثل النسر واليمام. تُنظم رحلات توجيهية لاستكشاف التنوع البيولوجي، مع إمكانية رؤية آثار حيوانات الليل مثل الآثار البسيطة للقطط البرية.

ADVERTISEMENT

مسار وادي الريان

يمتد مسار وادي الريان في قلب غابات عجلون، وهو أحد أبرز المسارات البيئية التي تجمع بين التحدي والاستمتاع بجمال الطبيعة. يمر المسار بجداول مائية عذبة وأنفاق طبيعية من الأشجار، مع تنوع نباتي لافت يشمل أشجار البلوط والعرعر النادرة. يُنصح بزيارة المسار في فصل الربيع، عندما تُغطي الزهور البرية التلال وتصبح المياه أكثر جريانًا. خلال الجولة، يمكن ملاحظة آثار الحياة البرية مثل الطيور المهاجرة والحيوانات الصغيرة، مما يجعله مثاليًا لعشاق التصوير والمراقبة البيئية. يُنظم المسار برحلات توجيهية تشرح خصائصه الجيولوجية ودوره في الحفاظ على التوازن البيئي بالمنطقة.

تصوير عون عنيزات

محمية عجلون الطبيعية: نموذج للسياحة البيئية

أُنشئت محمية عجلون الطبيعية عام 1988 بهدف حماية التنوع البيئي في المنطقة. وتضم المحمية أكثر من 130 نوعًا من النباتات، إضافة إلى أنواع مهددة بالانقراض من الحيوانات مثل الغزال الجبلي. كما توفر المحمية مسارات بيئية للمشي ومرافق للإقامة البيئية، مما يعزز من أهمية السياحة المستدامة في المنطقة.

ADVERTISEMENT

تُركز المحمية على مشاريع إعادة التشجير وحماية الأنواع المحلية، مثل مشروع إنقاذ نبات "الزعتر الشائع"، الذي يُستخدم في المأكولات التقليدية. للزوار فرصة المشاركة في ورش عمل حول الزراعة العضوية أو التعرف على تقنيات صنع الصابون من زيت الزيتون. كما تُنظم المحمية رحلات ليلية لمراقبة النجوم، حيث يشرح المختصون كيفية توجيه البوصلة باستخدام السماء، وهو نشاط يربط الزوار بالتقاليد البدوية القديمة.

الأسواق والحرف التقليدية في عجلون

تحتفظ عجلون بأسواقها التقليدية التي تُعرض فيها منتجات حرفية محلية مثل التطريز، وصناعة الفخار، والمأكولات التقليدية كالمربيات والزعتر والعسل. كما يمكن للزوار شراء منتجات الغابات مثل الصابون المصنوع من زيت الزيتون، ما يعكس التقاليد الريفية العريقة للمنطقة.

في سوق "الحسينية"، يُمكن العثور على سجاد يدوي مزخرف برسومات تحاكي المناظر الطبيعية للمدينة، بينما تُباع في "سوق الخميس" خضروات عضوية مباشرة من المزارعين. تُعتبر مهنة صناعة الفخار من أقدم الحرف في عجلون، حيث تُشكّل الأواني الطينية يدويًّا ثم تُزين بزخارف إسلامية. كما يُنتج العمال صابونًا ممزوجًا بزيت الزيتون والنعناع، وهو منتج مشهور يستخدمه السكان منذ مئات السنين.

ADVERTISEMENT

الحياة الثقافية والمهرجانات

تنظم مدينة عجلون عددًا من الفعاليات الثقافية والمهرجانات السنوية، مثل مهرجان القلعة الثقافي، الذي يُقام في ساحة قلعة عجلون ويجمع بين الموسيقى، والمسرح، والفنون الشعبية. هذه الأنشطة تعكس غنى المدينة الثقافي وتُعزز من مكانتها كوجهة سياحية متكاملة.

يشمل المهرجان عروضًا لفرقة "الربابة" التي تُؤدي أغاني التراث البدوي، وورش عمل لتعليم الرقصات الشعبية مثل "الدحية". كما يُنظم مهرجان "الخريف الأخضر" في سبتمبر للاحتفاء بالحصاد، مع معارض للمنتجات الزراعية وعروض لركوب الخيل. في ليالي رمضان، تُضاء الشوارع بمصابيح تقليدية، وتُقدم وجبات مجانية في المساجد، مما يعكس الكرم الأردني المعروف.

تصوير عون عنيزات

عجلون والمواقع المحيطة

يمكن للزوار استكشاف مواقع سياحية قريبة من عجلون مثل كهف عريق يُعرف بـ"كهف برنيص"، إضافة إلى قرى ريفية ساحرة مثل راجب وعنجرة. كما يُمكن القيام برحلات إلى نهر الزرقاء ومواقع المياه القريبة للاستمتاع بالمناظر الطبيعية والمغامرات البيئية.

ADVERTISEMENT

كهف برنيص

يقع كهف برنيص جنوب عجلون، ويُعدّ أحد أبرز المواقع الطبيعية والتراثية في المنطقة. يمتد الكهف لمسافة 2.5 كيلومتر تحت الأرض، ويحتوي على غرف واسعة وتيارات مائية داخلية تُضفي عليه طابعًا ساحرًا. يُعتقد أن البدو استخدموه كملجأ خلال العصور القديمة، وهو ما يفسّر وجود كتابات نبطية على جدرانه تعود إلى تلك الفترة. يجذب الكهف الباحثين عن المغامرة والسياح الراغبين في استكشاف التاريخ الطبيعي، كما يُنظم فيه جولات إرشادية لتعريف الزوار بتكوينه الجيولوجي وقصته عبر العصور.

عين عنجرة

تُعتبر عين عنجرة إحدى أبرز العيون المائية في منطقة عجلون. تقع في قرية عنجرة وتتميز بمياهها الباردة التي يُقال إنها تمتلك خصائص علاجية لبعض الأمراض الجلدية. تحيط بالعين أشجار الزيتون والتين، مما يجعلها متنفسًا طبيعيًّا هادئًا للزوار. يرتادها السياح على مدار العام، خاصة في فصلي الربيع والصيف، حيث تُضفى أجواء مريحة بفضل الانحدار الطبيعي للموقع ووفرة المياه. تُعد العين مثالًا مثاليًّا لجمال الطبيعة في عجلون، وتُكمل تجربة الزائر مع التنزه والاسترخاء.

ADVERTISEMENT

جبل أم العود

يُشكّل جبل أم العود وجهة مميزة لمحبي المغامرة والاستمتاع بالمناظر البانورامية. يرتفع الجبل فوق مستوى سطح البحر ويُنظم له رحلات تسلق تنطلق من قرى قريبة، حيث يمر المشاركون بمسارات متنوعة تمرّ بغابات كثيفة ووديان خضراء. عند الوصول إلى قمّته، يُطلّ الزائر على إطلالة خلابة تشمل الأغوار وجبال فلسطين، خاصةً في أوقات الغروب حين تكسو الألوان الذهبية التلال. يُعد الجبل معلمًا طبيعيًّا يعكس تنوع الموارد السياحية في عجلون، ويجمع بين التحدي والاستمتاع بالهدوء.

المناخ وأفضل وقت للزيارة

يتمتع عجلون مناخًا معتدلًا معظم العام، مع صيف ممتع وشتاء ممطر. يُفضل زيارتها بين شهري مارس وأكتوبر للاستمتاع بالأنشطة الخارجية، بينما يُنصح بتجربة الأجواء الشتوية في ديسمبر ويناير للباحثين عن السلام والهدوء. في فصل الخريف، تتحول الأشجار إلى ألوان ذهبية، مما يجعلها فترة مثالية للتصوير الفوتوغرافي.

ADVERTISEMENT
تصوير عون عنيزات

الإقامة والخدمات السياحية

تقدم عجلون خيارات متنوعة للإقامة، من الفنادق الفاخرة إلى بيوت الضيافة التقليدية. يُعد "فندق قلعة عجلون" من أبرز الخيارات، حيث يوفر إطلالة مباشرة على القلعة. كما تُوجد مزارع تُقدّم تجربة الريف الأردني الأصيلة، مع وجبات صباحية طازجة ومبيت في غرف خشبية. تُنظم شركات محلية جولات سياحية شاملة تشمل النقل والإرشاد، مما يسهل على الزوار استكشاف المدينة دون عناء.

عجلون … لوحة طبيعية نابضة بالحياة

عجلون ليست مجرد مدينة جبلية، بل هي لوحة طبيعية وتاريخية تنبض بالحياة. تُوفر لزوارها تجربة سياحية متنوعة تمزج بين روح المغامرة، وسحر التاريخ، وهدوء الطبيعة، مما يجعلها من أبرز الوجهات السياحية في الأردن التي تستحق الزيارة والتأمل. سواء كنت من محبي التاريخ، أو المغامرة، أو الاسترخاء في أحضان الطبيعة، فإن عجلون تُقدّم لك كل ما تبحث عنه، وتكسبك ذكريات لا تُنسى.

toTop