button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

هندسة الذرة الرفيعة لتقليل استخدام الأسمدة: تحليل شامل

ADVERTISEMENT

برزت الذرة الرفيعة (Sorghum bicolor)، وهي حبوب قديمة موطنها أفريقيا، كمحصول حيوي في الزراعة العالمية نظراً لقدرتها على تحمُّل الجفاف وتكيُّفها مع مختلف المناخات. وباعتبارها خامس أكثر الحبوب إنتاجاً في العالم، تلعب الذرة الرفيعة دوراً هاماً في الأمن الغذائي، وأعلاف الماشية، وإنتاج الوقود الحيوي. وتهدف التطورات الحديثة في مجال الهندسة الوراثية إلى تعزيز كفاءة الذرة الرفيعة في استخدام المغذيات، وخاصة النيتروجين، لتقليل الاعتماد على الأسمدة الصناعية. يستكشف هذا المقال التطور التاريخي، والإنتاج العالمي، والتطبيقات، والخطوات المبتكرة في هندسة الذرة الرفيعة لتعزيز الزراعة المستدامة.

الصورة بواسطة Breno Cardoso على pexels

هواء طلق وحقل ذرة

1. التطور التاريخي للذرة الرفيعة.

يعود تاريخ تدجين الذرة الرفيعة إلى أكثر من 8000 عام في الربع الشمالي الشرقي من أفريقيا، وخاصة في المناطق التي تُعرف الآن بالسودان وإثيوبيا. من أصولها الأفريقية، انتشرت الذرة الرفيعة إلى آسيا والأمريكتين، مُتكيّفة مع مختلف الظروف البيئية. في القرن العشرين، شهد إنتاج الذرة الرفيعة تطورات كبيرة، لا سيما على يد عالمة الزراعة الهندية نيلامراجو غانغا براسادا راو (Neelamraju Ganga Prasada Rao)، التي طورت أصنافاً هجينة عالية الغلة مثل CSH-1وCSH-2 وCSH-9. حسّنت هذه الأصناف الهجينة بشكل كبير من إنتاجية الذرة الرفيعة في المناطق القاحلة في الهند وغرب إفريقيا، مما عزّز الأمن الغذائي ودعم تطوير صناعة البذور الهجينة في الهند.

ADVERTISEMENT
الصورة بواسطة Anudeep على unsplash

حقل ذرة

2. الإنتاج العالمي للذرة الرفيعة وتوزيعه.

اعتباراً من عام 2021، بلغ إنتاج الذرة الرفيعة العالمي حوالي 61 مليون طن. تصدرت الولايات المتحدة الإنتاج بـ 11,4 مليون طن، تليها نيجيريا (4,8 مليون طن)، والهند (4.4 مليون طن)، والمكسيك (4,4 مليون طن)، وإثيوبيا (3,3 مليون طن). يُزرع هذا المحصول في أكثر من 110 دولة، ويُنتج إنتاجاً كبيراً في أفريقيا (46% من الإنتاج العالمي) والأمريكيتين (35%). تزدهر الذرة الرفيعة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، مما يجعلها غذاءً أساسياً في المناطق ذات الأمطار المحدودة.

3. استخدامات الذرة الرفيعة وتطبيقاتها.

تمتد استخدامات الذرة الرفيعة في قطاعات مختلفة:

الاستهلاك البشري: في العديد من الدول الأفريقية والآسيوية، تُعدّ الذرة الرفيعة غذاءً أساسياً، وتُستخدم في العصيدة والخبز المسطح والمشروبات. وقد زادت طبيعتها الخالية من الغلوتين من شعبيتها في الأسواق التي تُولي اهتماماً كبيراً بالصحة.

ADVERTISEMENT
الصورة بواسطة SKG Photography على pexels

خبز الذرة

علف الحيوانات: في الدول المتقدمة، تُستخدم الذرة الرفيعة بشكل أساسي كعلف للماشية نظراً لمحتواها العالي من الطاقة.

الاستخدامات الصناعية: تُستخدم الذرة الرفيعة في إنتاج الإيثانول، وخاصةً في الولايات المتحدة، حيث يُساهم ما يقرب من 40% من الذرة الرفيعة المُنتجة محلياً في إنتاج الوقود الحيوي. بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم أصناف الذرة الرفيعة الحلوة لإنتاج الشراب والمشروبات الكحولية.

تطبيقات أخرى: تُستخدم سيقان الذرة الرفيعة في صنع المكانس، والأسوار، وكوقود في مناطق مختلفة.

4. هندسة الذرة الرفيعة: المفاهيم والفلسفة.

تُركِّز هندسة الذرة الرفيعة على تحسين كفاءة استخدام النيتروجين (Nitrogen Utilization efficiency NUE) لتقليل الاعتماد على الأسمدة الصناعية. تُساهم الأسمدة النيتروجينية، مع أنها تُعزز غلة المحاصيل، في حل المشكلات البيئية مثل تلوث المياه وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري. من خلال تحسين قدرة الذرة الرفيعة على استخدام النيتروجين بكفاءة أكبر، يهدف العلماء إلى الحفاظ على غلة عالية مع تخفيف الآثار البيئية.

ADVERTISEMENT

استثمرت وكالة مشاريع البحوث المتقدمة للطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأمريكية (Advanced Research Projects Agency-Energy ARPA-E) 38مليون دولار في مشاريع تهدف إلى تطوير محاصيل ذات كفاءة استخدام نيتروجينية مُحسّنة. يتضمن أحد هذه المشاريع تعاوناً بين مركز دونالد دانفورث (Donald Danforth) لعلوم النبات وجامعة تكساس إيه آند إم (Texas A&M) لتطوير هجين من الذرة الرفيعة ذات خصائص موفرة للنيتروجين. تَستخدم هذه المبادرة التنوع الجيني لأقارب الذرة الرفيعة البرية لتحسين المرونة والإنتاجية.

5. نتائج هندسة الذرة الرفيعة.

أظهرت النتائج الأولية للجهود الهندسية نتائج واعدة في تطوير أصناف من الذرة الرفيعة ذات كفاءة استخدام نيتروجينية مُحسّنة. من خلال دمج الجينات المرتبطة بكفاءة امتصاص النيتروجين واستيعابها، تُظهر سلالات الذرة الرفيعة المُهندسة هذه نمواً وإنتاجية مُحسّنة في ظل ظروف استخدام سماد نيتروجين مُنخفض. تشير هذه التطورات إلى إمكانية تحقيق انخفاض كبير في استخدام الأسمدة دون المساس بالإنتاجية.

ADVERTISEMENT

6. آثار هندسة الذرة الرفيعة وتداعياتها.

لتطوير ذرة رفيعة موفرة للنيتروجين آثار بعيدة المدى:

•  الفوائد البيئية: يُقلِّل تخفيض استخدام الأسمدة من انتقال النيتروجين إلى المسطحات المائية، مما يُخفِّف من ظاهرة التخثث (eutrophication)، ويحافظ على النظم البيئية المائية. كما يُؤدي تقليل استخدام الأسمدة إلى انخفاض انبعاثات أكسيد النيتروز، وهو غاز دفيئة قوي.

المزايا الاقتصادية: يستفيد المزارعون من انخفاض تكاليف المُدخلات المرتبطة بشراء الأسمدة واستخدامها. وهذا مفيد بشكل خاص لصغار المزارعين في البلدان النامية، حيث قد تكون تكاليف الأسمدة باهظة.

الاستدامة الزراعية: يُسهم تحسين كفاءة استخدام الأسمدة في ممارسات الزراعة المستدامة من خلال الحفاظ على صحة التربة وتقليل الاعتماد على المُدخلات الكيميائية.

7. العلاقة بين الذرة الرفيعة المُهندسة واستخدام الأسمدة.

ADVERTISEMENT

تُؤثر أصناف الذرة الرفيعة المُهندسة ذات الكفاءة في استخدام الأسمدة المُحسّنة بشكل مباشر على استخدام الأسمدة. من خلال تحسين الآليات الداخلية للنبات لامتصاص النيتروجين واستيعابه، تتطلب هذه الأصناف مُدخلات نيتروجين خارجية أقل لتحقيق النمو الأمثل. وتؤكد هذه العلاقة على إمكانات الهندسة الوراثية في تقليل الاعتماد الزراعي على الأسمدة الصناعية، مما يًخفِّف من الإنتاج العالمي للأسمدة، وبالتالي، من مساهمتها في التلوث البيئي.

8. تأثير الذرة الرفيعة المُهندسة على الزراعة.

يمكن أن يؤدي دمج الذرة الرفيعة عالية الكفاءة في استخدام النيتروجين في النظم الزراعية إلى:

تحسين إنتاجية المحاصيل: يسمح تحسين كفاءة استخدام النيتروجين باستدامة الغلات أو زيادتها حتى في ظل أنظمة الأسمدة المنخفضة.

الحفاظ على الموارد: يُحافظ انخفاض متطلبات الأسمدة على الموارد الطبيعية المُستخدمة في إنتاج الأسمدة وتوزيعها.

ADVERTISEMENT

التكيف مع تغير المناخ: قدرة الذرة الرفيعة على تحمل الجفاف، إلى جانب تحسين كفاءة استخدام النيتروجين، تجعلها محصولاً مرناً في مواجهة تقلبات المناخ.

9. الآفاق المستقبلية للذرة الرفيعة المُهندسة.

يكمن مستقبل الذرة الرفيعة المُهندسة في مواصلة البحث والتطوير لتعزيز كفاءة استخدام النيتروجين وغيرها من الصفات المرغوبة. تُوفِّر التطورات في تقنيات تحرير الجينوم، مثل CRISPR-Cas9، أدوات دقيقة للتحسينات الجينية. بالإضافة إلى ذلك، يُمكن لدمج الذرة الرفيعة المُهندَسة في أنظمة تناوب المحاصيل أن يُعزِّز فوائدها في مختلف البيئات الزراعية. ومع تزايد الطلب العالمي على الغذاء وتفاقم المخاوف البيئية، تُقدم الذرة الرفيعة المُهندَسة حلاً مستداماً لمواجهة هذه التحديات. وتؤكد هذه النتائج على أهمية البحث العلمي الزراعي في زيادة الإنتاجية، وتخفيض التكاليف، والمُحافظة على البيئة.

ADVERTISEMENT

الخلاصة.

تُمثل هندسة الذرة الرفيعة لتحسين كفاءة استخدام النيتروجين خطوةً هامةً نحو الزراعة المستدامة. ومن خلال تقليل الاعتماد على الأسمدة الاصطناعية، تُقدِّم هذه التطورات فوائد بيئية واقتصادية وزراعية. ومع تقدم الأبحاث، تُبشّر الذرة الرفيعة المُهندَسة بالمساهمة في الأمن الغذائي العالمي مع الحفاظ على السلامة البيئية.

toTop