ما هو سر الخطوط الداكنة على المريخ؟

لطالما أثار المريخ اهتمام العلماء لوجود مؤشرات على ماضٍ ربما كان صالحًا للعيش، ولما يظهر عليه من ملامح جيولوجية غير مألوفة، أبرزها خطوط منحدرة تتكرر ظهورها (RSL) تبدو على الجدران الزلقة في المواسم الدافئة وتخفت في الباردة. رصدها مسبار MRO التابع لناسا عام 2011، وظنّ الفريق الأول أنها تيارات ماء سائل، خاصة بعد العثور على أملاح مائية قادرة على خفض درجة تجمد الماء بالقرب منها.

لكن تحليل صور عالية الدقة من المسبار كشف أن الخطوط تتشكل فوق تربة ناعمة لا تحوي جليدًا، فطرح الباحثون تفسيرات بديلة، منها انزلاق حبيبات رملية جافة تتصرف مثل السائل تحت ضغط الجو المريخي. أيدت نماذج الحاسوب وتجارب المختبر هذا الطرح، إذ أظهرت أن الرمال تنزلق بفعل الجاذبية المنخفضة والتقلبات الحرارية وتنتج خطوطًا مماثلة دون الحاجة إلى ماء سائل. تُظهر النتائج أن المريخ أكثر جفافًا مما افترضه العلماء، فتنخفض احتمالات توفر الماء السائل اليوم.

تكمن أهمية فهم الظاهرة في صلتها المباشرة باحتمال وجود حياة على المريخ وتأثيرها في اختيار مواقع البعثات المقبلة. إذا كانت الخطوط ناتجة عن ماء، فقد توفر بيئة ملائمة للكائنات الدقيقة وتصبح هدفًا رئيسيًا في البحث عن الحياة. أما إذا كانت مجرد حركة رمل جافة، فتُبرز مدى التحول المناخي الذي أصاب الكوكب حين تحول من بيئة يُرجّح أنها كانت صالحة للسكن إلى صحراء باردة قاحلة.

تعتمد الخطط المستقبلية لدراسة المريخ على إرسال بعثات مباشرة إلى مواقع الخطوط، مجهزة بأدوات دقيقة لتحليل التربة والكيمياء السطحية والتغيرات البيئية الصغيرة. سواء تكونت الخطوط بفعل ماء أو بفعل عمليات جيولوجية جافة، تبقى مفتاحًا لفهم تاريخ المريخ ومناخه، وتظل محور اهتمام البحث في سياق التقصي عن إمكانية الحياة على الكوكب الأحمر.