في منطقة جازان، في قلب المنطقة الجنوبية الغربية من المملكة العربية السعودية، تقف دار الحرفيين في جازان كمنارة للحفاظ على الثقافة والابتكار. تأسست هذه الدار بمبادرة في عام 2025، وتهدف إلى إحياء الحرف اليدوية التقليدية التي واجهت تدهوراً، بل تكاد تنقرض، بسبب التقدم التكنولوجي الحديث، ما يساهم في الحفاظ على الثروة الثقافية للمنطقة، ويضمن استمرار ازدهار التراث السعودي الغني للأجيال القادمة. وتتماشى هذه المبادرة مع هدف هيئة التراث المتمثل في تطوير مهارات الحرفيين السعوديين وإبراز الجوانب الجمالية والأصالة المتأصلة في الحرف اليدوية السعودية من خلال التدريب. نستعرض في هذه المقالة، هذه المبادرة الهامة، وتأثيرها، وبعض المبادرات المماثلة التي أطلقتها المملكة في السنوات الأخيرة.
عرض النقاط الرئيسية
قراءة مقترحة
خريطة منطقة جازان على البحر الأحمر
يتزامن إطلاق دار الحرفيين مع إعلان المملكة العربية السعودية عام 2025 ”عام الحرف اليدوية“، وهي حملة وطنية تقودها وزارة الثقافة للاحتفاء بالتقاليد الحرفية المتنوعة للمملكة والحفاظ عليها. تؤكد هذه المبادرة على أهمية الحرف اليدوية كعنصر حيوي في الهوية السعودية والتراث الثقافي، وتعزز مهارات وقصص الحرفيين في جميع أنحاء البلاد.
تتمثل جوهر مهمة دار الحرفيين في برنامج مدته عام كامل يشارك فيه 30 حرفيًا محليًا في دراسة وممارسة ثلاث حرف تقليدية: صناعة القاعد، ونسج الطقية، والحرف المصنوعة من الصدف. تحت إشراف مدربين متخصصين، يتعمق المشاركون في التقنيات التقليدية بينما يستكشفون التصاميم المعاصرة لإعادة التواصل مع التراث الإقليمي، وضمان بقاء هذه الحرف ذات صلة بالسوق الحالية.
كانت حرفة صناعة القاعد ضرورية في الماضي لصنع الأسرّة والكراسي في المنازل التقليدية في جازان، وهي تتضمن ربط سعف النخيل بطريقة معقدة. يهدف البرنامج إلى إحياء هذه الحرفة من خلال تعليم الحرفيين الأساليب التقليدية، ومساعدتهم في ابتكار تصاميم تجارية معاصرة، وتشجيع التطبيقات المبتكرة المناسبة للديكورات الداخلية الحديثة.
تركز هذه الحرفة على صناعة القبعات التقليدية المحبوكة، المعروفة باسم الطقية، باستخدام خيوط بيضاء. يتعلم الحرفيون تقنيات التطريز الدقيقة اللازمة لإنتاج هذه القطع ذات الأهمية الثقافية.
الطقية المحبوكة
مستوحاة من تراث جازان الساحلي، يصنع الحرفيون أساور وقلائد وزخارف وحقائب ومنحوتات باستخدام الصدف، مازجين بين الموضوعات البحرية والتعبير الفني.
بالإضافة إلى الحفاظ على الحرف التقليدية، تعمل دار الحرفيين كمركز للتعليم والتبادل الثقافي. من خلال توفير التدريب العملي والإرشاد، تمكّن المبادرة الشباب المحلي من احتضان تراثهم وتطوير المهارات التي يمكن أن تؤدي إلى سبل عيش مستدامة. يضمن هذا التركيز على التعليم نقل المعرفة إلى الأجيال القادمة، ما يعزز الشعور بالفخر والاستمرارية داخل المجتمع.
تتوافق جهود دار الحرفيين مع الأهداف الوطنية الأوسع نطاقًا، لا سيما تلك الموضحة في رؤية المملكة العربية السعودية 2030. من خلال رعاية الحرف التقليدية ودعم الحرفيين، تساهم المبادرة في تنويع الاقتصاد وتعزيز السياحة الثقافية. علاوة على ذلك، تتوافق مع أهداف لجنة التراث، التي تسعى إلى تطوير مهارات الحرفيين السعوديين وإبراز جمال وأصالة الحرف اليدوية السعودية من خلال التدريب.
يعد نجاح دار الحرفيين في جازان نموذجًا لمبادرات مماثلة في جميع أنحاء المملكة. من خلال الجمع بين المعرفة التقليدية والأساليب المعاصرة، يوضح البرنامج كيف يمكن الحفاظ على التراث الثقافي وتكييفه مع السياقات الحديثة. يضمن هذا التوازن بين الحفاظ على التراث والابتكار استمرار ازدهار التقاليد الحرفية الغنية في المملكة العربية السعودية في السنوات القادمة.
أحد شواطئ جازان
في الحقيقة، أطلقت المملكة العربية السعودية عدة مبادرات للحفاظ على تراثها الثقافي الغني وتعزيزه، مع التركيز بشكل خاص على الحرف التقليدية. تشمل هذه المبادرات معارض وورش عمل وبرامج تعليمية لدعم الحرفيين ودمج الحرف التقليدية في الحياة المعاصرة. الهدف هو توثيق هذه الحرف والحفاظ عليها، وضمان إرثها للأجيال القادمة.
أطلقت الهيئة الملكية للعلا حملة ”أنا أهتم“ التي تركز على الحفاظ على التراث. يهدف هذا المشروع إلى تعزيز حماية الأصول الثقافية المادية وغير المادية للمملكة العربية السعودية، وتسليط الضوء على أهمية الحفاظ على التراث في تحسين جودة حياة المجتمع.
تم إطلاق برنامج تطوير جدة التاريخية للحفاظ على منطقة البلدة التاريخية في جدة، وهي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، وإعادة إحيائها. يركز البرنامج على ترميم المباني التاريخية، وتحسين البنية التحتية، وتعزيز السياحة والأنشطة الثقافية في المنطقة.
تعاونت المملكة العربية السعودية مع اليونسكو لإطلاق مشاريع تهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي. في عام 2023، تم إطلاق خمسة مشاريع جديدة، مع توفير أكثر من 10 ملايين دولار أمريكي على مدى ثلاث سنوات لدعم الحفاظ على التراث الثقافي، بما في ذلك الحفاظ على تقنيات البناء التقليدية وتعزيز الاقتصادات الإبداعية.
تشارك مؤسسة الوليد للإنسانية بنشاط في تعزيز الحرف اليدوية والحفاظ على التراث الثقافي. في عام 2025، احتفلت المؤسسة بـ ”عام الحرفيين“، مؤكدة على أهمية الحفاظ على التقاليد الفريدة ودعم الحرفيين لضمان بقاء الممارسات الثقافية الغنية جزءًا حيويًا من الهوية السعودية.
تُجسد دار الحرفيين في جازان قوة المبادرات المجتمعية في الحفاظ على التراث الثقافي وإحيائه. من خلال برامج التدريب المخصصة، ودعم الحرفيين، والتوافق مع الأهداف الثقافية الوطنية، لا تحافظ المبادرة على الحرف التقليدية فحسب، بل تمكّن الأفراد وتقوي الهوية المجتمعية. مع استمرار المملكة العربية السعودية في احتضان تراثها الثقافي، يقف بيت الحرفيين شاهدًا على القيمة الدائمة للتقاليد في عالم سريع التغير.
بابل... الإمبراطورية المحفورة في ذاكرة التاريخ
7أسرار للتمتع بالسفر وحيدا
ما هو منشأ الطعام العربي؟
غورمه سبزي، الطبق الوطني لإيران: الوصفة والتقاليد والأصناف
ازدحام جوي: تزايد حركة إطلاق الصواريخ في منصات إطلاق الصواريخ الأمريكية
روعة سواحل مدينة سوسة في تونس
لغز هرم أبو صير الغير مكتمل
اللحم المفروم: 6وصفات من المطبخ العربي
جمال الطبيعة والتاريخ في مدينة كركوك العراقية
وظائف أونلاين بـ 40 دولارًا في الساعة يمكنك الحصول عليها خلال أسبوع