معدلات المواليد تنخفض بشكل كبير في البلدان النامية. لماذا؟

ADVERTISEMENT

منذ خمسينيات القرن العشرين، انخفضت معدلات المواليد بشكل حاد في العالم النامي، وهي الدول المعروفة أيضا باسم البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وفي حين كانت النساء في العديد من أجزاء آسية وإفريقية وأميركة اللاتينية تنجب في المتوسط ستة أو سبعة أطفال في الماضي، أصبحن الآن ينجبن أقل من ثلاثة، في المتوسط. تحلل دراسة حديثة نشرت في مجلة Population and Development Review تفسيرين متنافسين طال الجدل بشأنهما، وتجد أن أيا منهما ليس دقيقًا تمامًا. وفهم جذور هذا الانخفاض قد يكون له آثار كبيرة محتملة على السياسات والبرامج المتعلقة بتنظيم الأسرة. تبين هذه المقالة نتائج هذه الدراسة، والأسباب التي تدفع إلى انخفاض كبير في معدلات المواليد في البلدان النامية.

التفسيران:

الصورة عبر Christian Bowen على unsplash
الصورة عبر Christian Bowen على unsplash

يشير أحد التفسيرَين إلى "الطلب"، ما يوحي بأن التغيرات في الخصوبة تنشأ عن تغيير التفضيلات حول الإنجاب. ويشير التفسير الآخر إلى "التنفيذ"، أو قدرة النساء على التصرف وفقًا لتفضيلاتهن. وفي سياق الخصوبة، هذا يعني أن النساء لديهن القدرة على الوصول إلى المعلومات والأدوات، بما في ذلك وسائل منع الحمل، للتحكم في عدد الأطفال الذين ينجبنهنّ ومتى ينجبنهنّ. يقول جون بونغارتس، مؤلف الدراسة وخبير السكان في مجلس السكان، ـوهي منظمة بحثية مقرها مدينة نيويورك الأميركيّة: "لا يمكن تبنّي أي من الموقفين؛ فكلاهما مخطئ، والحقيقة تكمن في المنتصف". لقد فحص بونغارتس ثماني دراسات سابقة لتقييم مساهمة كلّ من "الطلب" و"التنفيذ" في معدل الخصوبة أو استخدام وسائل منع الحمل. كما نظر إلى بنوك بيانات الأمم المتحدة للحصول على تقديرات لمعدل الخصوبة على مستوى الدولة واستخدام وسائل منع الحمل، فضلاً عن المسوحات السكّانية التي قيّمت كمية الخصوبة المطلوبة وغير المرغوب فيها. يقول بونغارتس إن خبراء الاقتصاد كانوا يميلون تقليديًا إلى تفسير "الطلب". على سبيل المثال، وجدت دراسة أساسية في تسعينيات القرن الماضي أن كمية الخصوبة غير المرغوب فيها كانت ثابتة نسبيًا بين البلدان ذات المستويات المختلفة من الخصوبة المطلوبة. والنتيجة الواضحة هي أن التغيرات في الخصوبة المطلوبة، أو الطلب، كانت وحدها السبب في حدوث تغييرات في الخصوبة. ولكن دراسات لاحقة اقترحت تحذيرات، إذ وجدت أن الطلب المتغير كان مسؤولاً فقط عن 53-74٪ من التغييرات في اتجاهات الإنجاب.

ADVERTISEMENT

من ناحية أخرى، بحسب دراسة بونغارتس، زعم خبراء السكّان أن وصول النساء إلى أفكار تنظيم الأسرة ووسائل منع الحمل كان وحده السبب في تغيير معدلات الخصوبة، وأن هؤلاء الخبراء تجاهلوا دور التفضيلات المتغيرة، وهو العامل الذي قد يدفع النساء إلى استخدام موارد تنظيم الأسرة، مثل وسائل منع الحمل.

عوامل أخرى:

الصورة عبر SeppH على pixabay
الصورة عبر SeppH على pixabay

يقول ماهيش كارا، الخبير الاقتصادي في جامعة بوسطن في ماساتشوستس، والذي لم يكن جزءًا من الدراسة، إن هذه الورقة "تثير نقطة ضرورية وواضحة". ويقول إن التفضيلات حول إنجاب الأطفال هو مشكلة أمثَلة بين الرغبات المثالية وما هو ممكن. ويأخذ ذلك في الاعتبار جانبي الطلب والتنفيذ وكيفية تفاعلهما. ويقول: "لا يمكنك الحصول على أحدهما بدون الآخر". على سبيل المثال، يمكن لافتقار النساء إلى الوصول إلى المعلومات أن يؤثر على الطلب المبلّغ عنه في الدراسة. وهذا يعني أن حقيقة أن خدمات منع الحمل أو تنظيم الأسرة قد تكون غير قابلة للتحقيق – إمّا لأنه لا توجد عيادة قريبة أو لأن تنظيم الأسرة قد يكون مكلفًا للغاية – ومن ثمّ، قد تؤثر على تفضيلات النساء المعلنة، كما يقول كارا. وقد تؤدي القضايا المصطلحية في هذا المجال أيضًا إلى تعقيد المناقشات وإبطاء التقدم. فالأساليب تغيرت بمرور الوقت. ويضيف: "إن مجال تنظيم الأسرة ككل يعاني من مشكلة حقيقية في تعريف المصطلحات". فاستخدام المصطلحات التي تبدو وكأنها مترادفات ولكنها قد تشير إلى أفكار مختلفة - مثل الرغبة والنية والتفضيل والرغبة - يمكن أن يؤثر على القياسات. كما أن البيانات عالية الجودة حول تفضيلات وسائل منع الحمل والخصوبة غير متوفرة أيضًا. يقول كارا: "بياناتنا سيئة للغاية لدرجة أنه من الصعب جدًا علينا اقتراح أي شيء حقًا". على سبيل المثال، تطرح بعض الاستطلاعات أسئلة افتراضية لفهم تفضيلات النساء في الإنجاب؛ وقد لا تثير هذه الأسئلة استجابات واقعية أو ذات مغزى. بالإضافة إلى ذلك، وجدت الدراسات أن تفضيلات الإنجاب تتغير مع الزمن، ما يجعل من الصعب فهم التفضيلات وما يسببها.

ADVERTISEMENT

أهمية الدراسة:

الصورة عبر Seth Doyle على unsplash
الصورة عبر Seth Doyle على unsplash

إن قيمة هذه الدراسة تكمن في وضع المنظورين جنباً إلى جنب. والبحث في هذا المجال قد يستفيد من استعارة البيانات والأساليب من المنظورين. وفي حين تميل الدراسات إلى تبني وجهة نظر سكانية لتفضيلات الخصوبة، فإن وجهات النظر الفردية ـــــ على سبيل المثال، تلك التي اكتُسبت من خلال متابعة النساء أو الأزواج عبر الزمن ـــــ قد تساعد الباحثين على فهم الاتجاهات الإجمالية. وقد تقدم الدراسات التي تختبر العوامل السببية أدلة رئيسية حول كيفية تأثير العوامل المختلفة في تفضيلات الخصوبة.

الخاتمة:

الصورة عبر kelin على pixabay
الصورة عبر kelin على pixabay

وعلى الرغم من التحديات، فإن الآثار المترتبة على السياسات قد تبرر المزيد من البحث. ففي بعض بلدان إفريقية جنوب الصحراء الكبرى التي تأخرت في خفض الخصوبة، على سبيل المثال، غالباً ما يفضل صناع السياسات حجة جانب الطلب، ما يدفع هذه البلدان إلى الابتعاد عن الاستثمارات في برامج تنظيم الأسرة، كما يقول بونغارتس. وفي الوقت نفسه، شهدت بلدان مثل ملاوي ورواندا التي استثمرت في برامج تنظيم الأسرة انخفاضات في معدلات المواليد. والعواقب الاجتماعية كبيرة. يقول بونغارتس: "إذا انخفضت الخصوبة، فإن عدد الأطفال المعالين تحت سن 15 عامًا ينخفض، وترتفع أعداد القوى العاملة نسبة إلى أعداد الأطفال، ويصبح لديك المزيد من العمال لدفع الاقتصاد". ويضيف أن البلدان التي تخفض الخصوبة تصبح أكثر قدرة على مواكبة احتياجات التمويل للمدارس والرعاية الصحية والبنية الأساسية. "يجب أن تكون برامج تنظيم الأسرة أداة أساسية في صندوق أدوات هذه الحكومات".

ADVERTISEMENT
  • الحيوانات
  • إدارة وأعمال
  • الثقافة
  • الطعام
  • أسلوب الحياة
  • علوم
  • تقينة
  • الرحلات والسفر
    ADVERTISEMENT

    علوم

      المزيد من المقالات