ADVERTISEMENT

الفوتونات هي الجسيمات الأساسية للضوء، تحمل الطاقة وكمية الحركة (الزخم) دون أن يكون لها كتلة سكونية. لعقود من الزمن، كان يُعتقد أنها جسيمات نقطية، أي بدون أبعاد، موصّفة بوظائف موجية كمية تحدد احتمال وجودها في مواقع محددة. وظل "الشكل" الدقيق لفوتون واحد - كيف يوجد مكانيًا وزمانيًا - بعيد المنال بسبب الطبيعة المعقدة لتفاعلات الضوء والمادة على المستوى الكمومي. نستكشف في هذه المقالة بعض الجوانب المحيطة بهذا الموضوع، ونقدّم دراسة حديثة أُجريت مؤخرًا.

ماذا يعني "شكل الفوتون"؟

صورة من wikimedia
صورة من wikimedia

عندما يشير العلماء إلى "شكل" الفوتون، فإنهم يصفون لاحته المكانية والزمانية، بمعنى كيف يشغل الفضاء ويتطور بمرور الزمن. هذا الشكل ليس حدودًا فيزيائية، مثل حجم الجسيم، ولكنه توزيع احتمالي للمكان الذي من المرجح أن يتم اكتشاف الفوتون فيه وكيف يتفاعل مع المادة. وبعبارة أبسط، الشكل المكاني يعني كيف يتم توزيع الفوتون عبر الفضاء، والشكل الزماني يعني كيف تتغير خصائص الفوتون، مثل الطاقة أو السعة، بمرور الزمن.

ADVERTISEMENT

نظرية اختراقية:

صورة من wikimedia
صورة من wikimedia

مكنت نظرية جديدة تشرح كيف يتفاعل الضوء والمادة على المستوى الكمومي، الباحثين من تحديد الشكل الدقيق لفوتون واحد لأول مرة. في هذا البحث الذي أُجري في جامعة برمنغهام الإنكليزية، ونُشر في مجلة Physical Review Lettersالمرموقة، دُرست طبيعة الفوتونات باستخدام الديناميكا الكهربائية الكمومية (QED). وأعطت النتائج تفاصيل غير مسبوقة لإظهار كيفية إصدارها من الذرات أو الجزيئات، وتشكلها من خلال بيئتها. إن طبيعة هذا التفاعل تؤدي إلى احتمالات لا حصر لها لوجود الضوء وانتشاره أو انتقاله عبر البيئة المحيطة به. ومع ذلك، فإن هذه الإمكانية غير المحدودة تجعل التآثرات صعبة النمذجة بشكل استثنائي، وهي تحدٍ كان علماء الفيزياء الكمومية يعملون على معالجته لعدة عقود. من خلال تجميع هذه الاحتمالات في مجموعات مميزة، تمكن فريق برمنغهام البحثي من إنتاج نموذج يصف ليس فقط التآثرات بين الفوتون والمُصدر، ولكن أيضًا كيف تنتقل الطاقة من هذا التآثر إلى "الحقل البعيد". وفي الوقت نفسه، تمكنوا من استخدام حساباتهم لإنتاج تصور للفوتون نفسه.

ADVERTISEMENT

اكتشف الباحثون في الدراسة كيف يشكّل إصدار الفوتون لاحته الشخصية، فعندما يُصدَر فوتون من ذرة أو جزيء، تلعب عملية الإصدار المحددة - مثل الفلورة أو الإصدار التلقائي - دورًا في تحديد شكله. كما اكتشفوا كيف تعدّل البيئة الفوتونات، إذ يمكن للتآثرات مع الحقول الكهرومغناطيسية أو المواد القريبة أن تشوّه الخصائص المكانية والزمانية للفوتون. ومن خلال تطوير أدوات رياضية لحساب هذه الديناميكيات، تصف النظرية الفوتون ليس كجسيم مجرد، ولكن ككيان ملموس له شكل قابل للقياس.

النتائج الرئيسية:

لاحة الإصدار: يعتمد شكل الفوتون على التحولات الكمومية في الذرة أو الجزيء المصدِر. على سبيل المثال، تُظهر الفوتونات الصادرة أثناء الفلورة أنماطًا مميزة تشبه الموجة.

اللاتناظر الزمني: لا تكون الفوتونات متناظرة دائمًا؛ فقد تُظهر أشكالًا غير متناظرة حيث يكون ارتفاع وتناقص سعتها غير متساوٍ.

ADVERTISEMENT

التماسك الكمومي: يعكس الشكل خصائص التماسك للفوتون - وهو أمر ضروري للتطبيقات في الحوسبة الكمومية والاتصالات.

الأدلة التجريبية:

صورة من wikimedia
صورة من wikimedia

باستخدام تقنيات بصرية فائقة الدقة، تمكن العلماء من تصور شكل فوتون واحد. تضمن التجارب المجراة:

تداخل الفوتونات: ملاحظة الأنماط التي تنشأ عندما يتفاعل الفوتون مع جسيمات أخرى.

أجهزة الكشف عن الفوتون الواحد: يمكن لأجهزة الكشف المتقدمة رسم خريطة لوقت وصول الفوتون والتوزيع المكاني.

التصوير المقطعي الكمومي: تقنية تستخدم لإعادة بناء الحالة الكمومية الكاملة للفوتون، بما في ذلك شكله المكاني والزماني.

تؤكد هذه التجارب أن الفوتونات تظهر أنماطًا مميزة تختلف بناءً على مصدرها والبيئة.

أهمية البحث:

صورة من pixabay
صورة من pixabay

يعد هذا العمل مهمًا لأنه يفتح آفاقًا جديدة للبحث لعلماء الفيزياء الكمومية وعلم المواد. من خلال القدرة على تحديد كيفية تفاعل الفوتون بدقة مع المادة ومع عناصر أخرى من بيئته، يمكن للعلماء تصميم تقنيات نانوفوتونية جديدة يمكن أن تغير الطريقة التي نتواصل بها بأمان، أو نكتشف مسببات الأمراض، أو نتحكم في التفاعلات الكيميائية على المستوى الجزيئي على سبيل المثال.

ADVERTISEMENT

يوضّح المؤلف الأول للدراسة، الدكتور بنيامين يوين، من كلية الفيزياء بالجامعة: "يساعدنا هذا العمل على زيادة فهمنا لتبادل الطاقة بين الضوء والمادة، وثانيًا، فهم أفضل لكيفية إشعاع الضوء إلى محيطه القريب والبعيد. كان الكثير من هذه المعلومات يُنظر إليها في السابق على أنها مجرد "ضوضاء" - ولكن هناك الكثير من المعلومات داخلها والتي يمكننا الآن فهمها والاستفادة منها. من خلال فهم هذا، نضع الأسس اللازمة للتمكن من هندسة تفاعلات الضوء والمادة للتطبيقات المستقبلية، مثل أجهزة الاستشعار الأفضل، أو خلايا الطاقة الكهروضوئية المحسنة، أو الحوسبة الكمومية".

إن اكتشاف شكل الفوتون له آثار عميقة في العديد من المجالات؛ ففي مجال الحوسبة الكمومية والاتصالات: تعد الفوتونات حاملات مثالية للمعلومات الكمومية نظرًا لسرعتها وتفاعلها المنخفض مع البيئة. إن فهم شكلها يسمح بترميز ومعالجة أفضل للبتات الكمومية (الكيوبتات)، ما يحسن من موثوقية أنظمة الاتصالات الكمومية.

ADVERTISEMENT

من جهة ثانية، في مجال الفوتونيات والإلكترونيات الضوئية: يمكن تحسين التقنيات القائمة على الضوء، مثل الخلايا الكهروضوئية ومصابيح LED، من خلال تصميم أشكال الفوتونات لتحقيق أقصى قدر من الكفاءة. يمكن أن تستفيد أنظمة التمثيل الضوئي الاصطناعي من الفوتونات ذات الأشكال التي تحاكي نمط طاقة ضوء الشمس بشكل أكثر فعالية.

وأخيرًا، وليس آخرًا، في مجال التطبيقات الطبية والتصويرية: يمكن للفوتونات ذات الأشكال المحددة أن تعزز تقنيات التصوير، مثل المجهر الفائق الدقة أو الكشف عن السرطان، من خلال التفاعل مع الأنسجة بطرق مستهدفة.

يمثل الكشف عن شكل الفوتون علامة فارقة مهمة في الفيزياء الكمومية وعلم المواد. من خلال تجاوز وجهة النظر التقليدية للنقطة والجسيم، يفتح هذا البحث آفاقًا جديدة للابتكار التقاني وفهم أعمق لتفاعلات الضوء والمادة. تمتد الآثار عبر تخصصات متعددة، من الحوسبة الكمومية إلى حلول الطاقة المستدامة، ما يجعل هذا الاكتشاف حجر الزاوية للتقدم المستقبلي.

ADVERTISEMENT
  • الحيوانات
  • إدارة وأعمال
  • الثقافة
  • الطعام
  • أسلوب الحياة
  • علوم
  • تقينة
  • الرحلات والسفر
    ADVERTISEMENT

    علوم

      المزيد من المقالات