قد تنجو الأرض من زوال الشمس

يستضيف قزم أبيض بعيد كوكبًا يشبه الأرض في مدار قد يكون مشابهًا لمدار الأرض إذا نجا من مرحلة العملاق الأحمر للشمس. عمّ نتكلّم هنا؟ سنرى في هذه المقالة جميع هذه المصطلحات والمصير القاتم الذي ينتظر الأرض، ولكن بعد مليارات السنين من الآن.

عرض النقاط الرئيسية

  • اكتشف علماء الفلك كوكبًا صخريًا شبيهًا بالأرض يدور حول قزم أبيض على بعد حوالي 4300 سنة ضوئية.
  • هذا النظام النجمي المكتشف قد يكون نموذجًا مستقبليًا لما قد يحدث للأرض بعد موت الشمس وتحولها إلى عملاق أحمر ثم قزم أبيض.
  • اكتشاف النظام KMT-2020-BLG-0414L تم بفضل تقنية عدسة الجاذبية من خلال شبكة تلسكوبات كورية متخصصة.
  • تحليل العلماء يُشير إلى أن النجم المضيف هو قزم أبيض خافت، يزن نصف كتلة الشمس تقريبًا، مع كوكب يشبه الأرض يدور على بعد أكبر من بعد الأرض عن الشمس.
  • تُظهر البيانات وجود قزم بني في النظام، يدور بعيدًا عن القزم الأبيض وقد يكون لعب دورًا مدمرًا في تغيير ديناميكيات النظام النجمي.
  • يتوقع الباحثون أنه عند نفاد وقود الشمس ومرورها بمرحلة العملاق الأحمر، قد تبتلع الأرض أو تتحول إلى كوكب محروق لا حياة فيه.
  • من المنتظر أن تقدم التلسكوبات المستقبلية مثل تلسكوب نانسي غريس رومان دلائل أعمق حول هذه الظواهر وتساعد على فهم مصير الأرض المحتمل.

مستقبل الأرض قاتم:

صورة من wikimedia

في أفضل الأحوال، سيتحول كوكبنا إلى رماد محترق مع تمدد الشمس في نهاية حياتها. وفي أسوأ الأحوال، سوف تبتلعه الشمس، ولن يترك أي أثر لوجوده على الإطلاق. وجد علماء الفلك دليلاً على المسار الذي قد تتبعه الأرض في نظام نجمي يبعد حوالي 4300 سنة ضوئية عنّا. هناك، يدور كوكب صخري حول بقايا نجم يشبه الشمس على مسافة مماثلة للمكان الذي قد تتوقف فيه الأرض إذا نجت من نوبة موت نجمنا. وفقًا لدراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature Astronomy، فإن النظام "قد يقدم لمحة عن بقاء كوكب الأرض المحتمل في المستقبل البعيد".

تم اكتشاف النظام KMT-2020-BLG-0414L في عام 2020 بواسطة شبكة تلسكوب كوريا للعدسات الدقيقة، وهي مجموعة من ثلاثة تلسكوبات آلية بقطر 1.6 متر في نصف الكرة الجنوبي. تبحث الشبكة عن أحداث عدسة الجاذبية، تلك التي يمر فيها نجم أو كوكب بين الأرض ونجم آخر في الخلفية؛ حيث تعمل جاذبية الجسم الفاصل كعدسة (ولذلك يُدعى الجسم العدسيّ)، فينحرف ضوء النجم البعيد نحونا، ويبدو أكثر سطوعًا. وتسمح مدّة الحدث وشدّة الضوء وتفاصيل أخرى، إلى جانب نتائج الملاحظات قبل الحدث وبعده، للعلماء بحساب تفاصيل الجسم الفاصل، من جاذبية، وكتلة وغيرها. اقترح التحليل المبكر أن النظام المكتشف (المختصر باسمKB200414 )، يتكوّن من نجم منخفض الكتلة وكوكب له كتلة الأرض وجسم ثالث له كتلة أكبر من كتلة كوكب المشتري بعدّة مرات.

محاذاة محظوظة:

صورة من wikimedia

حاول علماء الفلك الحصول على نظرة أوضح للنظام باستخدام تلسكوب كيك 2 الذي يبلغ قطره 10 أمتار في هاواي، لكن هذه الملاحظات لم تكشف عن النجم الرئيس في نظام العدسات المكتشف. قال كيمينغ جانغ (Keming Zhang)، عالم الفيزياء الفلكية في جامعة كاليفورنيا في مدينة سان دييغو الأميركية، والمؤلف الأول للدراسة: "هذا النظام جزء من عينة أكبر من الكواكب العدسية. وهو النظام الوحيد الذي لم نكتشف سطوع النجم الرئيس المتوقع له". درس جانغ وزملاؤه عدة سيناريوهات يمكن أن تفسر هذا الاكتشاف. وخلصوا إلى أنه بدلاً من أن يكون نجمًا ساطعًا في التسلسل الرئيسي، يجب أن يكون النجم قزمًا أبيض باهتًا يبلغ نصف كتلة الشمس تقريبًا. قال جانغ: "هناك بعض الحظ في الأمر، لأنك تتوقع أن يكون حوالي واحد فقط من كل 10 كواكب عدسية لديها مضيفون من الأقزام البيضاء". وأظهر تحليل الباحثين أيضًا أن الكوكب الصخري الذي يدور حول هذا النجم تبلغ كتلته ضعف كتلة الأرض تقريبًا، ويبعد عن الشمس أكثر من ضعف مسافة الأرض. وهو أول عالم محتمل يشبه الأرض يتم اكتشافه يدور حول قزم أبيض. كما كشفت دراسات أخرى عن أقزام بيضاء تستضيف كواكب عملاقة غازية، إلى جانب شرائط من الأنقاض يُعتقد أنها بقايا كواكب صخرية، لكنها لا تضاهي الأرض.

يبدو أن الجسم الثالث في النظام هو قزم بني، وهو "نجم فاشل" ليس ضخمًا بما يكفي للتألق كنجم حقيقي. تبلغ كتلته حوالي 27 ضعف كتلة كوكب المشتري ويدور حول القزم الأبيض على مسافة حوالي 22 ضعف المسافة بين الأرض والشمس، وفقًا للباحثين، ما يجعله يتجاوز أورانوس بالمقارنة بمجموعتنا الشمسي.

لمحة عن مستقبل الأرض؟

صورة من pixabay

خلال فترة حياة النجم الفاعلة، يندمج الهيدروجين في نواة النجم لتكوين الهيليوم. ولدى نفاد كمية الهيدروجين في النجم، تضعف جاذبية النجم فيتمدد ليصبح عملاقًا أحمر. من المتوقع أن تدخل الشمس، التي يبلغ عمرها 4.6 مليار سنة، هذه المرحلة في غضون 6-7 مليارات سنة، حيث ينتفخ قطرها بما يصل إلى عشرات المرات عن قطرها الحالي. وستظل في مرحلة العملاق الأحمر هذه لمدة مليار سنة، وبعد ذلك ستطرد طبقاتها الخارجية، تاركة فقط قلبها الساخن الكثيف والميت الذي يُدعى قزمًا أبيض، مثل القزم الأبيض الموجود في مركزKB200414 المكتشف. عندما تصبح الشمس عملاقًا أحمر، ستبتلع عطارد والزهرة. ومن المؤكد تقريبًا أن المريخ والكواكب الخارجية ستنجو. ولكن من الصعب التنبؤ بمصير الأرض، بسبب الطبيعة المعقدة لأيام الشمس الأخيرة.

أحد الاحتمالات هو أنه مع فقدان الشمس لكتلتها وضعف جاذبيتها، فإن كوكبنا سوف يهاجر إلى الخارج (على الرغم من أن محيطاته وغلافه الجوي سوف يغليان قبل مليارات السنين). ومع تحولها إلى قزم أبيض، ستفقد الشمس نصف كتلتها، وقد توسّع الأرض، إذا نجت، مدارها إلى ضعف مدارها الحالي. وهذا هو وجه الشبه مع كوكب KB200414 الصخري، ما يشير إلى أنه لقي مصيرًا مماثلاً. إن مجموعتنا الشمسية مستقرة نسبيًا اليوم. ولكن عندما تبدأ الشمس في الموت، فإن كل الرهانات تصبح ممكنة. سيزداد السيناريو تعقيدًا بسبب حركات الكواكب الأخرى للشمس، وخاصة المشتري وزحل، والتي يمكن أن تعمل ككرات عشوائية. هناك العديد من الدراسات حول ما سيحدث ديناميكيًا، وهي ليست جميلة. في حالة  KB200414 المكتشف، كان القزم البني ليحدث "دمارًا مطلقًا" على الكواكب الأخرى في النظام أثناء ابتعاده عن العملاق الأحمر. كان القزم البني ليثير كل أنواع الأشياء الغريبة. ولا يمكن حتى تخيّل ما قد يكون قد فعل بالكوكب. ولهذا السبب ولأسباب أخرى، تُعتبر فرضية جانغ وفريقه عن بنية النظام فرضية حاسمة 100%، ويجب الاستمرار في التمحيص. يقول جانغ إن التلسكوبات الأرضية الضخمة للغاية، والتي من المتوقع أن تدخل الخدمة في وقت مبكر من العقد المقبل، من شأنها أن تكشف عن القزم الأبيض نفسه، ما يسمح لعلماء الفلك بتأكيد سيناريوهاتهم، أو نفيها. مضيفًا أن تلسكوب نانسي جريس رومان الفضائي (Nancy Grace Roman)، التابع لوكالة ناسا، والمقرر إطلاقه في عام 2027، من شأنه أن يكتشف العديد من الأنظمة الكوكبية القزمة البيضاء الأخرى. ويمكن أن توفر هذه الاكتشافات أدلة إضافية على المصير الكئيب للأرض.

أكثر المقالات

toTop