فنانون يتجاوزون حدود التكنولوجيا في برنامج إقامة فنون الإعلام الجديد في الرياض

استضاف مركز الدرعية لفنون المستقبل، وهو مركز الفنون الإعلامية الرائد في المملكة العربية السعودية، مؤخرًا أول برنامج إقامة فنية إعلامية في برنامج "مزرعة"، والذي توج بافتتاح استوديو مفتوح احتفى بالفن التجريبي في التقاء التكنولوجيا والطبيعة والتراث الثقافي. يقع المركز في منطقة الدرعية التاريخية الخصبة، وهي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو على مشارف الرياض، ويعد جزءًا من التحول الثقافي الأوسع نطاقًا في المملكة العربية السعودية في إطار رؤية 2030.

موضوع الإقامة - ”أحلام الرمال عالية الدقة“:

جاءت فكرة تدشين برنامج "مزرعة" للإقامة الفنية للفنانين والباحثين المتمرسين في مجالات الوسائط الرقمية الجديدة، جاءت من أجل التشجيع ودعم الابتكار والتبادل الفكري في التخصصات الفنية المختلفة، حيث أن البرنامج يفتح بابه أمام المشتركين للوصول لاستوديوهات ومختبرات مجهزة بمعايير عالمية.

وقد استقبلت إقامة المزرعة فنانين وباحثين من جميع أنحاء العالم لمدة ثلاثة أشهر (من شباط / فبراير إلى نيسان / أبريل 2025) للتعمق في السياق الثقافي والبيئي للمملكة العربية السعودية. شجع موضوع ”أحلام الرمال عالية الدقة“ المشاركين على استكشاف العلاقات الديناميكية بين المناظر الطبيعية والتكنولوجيا والمجتمع، وغالبًا ما كانوا يستلهمون من المناظر الطبيعية الرملية والمزارع التاريخية في الدرعية. يهدف هذا الموضوع إلى ربط التراث بالمستقبل، وإثارة التأملات حول التفاعل البيئي والتكنولوجي المتطور للبشرية.

الصورة بواسطة Ali Shan على vecteezy

أحد شوارع الدرعية الأثرية

المرافق والدعم:

وفر مركز الدرعية لفنون المستقبل بيئة إبداعية من الدرجة الأولى تلتقي فيها أدوات الإعلام المتطورة مع رمزية الصحراء القديمة: من أحدث الاستوديوهات (استوديوهات التقاط الحركة واستوديوهات التسجيل)، ومختبرات الواقع الافتراضي / الواقع المعزز، وصولاً إلى مرافق التصنيع (طابعات ثلاثية الأبعاد، قاطع ليزر)، بالإضافة إلى مكتبة وأرشيف ومساحات للمحاضرات والعروض، وأماكن إقامة.

يحصل كل مقيم على ميزانية إنتاجية، وتوجيه مخصص، وفرص للتواصل مع الزملاء والخبراء، وينتهي كل ذلك بمعارض أو منشورات أكاديمية.

الصورة بواسطة NAS 238 WMMNO على wikimedia

أحدث الطابعات ثلاثية الأبعاد

الفنانون المشاركون وأعمالهم:

تُوجت الإقامة الفنية بحدث استوديو مفتوح لعرض الأعمال قيد الإنجاز: محاضرات، ومناقشات بين الزملاء، وعروض عملية. ومن بين الفنانين المشاركين:

أروى النعيمي (المملكة العربية السعودية):

تعيش في جدة، وتدير استديو خاصًا بها، وقد اشتُهرت بكونها أول امرأة تصور من داخل المسجد النبوي في المدينة المنورة. جمعت النعيمي عينات رملية من سبع مناطق في المملكة العربية السعودية وفحصتها تحت المجاهر النانوية للكشف عن قوامها الذري. أصبحت هذه الصور أساسًا لأفلام الواقع الافتراضي الغامرة والمنحوتات المطبوعة ثلاثية الأبعاد. كما استخدمت مستشعرات الموجات الشمسية لتحويل ضوء شروق الشمس وغروبها إلى مشاهد صوتية، ما أدى إلى إنشاء تركيبات متعددة الحواس تجمع بين مادية الصحراء والتكنولوجيا المتقدمة.

الدكتور ستانزا (المملكة المتحدة):

الدكتور ستانزا هو فنان مستقل مقيم في لندن، يشتهر بأعماله التي تجمع بين الفن والمستقبل، ولا سيما استكشاف تأثير التكنولوجيا والبيئات الحضرية. وهو معروف باستخدامه المبتكر للوسائط الرقمية وببيئاته السيبرانية، بما في ذلك الفن الرقمي والتركيبات التفاعلية والفن التوليدي،

وقد طور عملين رئيسيين:

”أبناء الزمن“: تركيب قائم على الذكاء الاصطناعي يتفاعل مع الطقس والتلوث والأخبار في الزمن الحقيقي من جميع أنحاء المملكة العربية السعودية.

”مدن الآلات“: يصور الشبكات البيئية والاجتماعية في 90 مدينة سعودية، ويقدم نسيجًا من البيانات الحية التي تعكس إيقاعات الحياة الحضرية.

هارشيت أغراوال (الهند):

فنان هندي يعمل على التقنيات الناشئة، وخاصةً الذكاء الاصطناعي. تتمحور أعماله حول استكشاف جماليات التكنولوجيا في وجودنا ما بعد البشري.

تناول عمل أغراوال الطقوس والأتمتة:

”تأملات آلية“: تفسير آلي لمسبحة الصلاة، تدور بشكل مستقل للتأمل في البيانات البشرية والمناخية.
”حفريات البيانات: التربة الجديدة“: حفارات آلية مصممة لتكتب بالضوء على الأرض، مستحضرة موضوعات النقش البيئي والروحانية التكنولوجية

ريم الناصر (المملكة العربية السعودية):

فنانة سعودية مقيمة في منطقة جازان. تستكشف أعمالها الفنية مفهوم الزمن من خلال وسائل متعددة مثل الصوت والفيديو. تعكس أعمالها تأملات شخصية وتجاربها الخاصة، وتتسم بالتعمق في الجوانب النفسية والعقلانية والغامضة في طبيعة الإنسان.

باستخدام تقنيات العرض بالواقع المعزز والذكاء الاصطناعي، ابتكرت الناصر تجربة سرد قصصي غامرة تتمحور حول زهرة الصحراء ”سمح“، رمز الصمود. يربط عملها بين السرد التقليدي والوعي البيئي المعاصر.

الصورة بواسطة OptimusPrimeBot على wikimedia

الواقع الافتراضي حتى في الفضاء. الصورة من داخل المركبة الفضائية الدولية

أهمية المشروع:

يربط بين التراث والابتكار: يدمج الفن الرقمي المستقبلي في مشهد ثقافي عمره قرون.

مركز متعدد التخصصات: يشجع التبادل بين الفنانين والعلماء والباحثين والتقنيين.

محفز للتأثير الإقليمي: يضخم أصوات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الخطاب العالمي حول فن الوسائط الجديدة ويخلق نظامًا بيئيًا محليًا نابضًا بالحياة.

الرؤية المؤسسية والتأثير الثقافي:

مركز الدرعية لفنون المستقبل هو أول مؤسسة في الشرق الأوسط مخصصة لفنون الوسائط الجديدة، بمساحة تزيد على 6500 مترًا مربعًا تشكل إقامة المزرعة جزءًا من مجموعة أوسع من المبادرات، بما في ذلك برنامج الفنانين الناشئين في مجال الوسائط الجديدة.

لا يقتصر البرنامج على عرض الأعمال الفنية فحسب، بل يهدف إلى تنمية بيئة تعاونية بين الباحثين والتقنيين والقادة الثقافيين، مع دمج التراث الغني للمملكة العربية السعودية في الحوارات العالمية حول مستقبل الفن.

الخاتمة - نحو المستقبل:

كان حدث الاستوديو المفتوح ملتقى للتجريب والحوار الثقافي، حيث أتاح للزوار فرصة الاطلاع المبكر على بعض الأعمال الفنية الأكثر إثارة للاهتمام في المنطقة والتي تعتمد على التكنولوجيا. من الواقع الافتراضي النانوي إلى مسبحة الصلاة الآلية ومناظر المدينة بالذكاء الاصطناعي، يضع برنامج ”مزرعة“ معيارًا جديدًا للفنون متعددة التخصصات في الخليج.

ومع وجود خطط لمعارض عامة ومحاضرات ومنشورات قيد الإعداد، من المتوقع أن يصبح منصة متكررة للابتكار الفني الذي يعكس المستقبل ويطرح الأسئلة حوله ويعيد تشكيله

أكثر المقالات

toTop