مهرجان الضوء في دبي: ليلٌ يضيء المستقبل

في دبي، كل شيء ممكن. وحتى الليل نفسه، لا يُترك للظلام… بل يُضاء ليحكي حكاية الغد.

ما هو مهرجان الضوء في دبي؟

مهرجان الضوء هو فعالية فنية سنوية تُنظم في قلب مدينة دبي، تجمع بين الإبداع البصري والتكنولوجيا الحديثة، حيث تتحول المعالم الشهيرة والمباني إلى شاشات عرض ضخمة تبث رسائل فنية، ثقافية، وترفيهية.

تُعرض خلال المهرجان أعمال فنانين من مختلف دول العالم، تُستخدم فيها تقنيات متقدمة مثل الإسقاط الضوئي (Projection Mapping)، الإضاءة التفاعلية، والذكاء الاصطناعي، ليخلق كل عمل تجربة بصرية ساحرة.

دبي حين تلبس الضوء

في كل عام، تتحول دبي عند الغروب إلى مسرح مفتوح للدهشة، حيث تُضاء أبراجها، شوارعها، ومبانيها التاريخية بألوان ساحرة، في مشهد يأسر القلوب قبل العيون. مهرجان الضوء في دبي لم يعد مجرد فعالية عابرة، بل تجربة حسية فريدة تجذب آلاف الزوار من داخل الدولة وخارجها.

هذه المدينة التي لا تنام قررت أن تجعل من الليل مناسبة للاحتفال، لا للهدوء فقط. فأصبحت الأنوار تُعبر عن الإبداع، والظلال تُرسم كأنها رسائل من المستقبل، والضوء نفسه يتحول إلى لغة فنية لا تحتاج إلى ترجمة.

رحلة بين الضوء والفن

ما يميز مهرجان الضوء هو تنوع عروضه، واستخدامه أحدث تقنيات الإضاءة والإسقاط الضوئي ثلاثي الأبعاد (3D Projection)، على معالم مشهورة مثل برج خليفة، دار الأوبرا، وحتى الجسور القديمة في منطقة "السيف".

العروض لا تقتصر على مجرد تزيين المباني، بل تُحوّلها إلى شاشات عملاقة تروي قصصًا، تعكس الثقافات، وتدمج بين الحداثة والتراث. أحد العروض، على سبيل المثال، يُظهر قاربًا يبحر من الماضي العُماني، ليصل إلى مستقبل فضائي يعبّر عن طموح الإمارات في استكشاف الفضاء. وبين كل عرض وآخر، يشعر الزائر وكأنه انتقل من قصة إلى أخرى، وكل قصة تُحكى بلون.

تفاعل الناس... قلب المهرجان

أكثر ما يميز هذا المهرجان هو الجمهور نفسه. العائلات تمشي وسط الأنوار كأنها في حلم، الأطفال يركضون ويلعبون بظلالهم، والمصورون المحترفون والهواة يتسابقون لالتقاط اللحظة المثالية.

حتى الزوار الأجانب، الذين ربما جاءوا للمرة الأولى إلى دبي، يُفاجَؤون بروعة التنظيم وروح الفعالية، حيث يمكنهم التجول بحرية في أماكن مفتوحة، والاستمتاع بالموسيقى والعروض التفاعلية، وكأن المدينة كلها صممت لتحتفل معهم.

الفنانون... من كل أنحاء العالم

مهرجان الضوء لا يقتصر على المصممين المحليين فقط، بل يستضيف فنانين من أوروبا وآسيا وأمريكا، يُقدّمون أفكارًا جديدة تدمج بين الفن والتقنية، مثل عروض الضوء بالذكاء الاصطناعي، أو استخدام الواقع المعزز (AR) ليصبح الهاتف جزءًا من العرض نفسه.

بعض الفنانين يستخدمون مواد مستدامة في تصميم الإضاءات، لتوصيل رسالة بيئية، فيما يستوحي آخرون عروضهم من الخط العربي أو الزخارف الإسلامية، مما يخلق مزيجًا مذهلًا من الأصالة والابتكار.

رسالة أعمق من مجرد عرض بصري

وراء هذه الألوان والأنوار، هناك رسالة واضحة: أن دبي تسير نحو المستقبل، لكنها لا تنسى جذورها. الضوء هنا ليس فقط وسيلة للرؤية، بل رمز للمعرفة، للوضوح، ولرؤية العالم بشكل أجمل. كل عرض، وكل لون، له معناه ومكانه في هذه اللوحة الليلية الضخمة.

كما يُعد المهرجان منصة لدعم الفنون الرقمية، ويُشجّع المصممين الناشئين على التفاعل مع جمهور حقيقي، في بيئة مليئة بالحيوية والتجديد.

ليل لا يُنسى

في مهرجان الضوء بدبي، لا تكتفي العيون بالمشاهدة، بل تُشارك الروح في التجربة. هو أكثر من مجرد مهرجان… إنه دعوة للتأمل، للاحتفال بالإبداع، ولرؤية المدينة من زاوية جديدة.

فإذا وجدت نفسك في دبي يومًا، وكان الليل قد حلّ، لا تغلق الستائر… بل افتح قلبك للضوء، واتركه يحملك في جولةٍ لن تنساها.