button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

على مصطفى مشرفة: أينشتاين العرب

لا شك أنك سمعت عن ألبرت أينشتاين، أحد أشهر علماء الفيزياء في القرن الماضي في أمريكا. ولكن ربما لم تسمع عن أشهر علماء الفيزياء في العالم العربي، وهو علي مصطفى مشرفة، العالم المصري الذي لُقب بـ "أينشتاين العرب". لقد عاصر ألبرت أينشتاين بالفعل واستطاع أن يثبت تميزه كأحد أعظم علماء الذرة في العالم. فمن هو مشرفة؟

نشأته:

ولد مشرفة عام 1898 بمدينة دمياط في جمهورية مصر العربية. كان والده من أثرياء المدينة وأعيانها، وقد تأثر بأفكار جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، مما أثر في نشأة مشرفة الدينية.

في عام 1907، تعرض النشاط التجاري لوالده إلى أزمة أثرت على الاقتصاد المصري، وهي أزمة القطن الشهيرة، مما حوّل الكثير من الطبقة الغنية إلى الطبقة الفقيرة، ومن ضمنهم والده، فتحولت حياة مشرفة من حياة الترف إلى حياة التقشف.

توفي والده عندما تجاوز مشرفة الثانية عشرة من عمره، فأصبح هو المسؤول عن أمه وإخوته من بعد والده.

مسيرته العلمية:

تميز مشرفة منذ صغره بتفوقه العلمي، فكان دائمًا من الأوائل في دراسته. التحق بالثانوية في مدرسة العباسية الثانوية بالإسكندرية، ثم انتقل إلى المدرسة السعيدية التي درس فيها بالمجان نظرًا لتفوقه الدراسي. في عام 1914، حصل مشرفة على شهادة البكالوريا، محققًا المركز الثاني على مستوى الجمهورية المصرية.

التحاقه بدار المعلمين العليا:

بعد تفوقه في العلوم والمواد العلمية، فُتحت أمامه جميع المدارس، لكنه فضل الالتحاق بدار المعلمين العليا. ومن هنا بدأت مسيرة علي العلمية في الظهور، حيث تفوق كعادته بعد دراسة دامت ثلاث سنوات. اختارته وزارة المعارف ومنحته بعثة إلى بريطانيا مدفوعة النفقات بالكامل.

دراسته في الخارج:

في عام 1920، التحق بالكلية الملكية، وحصل منها عام 1923 على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم بإشراف العالم الفيزيائي الشهير تشارلز توماس ويلسون، الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1927.

حصل علي مُشَرَّفة عام 1924 على درجة الدكتوراه في العلوم من جامعة لندن، وهي أعلى درجة علمية في ذلك الوقت، إذ لم يتمكن من الحصول عليها سوى 11 عالمًا فقط، وكان أول مصري يحصل على هذه الدرجة العلمية.

عودته إلى مصر وتعيينه أستاذًا:

عاد من بريطانيا إلى مصر بأمر من وزارة المعارف وعُيّن مدرسًا للرياضيات في كلية المعلمين العليا.

تم افتتاح جامعة القاهرة عام 1925، وعمل بها أستاذًا مشاركًا في الرياضيات التطبيقية في كلية العلوم، لأنه كان دون سن الثلاثين - الحد الأدنى للسن المطلوب لشغل وظيفة أستاذ - ثم مُنح درجة "أستاذ" عام 1926 على الرغم من اعتراض قانون الجامعة على منحه اللقب لمن هم دون الثلاثين.

أبحاث ونظريات مُشَرَّفة العلمية:

بدأ الاهتمام بالبحث العلمي في مصر، وخاصة في كلية العلوم، مما ساعد الباحثين الشباب على إتمام بحوثهم عن طريق توفير كل الفرص والإمكانيات اللازمة، كما سمح لهم بالتواصل مع أعضاء البعثات الخارجية.

لفتت أبحاث مشرفة الأنظار وبدأت في الظهور وهو لم يتجاوز بعد الخامسة والعشرين من عمره، فنُشر أول بحث له عام 1922. وفي عام 1923، قدّم مشرفة سبعة أبحاث في قواعد ميكانيكا الكم، وبهذه الأبحاث استطاع الحصول على درجة دكتوراه العلوم. أراد مشرفة أن يصل العلم إلى الجميع، حتى لعقل المواطن البسيط، فأولى اهتمامًا بتلخيص العلوم المعقدة بشرح بسيط يصل إلى كل العقول. ولم تقتصر كتب مشرفة على الشرح باللغة العربية، بل تمت ترجمة كتب الدكتور مشرفة حول نظرية النسبية إلى الألمانية والإنجليزية والفرنسية والبولندية. أما عن اشتراك الدكتور علي مشرفة مع أينشتاين، فقد اشترك الدكتور مشرفة مع أينشتاين في وضع النظرية النسبية، وقام مشرفة بالإثبات الرياضي لها، وقد وصف أينشتاين الدكتور مشرفة بأنه أحد أعظم علماء الفيزياء.

يُعدّ مشرفة أول من أجرى بحثًا لإيجاد مقياس للفراغ ووضع نظرية لتفسير الإشعاع الناتج عن الشمس. لم تعد الذرة سرًا عنده. شارك الدكتور مشرفة في العديد من المشاريع المصرية تشجيعًا للصناعات الوطنية. وعلى الرغم من معرفة الدكتور مشرفة بسر تفتت الذرة، إلا أنه رفض استخدامها في صناعة أسلحة وقنابل فتاكة، وآثر توظيفها فيما يخدم الإنسانية. كما كان صاحب نظرة مستقبلية، إذ طالب بمشروع لاستغلال الطاقة الشمسية في الصحراء المصرية. اختارته الحكومة الأمريكية عضوًا في اللجنة الدولية للأبحاث الذرية، التي كانت تضم أبرز علماء الرياضيات في العالم، ومنهم الأعمدة الثلاثة في مشروع "منهاتن" للذرة.

وفاته:

توفي الدكتور مشرفة في 15 يناير 1950 عن عمر يناهز 52 عامًا، وأثيرت شكوك حول وفاته بوجود علاقة للموساد بها، إلا أن شقيقه نفى ذلك وأكد أنها وفاة طبيعية. وقد قام الرئيس جمال عبد الناصر بتكريمه بعد وفاته عام 1953 في حضور أسرته، وألقى كلمة لتكريمه وتكريم العلماء قال فيها: "إن الثورة تمجد العلماء وتقدر حاجة الوطن إليهم، وإن الحرب ليست بين الجيوش، لكنها بين العلم والعلماء، وإن العلماء إذا ساعدوا بلادهم كان النصر حليفها، والعلماء دائمًا أصدقاء الحرية، فلم تقم في الدنيا نهضة إلا بهم". كما نعاه ألبرت أينشتاين قائلًا: "لا تقولوا إن مشرفة مات، إنه ما زال حيًا بيننا من خلال أبحاثه، إننا محتاجون إليه، إنها خسارة كبيرة، لقد كان رائعًا وكنت أتابع أبحاثه بكل ثقة لأنه من أعظم علماء الطبيعة في العالم". وكذلك نعاه الدكتور طه حسين، وزير المعارف آنذاك. جدير بالذكر أن الدكتور علي مشرفة كان يريد أن يقدم أبحاثه لينال جائزة نوبل، لكنه توفي قبل أن يتمكن من ذلك.

toTop