كسر الدائرة: ثماني نصائح عملية للتغلب على التسويف اليوم

الصورة عبر freepik
الصورة عبر freepik

التسويف هو صراع قديم ابتُلي به البشر لقرون من الزمان. من تأجيل الأعمال البسيطة إلى تأخير القرارات التي تغير الحياة، فإن الميل إلى التسويف هو نزعة عالمية تُصيب الأفراد والجماعات، وربما الأمم. في حين أنه غالباً ما يبدو وكأنه فشل شخصي، فإن التسويف مُتجذِّر بعمق في علم النفس البشري، ويعكس التفاعلات المُعقّدة والمتبادلة بين الحافز والخوف والأولويات. يتعمق هذا المقال في طبيعة التسويف، وأصوله، وتأثيراته على جوانب مختلفة من الحياة، بينما يستكشف أيضاً الحالات النادرة التي قد يلعب فيها دوراً مفيداً. والأهم من ذلك، سيجري تحديد ثماني نصائح عملية للمساعدة في التغلب على هذا العدو المشترك، وعدم الوقوع في شراكه، وضمان الإنتاجية والشعور بالإنجاز.

1. فهم طبيعة التسويف.

الصورة عبر freepik
الصورة عبر freepik

في جوهره، التسويف هو فعل تأخير أو تأجيل المهام على الرغم من معرفة أن هذا التأخير قد يؤدي إلى عواقب سلبية. إن التسويف هو أحد أشكال الإدمان على المخدرات، وهو ما يعني في كثير من الأحيان الانفصال بين النية والفعل - يريد الناس تحقيق أهدافهم ولكنهم يجدون أنفسهم غير قادرين على بدء أو إنهاء المهام. يصف علماء النفس التسويف بأنه شكل من أشكال فشل التنظيم الذاتي، مدفوعاً بإعطاء الدماغ الأولوية للمزاج قصير الأجل على الإنجاز الطويل الأجل. وهكذا، يغلب الشعور بالراحة قريبة الأمد على استشراف المتاعب المحتملة على المدى الطويل.

ينبع هذا الاتجاه من علم النفس التطوري. في العصور القديمة، كان البقاء الفوري له الأسبقية على التخطيط الطويل الأجل. اليوم، يتجلى هذا التركيز الثابت على الإشباع الفوري في تجنُّب المهام غير المريحة أو الصعبة لصالح الأنشطة الأكثر متعة، حتى عندما تكون هذه الأخيرة أقل أهمية. وبذلك، تغيب النظرة إلى الإعداد للمستقبل في خضم الاستمتاع المباشر قصير الأجل.

2. الجوانب السلبية للتسويف.

الصورة عبر unsplash
الصورة عبر unsplash

يكتنف التسويف عواقب وخيمة في مختلف مجالات الحياة. على المستوى الفردي، يؤدي إلى التوتر والشعور بالذنب وانخفاض الشعور بقيمة الذات. وغالباً ما يُفوّت المماطلون المزمنون الفرص، أو يفشلون في الأداء، أو يفشلون في تلبية إمكاناتهم. وما نفع الندامة بعد فوات الفرص؟

في الحياة الأسرية، يمكن أن يؤدي التسويف إلى الاستياء. على سبيل المثال، قد تُثقِل المسؤوليات المنزلية المتأخرة كاهل أفراد الأسرة الآخرين، مما يخلق التوتر والإحباط. على نحو مماثل، قد يؤدي التسويف في العمل إلى تفويت المواعيد النهائية، والعلاقات المهنية المتوترة، وآفاق العمل المتعثرة. ويمكن أن يعطل ديناميكيات الفريق، ويُخفِّض الإنتاجية، بل ويضُرّ بترقي العاملين وبسمعة الشركة ومكانتها في المنافسة.

3. متى قد يكون التسويف مفيداً.

الصورة عبر unsplash
الصورة عبر unsplash

من المثير للاهتمام أن التسويف ليس ضاراً على الإطلاق. ففي ظل ظروف معينة، قد يؤدي إلى نتائج أفضل. على سبيل المثال، يستخدم بعض الأشخاص التسويف المتعمد كاستراتيجية لتعزيز الإبداع. فمن خلال السماح للعقل الباطن بمعالجة المشكلة، فإنهم غالباً ما يعودون إليها برؤى جديدة. ومع ذلك، يختلف هذا التأخير المُتعمَّد بشكل كبير عن التسويف المعتاد، والذي عادة ما يكون غير منتج. يمكن أيضاً في بعض الحالات الانتظار حتى تتوفر ظروف أفضل للفعل والإنجاز. وفي هذا السياق، قد يتسم الحال بالصبر وليس التسويف.

4. ثماني نصائح عملية للتغلب على التسويف.

الصورة عبر unsplash
الصورة عبر unsplash

في حين أن التسويف متأصل بعمق في السلوك البشري، إلا أن التغلُّب عليه ليس مستحيلاً. إليك ثماني نصائح عملية للمساعدة في كسر هذه الدائرة اليوم، والحد من وطأة سلوك التسويف ونتائجه:

أ. تحديد أهداف واضحة ومحددة: غالباً ما تبدو المهام الغامضة مرهقة ومُستهلكة للوقت. وإن تقسيم المشاريع إلى خطوات أصغر يمكن إدارتها وإنجازها مع نتائج مُحدّدة بوضوح.

ب. استخدام قاعدة الدقيقتين: إذا استغرقت المهمة أقل من دقيقتين لإكمالها، يوصى بالقيام بها على الفور. يمكن أن تساعد هذه القاعدة البسيطة في معالجة المهام الصغيرة وبناء الزخم والاندفاع.

ت. تبنّى تقنيات إدارة الوقت: يمكن أن تساعد طرائق مثل تقنية بومودورو (Pomodoro)- العمل في فترات تركيز يليها فترات راحة قصيرة - في الحفاظ على التركيز، ومنع الإرهاق، والحفاظ على الجاهزية.

ث. تحديد مُحفّزات التسويف لديك: التعرُّف على الأنماط والمشتتات التي تؤدي إلى التسويف، سواء كانت وسائل التواصل الاجتماعي أو الخوف من الفشل. يوصى باتخاذ خطوات نشطة لتقليل هذه المُحفّزات، والسيطرة عليها، والتخلُّص منها في النهاية.

ج. تحديد أولويات المهام باستخدام مصفوفة أيزنهاور(Eisenhower): تصنيف المهام إلى أربعة أرباع بناءً على الإلحاح والأهمية. والتركيز على المهام العاجلة والمهمة أولاً.

ح. إنشاء نظام للمكافآت: تحفيّز النفس من خلال ربط المهام بالمكافآت. يمكن أن يلي إكمال مهمة صعبة نشاط مفضل، أو مكافأة، أو فترة استمتاع.

خ. إقامة المساءلة: مشاركة الأهداف مع صديق أو زميل موثوق به يمكنه المحاسبة والمساءلة عند حدوث التأخير. يمكن أن تُعزّز عمليات المراقبة المنتظمة الالتزام.

د. تقبُّل النقص: غالباً ما يؤدي الخوف من عدم القيام بشيء بشكل مثالي إلى التسويف. يوصى بتذكِير النفس بأن التقدُّم أهم من الكمال، ولطالما يقال: الكمال لله.

الخلاصة.

الصورة عبر unsplash
الصورة عبر unsplash

التسويف ظاهرة شائعة ومُعقّدة، مُتجذِّرة في الطبيعة البشرية وتتفاقم بسبب عوامل التشتيت الحديثة. وفي حين أنه قد يؤدي أحياناً إلى رؤى إبداعية، فإن آثاره السلبية على الحياة الشخصية والعائلية والمهنية تفوق بكثير فوائده النادرة. من خلال فهم علم النفس الأسباب الكامنة وراء التسويف، واستخدام استراتيجيات عملية، يمكن السيطرة على الوقت والأهداف والتخلّي بروح المبادرة. يوصى باتباع النصائح الثماني الموضّحة سابقاً لتنمية العادات التي ستساعد في التغلُّب على التسويف وتؤدي إلى حياة أكثر إنتاجية وإشباعاً. تبدأ رحلة التغيير ليس غداً، بل اليوم، والمبادرة المدروسة خير من الانتظار.

  • الحيوانات
  • إدارة وأعمال
  • الثقافة
  • الطعام
  • أسلوب الحياة
  • علوم
  • تقينة
  • الرحلات والسفر

    إدارة وأعمال

      المزيد من المقالات