button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

علماء ينشرون صورة غير مسبوقة توثق ولادة الكون

ADVERTISEMENT

في إنجازٍ رائدٍ أسر الأوساط العلمية والجمهور على حدٍ سواء، أصدر فريقٌ من علماء الفيزياء الفلكية ما وصفوه بالصورة الأكثر تفصيلاً وغير المسبوقة التي تُوثّق ولادة الكون. تُقدّم هذه الصورة، المُجمّعة من بياناتٍ جُمعت على مدى سنوات بواسطة تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) ومراصد متقدمة أخرى، لمحةً عن اللحظات الأولى بعد الانفجار العظيم، أي قبل أكثر من 13.8 مليار سنة.

صورة بواسطة Jeremy Müller على pexels

رحلةٌ عبر الزمن

تُظهر الصورة، التي يُطلق عليها العلماء اسم "كبسولة الزمن الكونية"، حقبةً تُعرف باسم "الفجر الكوني"، وهي فترةٌ وقعت بعد بضع مئات ملايين السنين فقط من الانفجار العظيم، عندما بدأت النجوم والمجرات الأولى في التشكل. باستخدام تقنية التصوير بالأشعة تحت الحمراء وعدسة الجاذبية، تمكّن تلسكوب جيمس ويب الفضائي من النظر إلى الفضاء بشكلٍ أعمق، وبالتالي إلى زمنٍ أبعد من أي وقتٍ مضى. والنتيجة صورةٌ مذهلةٌ مليئةٌ بالمجرات القديمة، وسحب الغاز الدوامية، وبصمات الضوء من بداية التاريخ الكوني. وصفت الدكتورة لورا مايرز، الباحثة الرئيسية في مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا، الصورة بأنها صدى بصري لأول نبضة قلب للكون. وأوضحت أن كل نقطة وبقعة في الصورة تُمثل هياكل كانت تتشكل عندما كان الكون لا يزال في بداياته. وأضافت: "يشبه الأمر النظر إلى صورة للكون في طفولته. تتيح لنا هذه الصورة مشاهدة تشكل المجرات الأولى والنجوم الأولى، وربما أول لبنات الحياة".

ADVERTISEMENT

كيف تم التقاط هذه الصورة؟

لم تُلتقط هذه الصورة الرائعة بنقرة واحدة، بل هي نتيجة تركيب أُنجز على مدى عدة سنوات باستخدام بيانات من تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST) ومراصد أرضية حول العالم. اعتمد العلماء بشكل كبير على بيانات الأشعة تحت الحمراء والموجات الدقيقة لرصد الضوء الخافت المنزاح نحو الأحمر القادم من أقدم الأجرام في الكون. يحدث الانزياح نحو الأحمر عندما يتمدد ضوء المجرات البعيدة بسبب تمدد الكون، مما يسمح لعلماء الفلك بقياس عمرها ومسافتها. كما استخدم الفريق خوارزميات متقدمة وذكاءً اصطناعيًا لتحسين البيانات وتجميعها. وبفضل ظاهرة عدسة الجاذبية، وهي ظاهرة تحني فيها المجرات الضخمة الضوء القادم من الأجرام خلفها، تمكن الباحثون من تضخيم مصادر الضوء البعيدة وتكبيرها. قال الدكتور راج باتيل، عالم الفيزياء الفلكية المشارك في المشروع: "هذه الصورة تتويج لعقود من العمل الجماعي والابتكار التكنولوجي والفضول الدؤوب". وأضاف: "كان من المستحيل تصور هذا الأمر قبل جيل واحد فقط".

صورة بواسطة Scott Lord على pexels

ما تكشفه الصورة

تكشف الصورة عن عشرات المجرات التي لم تُشاهد من قبل، ويبدو أن بعضها يُشكّل نجومًا بمعدلات مذهلة. تشير الهياكل المرصودة إلى أن الكون كان أكثر تعقيدًا وديناميكية مما كان يُعتقد سابقًا حتى في مراحله الأولى. من أكثر الاكتشافات المذهلة في الصورة عنقودًا نجميًا صغيرًا خافتًا، قد يُمثل إحدى أوائل المجرات التي تشكلت على الإطلاق. أُطلق على هذا العنقود اسم "تكوين-1"، وقد أثار فضول العلماء نظرًا لتركيبه الفريد وبصمة طاقته غير العادية، مما قد يُقدم رؤى جديدة حول كيفية تنظيم المادة نفسها بعد الانفجار العظيم. كما توجد خيوط وفراغات غريبة في الصورة، تُشير إلى آثار ما يعتقد العلماء أنه التكوين المبكر للشبكة الكونية، وهي شبكة واسعة من المجرات المترابطة والمادة المظلمة التي تُشكل الكون على أوسع نطاق. لا يُقدم هذا الإنجاز الهام سجلًا بصريًا لأصول كوننا فحسب، بل يفتح أيضًا آفاقًا جديدة للاكتشاف العلمي. يأمل الباحثون في استخدام الصورة لاختبار وتحسين النظريات الحالية حول الكون المبكر، مثل التضخم والمادة المظلمة وتكوين النجوم والعناصر الأولى. علاوة على ذلك، يمكن للبيانات التي تم جمعها أن تقرب العلماء من الإجابة على بعض الأسئلة الأكثر عمقًا في علم الكونيات ماذا كان موجودًا قبل الانفجار الكبير؟ كيف تشكلت المجرات الأولى؟ وهل نحن وحدنا في الكون؟ هذه مجرد البداية كما قال الدكتور مايرز. مع كل اكتشاف جديد، نكشف طبقة أخرى من قصة الكون وهذه القصة أجمل بكثير وأكثر تعقيدًا مما تخيلنا. وبينما تشق هذه الصورة التاريخية طريقها إلى الفصول الدراسية في كتب العلوم وعناوين الأخبار حول العالم، فإنها تقف كشهادة على رغبة البشرية الدائمة في فهم أصولنا. إنها تذكرنا أنه حتى في عالم متغير باستمرار وغالبًا ما يكون فوضويًا، هناك شيء موحد بعمق في التحديق في النجوم والتساؤل عن أين بدأ كل شيء.

ADVERTISEMENT

توتر هابل: لغزٌ عالق

على الرغم من هذه القفزات الكبيرة للأمام، لا يزال لغزٌ كونيٌّ قائمًا: ما يُسمى بتوتر هابل. يشير هذا المصطلح إلى الخلاف المستمر بين طريقتين لقياس معدل تمدد الكون. فالقياسات المستندة إلى الكون المبكر (مثل تلك الصادرة عن ACT) لا تتطابق تمامًا مع الأرقام التي نحصل عليها من رصد المجرات القريبة. إنها معضلةٌ حيرت علماء الكونيات. فهل يُمكن أن يُشير هذا إلى فيزياء مجهولة؟ أم أن تقنيات القياس لدينا لا تزال في طور التطور؟ تُعلّق الآمال الآن على مرصد سيمونز القادم، وهو تلسكوب من الجيل التالي يَعِد بقراءاتٍ أكثر دقة. يعتقد العلماء أن قدراته المتقدمة لن تُساعد فقط في حل توتر هابل، بل ستُلقي الضوء أيضًا على ألغاز المادة المظلمة والطاقة المظلمة المُحيّرة - وهما مكونان يُشكلان الجزء الأكبر من الكون، لكنهما يظلان غامضين بشكلٍ مُحبط.

صورة بواسطة Pixabay على pexels

توسيع فهمنا الكوني

كل قفزة في تكنولوجيا الرصد تُقرّبنا من فهم أصولنا. مع أحدث اكتشافات ACT، نرى الكون ليس كما هو فحسب، بل كما كان في بداياته - قصة كُتبت في الضوء، عبر مليارات السنين. هذه الأدوات الجديدة لا تُقدم صورًا أوضح فحسب، بل تُساعدنا أيضًا على تحسين نماذجنا، وتحدي الافتراضات القديمة، والاقتراب من الإجابة على بعض أهم أسئلة الكون. إنه تذكيرٌ مثيرٌ بأن الكون، حتى اليوم، لا يزال يخفي أسرارًا تنتظر الكشف عنها - وأن رحلة الاكتشاف لم تنتهِ بعد.

toTop