٧ أنشطة يمكن القيام بها في مدينة العلا في المملة العربية السعودية

العُلا ليست مجرد مدينة عادية في قلب المملكة العربية السعودية، بل هي قطعة من التاريخ الحيّ ولوحة طبيعية نادرة. هذا المكان يجمع بين جمال الطبيعة الصحراوية الأخّاذة وبين حضارات عمرها آلاف السنين تركت آثارها لتروي قصصًا ما زالت تنبض بالحياة. حين تطأ قدماك أرض العُلا ستشعر أنك تسافر عبر الزمن؛ من صخور صامدة شكلتها الرياح والرمال على مدى ملايين السنين، إلى مقابر منحوتة بأيدٍ بشرية قبل مئات الأعوام، إلى مهرجانات حديثة وفنون معاصرة جعلت من العُلا جسرًا يصل الماضي بالحاضر.

اليوم، أصبحت العُلا واحدة من أبرز الوجهات السياحية في المملكة، خصوصًا بعد إدراج الحجر (مدائن صالح) على قائمة التراث العالمي لليونسكو. لم يعد الزائر يأتي فقط ليشاهد آثار الأنباط، بل ليستمتع كذلك بالمغامرات الصحراوية، والأنشطة الثقافية، وتجارب الطهي المحلي، وحتى الفعاليات الموسيقية العالمية التي تُقام وسط الجبال والوديان. كل هذا يجعل العُلا مكانًا متكاملًا يناسب الباحثين عن المغامرة، ومحبي الثقافة، والعائلات التي تريد قضاء وقت ممتع بعيدًا عن صخب المدن الكبرى.

في هذه المدونة سنأخذك في جولة حول أبرز الأنشطة التي يمكنك القيام بها في العُلا، حيث تمتزج المتعة بالمعرفة، والمغامرة بالهدوء، ليبقى في ذاكرتك ما هو أكثر من مجرد رحلة سياحية.

١. استكشاف الحجر (مدائن صالح)

الحجر أو ما يُعرف بـ "مدائن صالح" هو أول موقع في السعودية يُدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو. يعود تاريخه إلى حضارة الأنباط التي ازدهرت قبل أكثر من ألفي عام. المكان مليء بالمقابر المنحوتة في الصخور الضخمة، مع نقوش وزخارف مذهلة.

لماذا يجب زيارته؟

• لتتعرف على حضارة الأنباط التي تركت بصمة معمارية فريدة.
• لتعيش تجربة مشابهة لزيارة البتراء في الأردن، ولكن بجو أكثر هدوءًا وخصوصية.
• لأن المكان يجمع بين التاريخ والجمال الطبيعي.

تجربة إضافية: حاول أن تزور الموقع في وقت الغروب، حيث تنعكس أشعة الشمس على الصخور بلون ذهبي ساحر.

٢. ركوب المنطاد فوق جبال العُلا

من أجمل التجارب التي يمكنك القيام بها هي رؤية العُلا من السماء عبر جولة بالمنطاد. التحليق فوق الجبال الرملية الشاهقة والوديان الخضراء يعطيك مشهدًا بانوراميًا لا مثيل له.

لماذا هي تجربة مميزة؟

• لأنها تمنحك منظورًا مختلفًا وساحرًا للمنطقة.
• فرصة رائعة لالتقاط صور لا تُنسى.
• تجربة مليئة بالهدوء والمغامرة في الوقت نفسه.

نصيحة: ارتدي ملابس مريحة وخفيفة، واحرص على حجز هذه الجولة في الصباح الباكر حيث تكون الأجواء أصفى.

٣. زيارة وادي عِشار

وادي عشار هو وادٍ ساحر يتميز بتكويناته الصخرية الضخمة المتنوعة الأشكال، وغالبًا ما يُستخدم كموقع لإقامة الفعاليات الفنية والموسيقية العالمية مثل "شتاء طنطورة".

ما الذي ستجده هناك؟

• مناظر طبيعية مذهلة لتلال وصخور بألوان فريدة.

• فعاليات موسيقية وفنية عالمية تستضيفها العُلا.
• مطاعم ومجالس عربية في قلب الطبيعة.

تجربة فريدة: حضور حفل موسيقي تحت السماء المرصعة بالنجوم وسط الجبال سيبقى ذكرى لا تنسى.

٤. التجول في البلدة القديمة

البلدة القديمة في العُلا تضم أكثر من ٩٠٠ منزل طيني قديم، بالإضافة إلى الأسواق التقليدية التي تعكس أسلوب الحياة القديمة. هنا يمكنك السير بين الأزقة الضيقة، وشراء منتجات محلية مثل التمور، البخور، والحرف اليدوية.

لماذا يجب زيارتها؟

• لتعيش تجربة أصيلة تعكس حياة الماضي.
• لتستمتع بجمال البيوت الطينية والهندسة التقليدية.
• للتسوق وشراء الهدايا التذكارية المحلية.

نصيحة: لا تفوت فرصة الجلوس مع أهل المنطقة وسماع قصصهم عن العُلا عبر الأجيال.

٥. القيام بجولات المشي والتسلق

إذا كنت من عشاق المغامرة، فالعُلا مليئة بالجبال والوديان المناسبة للتسلق والمشي لمسافات طويلة. توجد مسارات مخصصة للمشي وسط الطبيعة تمنحك فرصة لاكتشاف التنوع الجيولوجي والحياة البرية.

مميزات التجربة:

• استكشاف الطبيعة البكر بعيدًا عن الزحام.
• نشاط صحي ورياضة ممتعة في الهواء الطلق.
• مشاهدة مناظر بانورامية ساحرة من قمم الجبال.

نصيحة: استعن بدليل محلي يعرف الطرق جيدًا لضمان رحلة آمنة.

٦. زيارة مزارع التمور والحمضيات

العُلا ليست فقط آثارًا وصخورًا، بل هي أيضًا موطن للزراعة. تنتشر فيها مزارع النخيل والحمضيات التي تُنتج أجود أنواع التمور والبرتقال.

لماذا تستحق التجربة؟

• لتذوق تمور العُلا الشهيرة، والتي تُعتبر من الأفضل عالميًا.
• للتجول وسط المزارع الخضراء في وادٍ صحراوي مدهش.
• للتعرف على طرق الزراعة التقليدية.

تجربة إضافية: بعض المزارع تتيح للزوار المشاركة في قطف التمور أو الحمضيات بأنفسهم، وهي تجربة ممتعة خاصة للعائلات.

٧. التخييم تحت النجوم

الصحراء المحيطة بالعُلا تُعتبر من أفضل الأماكن في العالم لمشاهدة السماء ليلًا بوضوح تام. تجربة التخييم هناك تعني الابتعاد عن صخب المدن، والاستمتاع بالهدوء المطلق.

ما الذي يميزها؟

• سماء صافية مليئة بالنجوم ومجرة درب التبانة.
• جلسات حول النار مع الشاي والقهوة العربية.
• تجربة أصيلة تشعرك بروح البدو في الصحراء.

نصيحة: احرص على أخذ مستلزمات النوم المريحة والملابس الدافئة، فالصحراء تصبح باردة ليلًا.

بعد كل هذه التجارب المتنوعة، يمكن القول إن العُلا ليست مجرد وجهة سياحية عابرة، بل هي رحلة متكاملة تلامس القلب والروح. إنها المكان الذي يجمع بين عبق الماضي وحداثة الحاضر؛ حيث تستطيع أن تستكشف المقابر النبطية القديمة في النهار، ثم تحلّق في السماء بمنطاد لترى جمالها من الأعلى، وبعدها تجلس في الليل تحت سماء مرصعة بالنجوم لتستمع إلى قصص أهل الصحراء. هذه التوليفة تجعل العُلا تجربة شخصية فريدة لا يمكن اختصارها في صور أو كلمات.

في النهاية، إذا كنت تبحث عن وجهة مختلفة تبتعد بك عن الروتين وتفتح أمامك أبوابًا جديدة من المغامرة والمعرفة، فإن العُلا هي خيارك الأمثل. هي دعوة لاكتشاف الماضي، والاحتفاء بالحاضر، وبناء ذكريات تدوم طويلًا. لا يهم كم من الأماكن زرت، ستبقى العُلا تحمل طابعًا خاصًا يجعلك دائمًا ترغب في العودة إليها من جديد.