نحن نعيش في عصر البث الخوارزمي، حيث تتوفر مكتبات موسيقية لا حصر لها في متناول أيدينا. ومع ذلك، يجد الكثير منا أنفسهم في مفارقة غريبة: على الرغم من وجود خيارات لا حصر لها، فإن قوائم التشغيل الموسيقية الخاصة بنا قد تبدو ضيقة بشكل غريب، وغالبًا ما تدور حول نفس أنواع الموسيقى الأنجلو-أمريكية مثل البوب والروك والهيب هوب. وهذا يعكس ليس فقط التفضيلات الشخصية، بل أيضًا قرنًا من الهيمنة الثقافية الغربية. حتى مصطلح ”الموسيقى الكلاسيكية“ أصبح يعني الموسيقى التقليدية الأوروبية حصرًا.
وهنا يأتي دور مفهوم ”تحرير ذوقك من الاستعمار الموسيقي“. لا يتعلق الأمر بالشعور بالذنب اتّجاه ما تحبه، بل بتوسيع آفاق ذوقك لتتساءل عن سبب حبك له وما قد تفوّته في هذه الأثناء. إنه جهد نشط وواعٍ لتفكيك التسلسل الهرمي اللاواعي في أذهاننا، والذي يضع الموسيقى الغربية في المركز ويضع كل شيء آخر على الهامش باعتباره ”موسيقى عالمية“ أو ”أصوات عرقية“.
قراءة مقترحة
إذن، هل هناك استراتيجية؟ نعم. إنها ممارسة مستمرة، وليست حلًا لمرة واحدة. إليك إطار عمل يمكنك استخدامه.
أصبحت الموسيقى وسيلة جديدة للغزو الثقافي الغربي
يبدأ التحرر من الاستعمار بالوعي.
قم بالتمرير عبر قوائم التشغيل المفضلة لديك. قم بإجراء حساب تقريبي. ما هي النسبة المئوية للفنانين من أمريكا الشمالية أو المملكة المتحدة؟ ما هي اللغات السائدة؟ هذا ليس لإلقاء اللوم، ولكن لوضع أساس. لا يمكنك رسم مسار جديد دون معرفة نقطة البداية.
لاحظ كيف أن الموسيقى من الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة غالبًا ما تكون مجرد ”موسيقى“، في حين أن أعمال الفنان السنغالي غالبًا ما توصف بأنها ”أفروبيتس“ أو ’عالمية‘. هذا الإطار اللغوي هو إرث من الاستعمار، حيث يوضع الغرب كمعيار محايد وكل شيء آخر على أنه ”الآخر“. ابدأ في إدراك هذا التحيز في كيفية تسويق الموسيقى ومناقشتها.
تتبع نسب الموسيقى التي تحبها بالفعل. هل أنت من محبي البلوز؟ تعمق في أصولها الغرب أفريقية في موسيقى تقاليد رواة القصص الأفارقة (الغريوت). هل تحب الروك أند رول؟ استكشف جانب ”الإيقاع“ فيها، المستوحى من موسيقى الـ R&Bالسوداء وفناني الجوسبل مثل Sister Rosetta Tharpeو Chuck Berry، الذين تم محوهم من السرد تمامًا. إنّ فهم هذا التاريخ هو شكل من أشكال الاستماع التعويضي.
الإيقاع في موسيقى Rhythm and Blues هو أصل الروك أند رول
بمجرد أن تدرك الأنماط، يمكنك البدء في كسرها بنشاط.
تم تصميم Spotifyو Apple Music لإبقائك في حلقة مألوفة ومعيبة في الآن ذاته. ابحث بنشاط عن منسقين بديلين.
o انغمس في راديو ”Scene“: استخدم منصات مثل NTS Radio أو Worldwide FM أو Radiooooo. هذه المنصات مبنية على تنسيق بشري وستعرض لك مشاهد محددة من لشبونة إلى جاكرتا.
o تابع الأشخاص المناسبين: ابحث عن النقاد، ومنسقي الأقراص (الدي دجيه)، والعلامات التجارية المعروفة بذوقها الانتقائي والمطلع. ابحث عن أصوات من الجنوب العالمي.
o استخدم الخرائط، لا المخططات الافتراضية ”التي يُنصح بها“: بدلاً من ”أفضل 50 أغنية عالمية“، والتي غالبًا ما تكون مجرد أفضل 50 أغنية أنجلو-أمريكية، انظر إلى الخريطة فعليًا. اسأل نفسك، ”ما الذي يستمع إليه الناس في بوغوتا أو لاغوس أو مسقط أو وهران في الوقت الحالي؟“ وابحث عن قوائم التشغيل الموسومة بتلك المدن.
هذا هو الجزء الأكثر أهمية في الاستراتيجية. عندما تجد فنانًا جديدًا من ثقافة مختلفة، لا تضفه فقط إلى قائمة تشغيل ”أجواء رائعة“.
تعرف إلى أنواع أخرى من الموسيقى
o تعرف إلى اسم الفنان وقصته. افهم خلفيته وما تمثله موسيقاه في سياقه المحلي.
o اقرأ كلمات الأغاني (وترجمتها). ما الذي يغنون عنه؟ الحب، السياسة، التوق الروحي، الحياة اليومية؟ هذا يربط بين ”الصوت الغريب“ والتعبير البشري.
o افهم تاريخ النوع الموسيقي. ما هي القصة الاجتماعية والسياسية لموسيقى الريغي أو السامبا أو الراي؟ الموسيقى لا توجد في فراغ؛ إنها وثيقة حية لأفراح وأحزان الشعب.
إن تحرير ذوقك من الاستعمار لا يتعلق فقط بالاستماع؛ إنه يتعلق بالإنصاف.
o اشترِ الموسيقى من شركات التسجيل الأصلية: اشترِ الموسيقى مباشرة من شركات التسجيل الموجودة في بلد المنشأ، إن أمكن.
o كن حذرًا من قوائم التشغيل ”الاستكشافية“: كن ناقدًا لقوائم التشغيل مثل ”World Chill“ أو ”African Vibes“ التي تجرد الموسيقى من سياقها ومن مبدعيها. من الذي أنشأ قائمة التشغيل؟ من الذي يستفيد منها؟ أعطِ الأولوية لقوائم التشغيل التي أعدها أشخاص من تلك الثقافة.
إن تحرير ذوقك من الاستعمار لا يعني إنشاء معيار جديد ”صحيح سياسياً“. بل يعني تبني عقلية جديدة.
• تقبل عدم الراحة: بعض الموسيقى لن تعجبك على الفور. لا بأس بذلك. تقبل عدم الراحة. لقد تم تدريب ”قواعد“ دماغك الموسيقية على الهياكل الغربية. امنح نفسك الوقت لتعلم قواعد جديدة.
• ميّز بين الاستحواذ والتقدير: الاستحواذ الموسيقي هو استيلاء، وهو سرقة دون اعتراف أو سياق. التقدير يسعى إلى الفهم والتكريم والدعم. إنه يعترف بالتأثير والسلالة.
• إنها ممارسة مدى الحياة: لا يوجد خط نهاية. الهدف هو أن تصبح مستمعًا أكثر نشاطًا وفضولًا وأخلاقيًا لبقية حياتك.
في الختام، إن تحرير ذوقك الموسيقي من الاستعمار هو استراتيجية للتنقيب الواعي. إنه التزام بالانتقال من كونك مستهلكًا سلبيًا لثقافة أحادية معولمة إلى مشارك نشط في حوار عالمي حقيقي. والمكافأة هي اتصال أكثر ثراءً وعمقًا بالعالم والنسيج الصوتي المذهل والمتنوع الذي تقدمه البشرية. قد لا تغير الأغنية التالية التي تكتشفها قائمة التشغيل الخاصة بك فحسب، بل قد تغير منظورك أيضًا.
هل تعاني من جرثومة المعدة؟ ما يجب ولا يجب أن تأكله
الجوهرة السياحية في قلب الصحراء: الحرم المقدس للقديسة كاترين في سيناء
جولة في مدينة نيويورك: أفضل الأماكن لزيارتها في المدينة التي لا تنام
العادات الصحية تستغرق وقتًا أطول مما نتصور
أشهر 5 قوانين مُسْماة (منسوبة إلى اسم عَلَم) في العالَم
ماذا يحدث عندما تشرب القهوة في الليل
من صمم وبنى قناة السويس؟
رحلة إلى المريخ: القفزة العظيمة التالية في سعي البشرية للاكتشاف
الأماكن المقدسة في جبال الأنديز: 7 أسرار ماتشو بيتشو
كشف الأكاذيب: كيف تكتشف الكذاب؟










