العقل العقلاني والقلب الحدسي: اتخاذ قرار حاسم في الحياة

ADVERTISEMENT

يفصل الفكر الغربي بين نوعين من اتخاذ القرار: العقلاني والعاطفي. دانييل كانيمان سمّاهما في كتابه «التفكير السريع والبطيء» النظام الأول والنظام الثاني. النظام الأول يعمل بالحدس والاستجابة السريعة، مثل معرفة الوجه أو اختيار طبق الفطور. النظام الثاني يعمل بالتفكير البطيء والتحليلي، ويستهلك طاقة واضحة عند حل مسائل معقدة مثل إجراء حساب مالي أو بناء استدلال منطقي.

الثقافة الغربية تُظهر احتراماً للعقل، لكن الالتزام الدائم بالنظام الثاني يُجهد الإنسان ولا يصلح لإدارة اليوم. لا أحد يستطيع تحليل كل تفصيل صغير مثل لون القميص أو نوع الجبن. الواقع يقول إن النظام الأول يقود معظم الخيارات اليومية، حتى تلك التي تبدو عاطفية: الحب أو الكره يولدان من إحساس داخلي، لا من جدول مقارنة.

ADVERTISEMENT

المشكلة تظهر حين نُسند مهمة إلى النظام الخطأ. تطلب الدجاجة في المطعم قراراً حدسياً، لكنك تُلبسه لاحقاً ثوباً منطقياً لتُقنع الآخرين. الخطأ يكبر إذا استخدمت الحدس في أمور تحتاج حساباً دقيقاً مثل ملء استمارة الضرائب، أو إذا أرسلت التحليل البطيء ليُفكّر في الحب. التوازن ضروري: الزواج يبدأ بالشعور (النظام الأول)، لكن إذا كانت الشريكة مطلوبة قضائياً، يدخل العقل (النظام الثاني) ليُعيد الترتيب.

القرارات الكبرى تحتاج خليطاً من الحدس والعقل. الاعتماد الكامل على الحدس يُنتج قرارات سطحية تتأثر بالضغط الاجتماعي. الانغماس في التحليل يُخرج قرارات باردة تتجاهل القيم والمشاعر، وقد يُعطل الإنسان حتى يُصاب بالجمود. حياةٌ جيدة تتطلب مزيجاً دقيقاً بين الشعور والعقل، تكفل فاعلية القرارات اليومية والمصيرية على حد سواء.

toTop