سماء الرمال والضباب: مقدمة قاسية لموريتانيا

ADVERTISEMENT

تقع موريتانيا في أقصى شمال غرب إفريقيا، أرضها رملية جافة، وساحلها يطل على المحيط الأطلسي حيث الرياح تضرب باستمرار. يحمل الوافد إلى البلاد انطباعًا أوليًا عن شدة الفقر وعسر العيش، خصوصًا في نواذيبو المطلة على البحر، الميناء الأكبر رغم غياب الطرق المعبدة والمستشفيات والماء الصالح.

أسّس الفرنسيون نواذيبو سنة 1905. اليوم تنتشر بيوتها الإسمنتية القديمة تحت أكوام النفايات والرمال. مع ذلك، ترسو السفن التجارية بجانب أرصفة من إسمنت مسلح، وتنطلق من هنا رحلات الموت البحرية نحو جزر الكناري، فتزداد الأسر فقرًا والشباب عطشًا للخروج.

ADVERTISEMENT

يعيش الصيادون من بيع السمك في سوق السمك الكبير، ويعمل التجار في البضائع القادمة من أوروبا. تحت وطأة الانقطاع المتكرر للكهرباء تدور حياة الناس: نساء يبعن الخضار في أكياس بلاستيكية، أطفال يركضون حفاة ضاحكين، فساتين ملوّنة ترفرف فوق الرمال، مشهد يقول إن اليوم سيمر رغم كل شيء.

يمنع القانون بيع الخمر تمامًا، وعلى كل من في البلاد أن يظهر الصيام في رمضان. من يعلن الإلحاد أو يسخر من الدين يُعرّض نفسه للمحاكمة؛ على الزائر إذن أن يلبس ملابس ساترة ويتجنب الجدل في أمور الدين حتى لا يقع في المشاكل.

كل أسبوع ينزل شباب من مالي أو السنغال إلى الشاطئ قبل الفجر، يركبون قاربًا خشبيًا متهالكًا يقلّهم إلى جزر الكناري. تتحمّل نواذيبو تبعات هذا التهريب: أسر تنتظر أخبارًا لا تأتي، وحراس يراقبون الشاطئ ليلًا. مدريد تقدم زوارق ووقود، لكن المغادرة تستمر ما دام الفقر يلاحق الناس في بلدانهم.

ADVERTISEMENT

رغم الرمل والريح والحرمان، تبقى موريتانيا أرضًا تفاجئ زائرها بلون بشرة أهلها وتنوع لغاتهم. في نواذيبو تحديدًا يُرى الإنسان يصنع من لا شيء يومًا جديدًا: يُصلح شباك الصيد بخيط قديم، يُسقى نبتة في قارورة بلاستيك، يُغنى للمولود في خيمة بلا كهرباء. الحياة تتابع المشوار، والناس يمسكون بأطراف الأمل ولا يتركونها.

toTop