هل تصلح أساليب تربية الأطفال القديمة لتربية طفل جيل ألفا؟

يتساءل الكثير من شباب جيل الألفية و جيل زد إذا ما كانت أساليب التربية القديمة والتي نشأوا بها تصلح لتربية جيل ألفا أم لا. لابد أن الأمر محير بشكل كبير في ظل التطورات التكنولوجية الكبيرة والتي تمثل قفزة كبيرة في عصر جيل ألفا. بينما يتمسك البعض بالعادات القديمة يري البعض الأخر استحالة نجاح طرق التربية القديمة في تنشئة أطفال جيل ألفا. مع زيادة الوعي بشكل كبير جدا في العشرين سنة الماضية ظهرت طرق وأساليب عديدة جديدة في التربية.

علي سبيل المثال إستراتيجيات التربية الحديثة أصبحت أكثر انتشارا مع بداية القرن العشرين على الرغم من ظهور المصطلح نفسه منذ القرن الثامن عشر. يرى البعض أن أساليب التربية الحديثة هي الأنسب والأكثر فاعلية في التربية لتنشئة جيل سوي. يرى البعض الأخر أن أساليب التربية الحديثة أسهمت في تنشئة أجيال رخوة غير قادرة على مواجهة التحديات المختلفة. يوجد العديد من الإستراتيجيات والمصطلحات الحديثة أيضا في التربية والتي يعتبر بعضها غير مفهوم بشكل واضح.

تسعى التربية الحديثة لتنمية التفكير الإبداعي لدى الأطفال وتحقيق المشاركة الفعالة للطفل في عملية تنشئته ليصبح له صوت وفكر واختيار حر في كل ما يخصه. دعونا ندرس مدى صلاح الأساليب الحديثة والقديمة في تربية جيل ألفا من خلال السطور التالية عن طريق مناقشة المميزات والعيوب لكل من الطريقتين والتعرف على بعض المفاهيم الحديثة.

من هم أباء وأمهات جيل ألفا ولماذا يختلف الأمر؟

دعنى أذكرك أننا نتحدث عن أباء وأمهات نشأوا هم أنفسهم بشكل شبه مستقل، لقد كانوا صغارا يتركون بالمنزل بمفردهم حيث يعمل كلا الأبوين في الكثير من الأحيان. لذا؛ فإننا نتحدث عن أباء وأمهات ليسوا فقط تابعين وإنما مستقلون ذوى رأى ومشورة. نلاحظ أن العديد من شباب الألفية وجيل زد قد مروا بالعديد من التجارب التي جعلتهم يختبرون قيمة الحرية والاستقلالية وهم على الأغلب متفهمون للكثير من احتياجات جيل ألفا بعكس الأجيال القديمة.

شباب جيل الألفية وجيل زد هم من قاموا بحضور ورشات التربية الإيجابية الفعالة وورشات حماية الطفل من الأذى النفسي والجسدي وحقوق الطفل. لديهم الوعي بالبيئة الصحية التي يجب توفيرها للطفل لينشأ سويا. هم على الأغلب يهتمون بممارسة أطفالهم الرياضة وتعلم المهارات الحديثة التي قد تؤهلهم لسوق العمل في المستقبل. هم أنفسهم أجيال نشأت في ظل تكنولوجيا متطورة وقام بعضهم بالدراسة الجامعية من خلال شبكات الأنترنت أثناء جائحة كورونا. علي الأغلب يري هؤلاء الأباء والأمهات أساليب التربية القديمة أساليب قمعية ولا تشجع على التفرد والتميز وتحقيق الإنجازات بينما البعض الأخر في حيرة من أمره. هم أيضا الآباء الذين يتمتعون بالوعي واللجوء للمتخصصين لتعديل سلوك الأطفال في حال ظهور سلوكيات شاذة أو ضارة للطفل والأخرين.

صورة Jessica Rockowitz من Unsplash

مع كل تلك الميزات هناك بعض العيوب أيضا لا ننكر ذلك، دعنا نتعرف علي بعض المصطلحات والإستراتيجيات الحديثة:

- بعض شباب هذا الجيل من الآباء والأمهات ينشأون الأطفال بطريقة الهليكوبتر وهو مصطلح يشير إلى السيطرة والإشراف المفرط على الأطفال بهدف حماية الأطفال وتجنب وقوعهم في الأخطاء. ينتج عن تلك الطريقة خفض مستوى الثقة بالنفس لدى الأطفال أحيانا.

- آخرون من شباب هذا الجيل من الأباء والأمهات ينشأون الأطفال بطريقة النمر، وهي طريقة تدفع الطفل للمنافسة بشكل ضاري من خلال الإنجاز بشكل مبالغ. هل قابلتم الطفل الذي يمارس ثلاث رياضات ويحضر دورات الحساب واللغات المتطورة في ذات الوقت. هذا ما نتحدث عنه، دفع الطفل لتحقيق مستويات مبالغة من التمييز وعدم السماح للطفل بهدر الوقت حتى إن ساعات اللعب يجب أن تكون من أجل هدف وليس للترفيه فقط. أنه عبء كبير جدا على عاتق الطفل حتى وإن كان له بعض الإيجابيات

- هناك أيضا أسلوب قنديل البحر وهو ترك الطفل ينمو بطريقته ودعمه فقط عند الحاجة وهيمساحة من الحرية قد لا يكون الطفل مستعدا لها بالكامل. هؤلاء أباء يرفضون العقاب والصرامة ويرون أن علاقة الوالدين يجب أن تبنى على الصداقة فقط.

- أما أسلوب الدولفين فيعد أكثر توازنا فهو يتضمن وضع القوانين والحدود للطفل وترك مساحة للطفل ليمرح ويلهو ويتمتع بطفولته في نفس الوقت لتحقيقالتوازن.

مع كل هذا سنجد أيضا أباء وأمهات يختارون أساليب التربية القديمة لخوفهم من تقديم الحرية بأي شكل من الأشكال في ظل التغيرات المجتمعية الكبيرة وسنجد أن هؤلاء الآباء الأشد صرامة وعلى الأغلب لا يشارك أطفالهم الكثير عن أنفسهم. ينشأ هؤلاء الأطفال في جو من السرية والتكتم للتخلص من سيطرة الوالدين.

هل يجب أختيار أحد الطريقتين أم أن الأنسب السعي وراء التوازن بين الاستراتيجيتين؟

حينما سعى أباء جيل الطفرة لفرض سلطة أبوية مطلقة نشأت أجيال محرومة من الحرية وأصبحت تسعى وراء حرية مطلقة لذا؛ نلاحظ أن كبار السن من شباب جيل الألفية أكثر ميلا للتساهل بإفراط مع الأطفال عند تنشئتهم أم الأن أصبح الكثيرين يبحثون عن نهج يراعي مزيد من التوازن.

إظهار الحب والقبول وإعطاء مساحة مناسبة من الحرية إلى جوار وضع الحدود الملائمة لسن الطفل. أصبحت الأجيال الحديثة تدرك أهمية تأهيل الطفل للتعبير عن نفسه وحماية نفسه مع تدريبه على اتخاذ القرارات بشكل أكثر حكمة ووعي.

أصبحت المساهمة في الأعمال المنزلية وتعليم المهارات الحياتية للأطفال أمر ضروري. الاهتمام بشرح عواقب الإختيارات والأفعال أصبح أولوية. كذلك مناقشة الطفل في سلوكياته السيئة هو الأكثر توازنا بدلا من توبيخه أو تجاهل السلوكيات السيئة بالكامل. أخيرا تحمل مسؤولية الاختيارات بدلا من توقع العقاب. نفهم من ذلك أن ثقافة الانضباط اختلفت عن مفهومها في أنماط التربية القديمة ولكنها احتفظت بأهميتها.

نفهم من ذلك أن تحقيق التوازن بين أساليب التربية القديمة والحديثة هو الأنسب بشكل كبير في الوقت الحالي لتربية جيل ألفا والأهم هو مراعاة احتياجات الأطفال أنفسهم وعدم الإكتفاء ينمط أو نهج واحد لكل الأطفال.

صورة Alvaro Reyes من Unsplash

أكثر المقالات

toTop