افعل الأشياء الصعبة إذا كنت تريد حياة سهلة: المهارة الوحيدة التي تغير كل شيء

يحب الدماغ البشري تجنب الأمور الصعبة. منذ بداية تطور الإنسان العاقل، درّبنا أدمغتنا على اتخاذ الطريق الأسهل لأن ذلك كان ضروريًا للبقاء على قيد الحياة. عندما كان أسلافنا يعيشون في البرية، كان توفير الطاقة أمرًا بالغ الأهمية. كان عليهم الصيد والبحث عن الطعام ومحاربة الأعداء والهروب من الحيوانات المفترسة. وأية خطوة خاطئة كانت ستؤدي إلى الهلاك.

اليوم، أصبح العالم أكثر أمانًا. لكن الدماغ البشري لم يتغير كثيرًا منذ أيام الصيد والجمع، ولا يزال عالقًا في العصر الحجري. لهذا السبب، إذا لم تقاوم، يختار الدماغ أسهل الطرق لحل المشكلات.

لذا، يمكنك إلقاء اللوم على التطور إذا وجدت صعوبة في النهوض عن الأريكة والذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية، أو إذا كنت تؤجل المشاريع الصعبة، أو إذا وجدت نفسك تفعل أشياء مثل النوم لوقت متأخر، وتناول الوجبات السريعة، وتصفح وسائل التواصل الاجتماعي، والقيام بعمليات شراء اندفاعية، أو مشاهدة مسلسل بشكل مفرط.

المشكلة هي أن هذه الأشياء ”السهلة“ تجعل الحياة أكثر صعوبة. إنها تبدو جيدة في البداية، ولكن بمرور الوقت، تؤدي إلى الملل والإحباط والندم.

لهذا السبب، إذا كنت تريد النجاح في الحياة، وإذا كنت تريد تحقيق أي شيء ذي قيمة، فأنت بحاجة إلى تجاوز الإعدادات الافتراضية لدماغك، والقيام بأشياء غير مريحة على المدى القصير.

في الواقع، القيام بالأمور ”الصعبة“ هو إحدى أقوى المهارات التي يمكنك اكتسابها. فمعها يمكنك أن تجعل حياتك مثيرة ومليئة بالمعنى والحرية. لنرَ كيف!

لا يتعلق الأمر بثقافة العمل الدؤوب أو تمجيد الإرهاق؛ بل يتعلق بالجهد الاستراتيجي: تطبيق ضغط منضبط في الأماكن الصحيحة لخلق مستقبل من النفوذ والحرية.

الآلية الأساسية - معادلة سهولة الحياة:

فكر في الحياة على أنها معادلة بسيطة:

الانزعاج قصير المدى + الجهد الطوعي = سهولة طويلة المدى (القدرة على التصرف، الحرية، السلام).

والراحة قصيرة المدى + التجنب = انزعاج طويل المدى (الإجهاد، القلق، العجز).

المهارة هي اختيار المعادلة الأولى باستمرار. هذه المهارة تغير كل شيء لأنها تعمل على مستويات متعددة.

المستوى الأوّل - التحول النفسي:

يتكيف دماغك، مثل جسمك، مع الإجهاد. من خلال الانخراط الطوعي في المهام الصعبة، فأنت لا تقوم فقط بإنجاز المهمة؛ بل تقوم بتدريب المرونة.

• المرونة العصبية: في كل مرة تتعامل فيها مع مشكلة صعبة، أو تدرس موضوعًا معقدًا، أو تجري محادثة صعبة، فإنك تكوّن مسارات عصبية جديدة. يتعلم دماغك أن الانزعاج ليس علامة توقف بل علامة للنمو. هذا يعيد توجيه استجابتك الافتراضية من ”التجنب“ إلى ”الانخراط والتغلب“.

• توسيع منطقة الراحة: يعيش معظم الناس في منطقة راحة صغيرة، ويخافون من أي شيء خارجها. من خلال القيام بالأشياء الصعبة باستمرار، فإنك توسّع منطقة راحتك حتى تشمل ما كان يبدو مستحيلًا في السابق. ما كان ”صعبًا“ في السابق (التحدث أمام الجمهور، التفاوض، البرمجة) يصبح أمرًا عاديًا، ويمكن التحكم فيه. يصبح عالمك أكبر، وتصبح مخاوفك أصغر.

الصورة بواسطة danielkirsch على pixabay

الخروج من القوقعة هو أساس التعلم والنمو

• نهاية التسويف: التسويف هو سارق الحياة السهلة. إنه يخلق ظلًا من القلق يلاحقك في كل لحظة تتجنب فيها مهمة ما. مهارة القيام بالأمور الصعبة أولاً تقضي على هذا الظل. يزول العبء على الفور، ما يخلق راحة ذهنية هائلة.

الصورة بواسطة Tima Miroshnichenko على pexels

التسويف سارق الحياة السهلة

كيف يغير ذلك كل شيء؟ تتوقف عن الخوف من التحدي، وتتحول حالتك الأساسية من القلق إلى الثقة الهادئة لأنك تعلم أنك قادر على التعامل مع أي شيء يواجهك.

المستوى الثاني - التحول العملي:

إن الخيارات الصغيرة ”الصعبة“، التي تتخذها باستمرار، تتراكم لتشكل ميزة لا يمكن دحضها. لنأخذ عدة أمثلة:

ماليًا: ”الصعب“ هو العيش بأقل من إمكانياتك، ووضع ميزانية، والاستثمار باستمرار، والتعلم المستمر لزيادة دخلك. ولكن الحياة السهلة هي الاستقلال المالي، وحرية اختيار العمل الذي تحبه، والمخاطرة في مشروع تجاري، أو تجاوز الأزمة الاقتصادية دون ذعر. لم تعد عبدًا لراتبك.

صحيًا: ”الصعب“ هو طهي وجبات صحية بدلاً من طلب الطعام الجاهز، والاستيقاظ مبكرًا لممارسة الرياضة، وإعطاء الأولوية للنوم. ولكن الحياة السهلة هي طاقة عالية، وصفاء ذهني، ومقاومة للأمراض، والقدرة على الاستمتاع بالحياة بنشاط حتى الشيخوخة. تتجنب الحياة المتمثلة في الأمراض المزمنة، والفواتير الطبية، والقيود الجسدية.

الصورة بواسطة Jenny Hill على unsplash

الرياضة ”صعبة“، ولكنها تجلب الحياة السهلة

معرفيًا ومهنيًا: ”الصعب“ هو التدرّب والدراسة عندما يمكنك الاستمتاع مثل الآخرين، وطرح الأسئلة ولو بدت محرجة. ولكن الحياة السهلة هي إتقان ما تفعله. تجعلك خبرتك ذا قيمة عالية، ما يؤدي إلى فرص عمل أفضل، وأجر أعلى، واحترام زملائك. يصبح العمل أسهل وأكثر متعة لأنك بارع فيه بشكل استثنائي.

كيف يغير ذلك كل شيء: تنتقل من حالة رد الفعل (حل المشاكل باستمرار) إلى حالة الاستباقية (منع المشاكل وخلق الفرص). تبني أنظمة تعمل لصالحك أثناء نومك.

المستوى الثالث - التحول الفلسفي:

تفرض هذه المهارة إعادة تعريف أساسية لمصطلحَي ”السهل“ و”الصعب“. فـالصعب حقًا هو الندم على الفرص الضائعة على فراش الموت، والشعور بالجمود في عمل تكرهه لأنك لا تملك مدخرات، والمعاناة من مشاكل صحية كان من الممكن تجنبها، والعيش في قلق دائم من عدم الاستعداد.

والسهل حقًا هو امتلاك الحيوية الجسدية للعب مع أحفادك، والاستيقاظ دون خوف مالي، وامتلاك الثقة لمعالجة المشاكل لأنك بنيت سجلًا حافلًا بالنجاح، وامتلاك الحرية في التحكم بوقتك وتركيزك.

الشخص الذي يتجنب الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية لأنها ”صعبة“ سيجد في النهاية أن واقع مرض السكري وأمراض القلب أصعب بكثير. والشخص الذي يتجنب العمل الشاق المتمثل في الادّخار سيجد أن واقع الفقر في الشيخوخة هو أصعب محنة على الإطلاق.

الصورة بواسطة rudyanderson على pixabay

رجل سعيد على شاطئ البحر

الخاتمة – عندما تصبح مؤلف حياتك:

عندما تتقن مهارة القيام بالأشياء الصعبة، تتوقف عن كونك شخصية في قصتك، تتأرجح بين تقلبات الحبكة والأشرار (سوء الحظ والأحداث الخارجية). تصبح أنت المؤلف. فما الفرق؟

• كشخصية: أنت تشكو من ظروفك، وترى المشاكل على أنها أشياء تحدث لك، وتشعر بالعجز.

• كمؤلف: أنت تصمّم الحبكة، وتقدم تحديات لشخصيتك لتتغلب عليها وتنمو منها. لديك السيطرة المطلقة على السرد.

من خلال اختيارك المستمر للطريق الصعب المتمثل في الانضباط والتعلم والنزاهة، فإنك تكتب قصة لنفسك تنتهي بالقوة والحكمة والحرية. الحياة السهلة هي ذروة تلك القصة، وهي حياة لا تتسم بالكسل، بل بالقدرة العميقة والسلام، والتي اكتسبتها صفحة تلو الأخرى من خلال الخيارات ”الصعبة“ التي اتخذتها على طول الطريق.

أكثر المقالات

toTop