أرض ظفار الخياليّة.. منشأ اللُّبان

ADVERTISEMENT

تقع ظفار جنوب الجزيرة العربية، وتغلب عليها سحب ضبابية ومناظر خضراء تمتد إلى بحر العرب. شكلت قديماً محطة تجارة اللبان والبخور، حيث انطلقت منها قوافل البر والبحر إلى الهند والصين والشام وبلاد ما بين النهرين ومصر وأوروبا، عبر موانئ مثل سمهرم «خور روري» المسجل لدى اليونسكو ضمن التراث العالمي.

اللبّان هو صمغ يُجمع من شجرة «البوسويليا»، يُحرق لرائحته الطيبة ويُستعمل دواءً. أطلق عليه الرومان «شجرة الدمع الأبيض»، وذكر المؤرخ بلينيوس أن سكان ظفار ازدهروا بفضلها. عُرفت حضرموت قديماً بمملكة اللبان والبخور لكثرة صادراتها منه.

ADVERTISEMENT

ذكر هيرودوت وسترابو اللبان دون أن يحددا موضعه. بقي الموقع غير معروف حتى أثبت الجراح كارتر في القرن التاسع عشر أن جبال ظفار هي المصدر، فلقّبه الناس بـ«الذهب الأبيض». يحمل اللبان تاريخاً يمتد لآلاف السنين.

تضم ظفار أربعة موانئ قديمة كانت محطات رئيسية على «طريق اللبان». أشهرها ميناء البليد الذي يزيد عمره على أربعة آلاف سنة، ووصفه ابن بطوطة وماركو بولو بأنه سوق حيوي على طريق الحرير البحري. يليه ميناء سمهرم، ثم حاسك وموانئ أخرى استقبلت سفن الشرق.

في عام 1930 عثر الرحالة الإنجليزي برترام توماس على أنقاض مدينة البليد، فبدأت التنقيبات بعد عشرين عاماً. لا تزال الأطلال تحكي قصص التجارة والحضارات التي عبرت القارات.

ADVERTISEMENT

يحتوي اللبان على مادة كورتيزون طبيعية فعالة وخالية من الأعراض الجانبية. استعمله قدماء المصريين والهنود والصينيون لأمراض القلب والذاكرة، ولطرد الأرواح. اليوم يُستخرج منه دواء.

يُصنّف لبان ظفار إلى أربعة أنواع رئيسية: الشعبي، النجدي، الشزري، وأفضلها الحوجري ذو اللون الأحمر الذي يُفضّل للعلاج. الأنواع الباقية تُستعمل بخوراً.

رغم زوال السفن القديمة والتجارة التقليدية، تروي آثار البليد قصة قرون من النفوذ والثقافة والتواصل البشري، لتستحق ظفار لقب «أرض العرب الخيالية».

toTop